استاذ العلوم السياسية باسم تليلان
ربما لو لم يكن هنالك السابع من اكتوبر لاخترعه نتنياهو لانه كان يحمل الارادة الكاملة لشن هذا العدوان على غزة الذي وصفه منذ بواكيره بالحرب الطويلة مخالفا بذلك سنة الصهيانة بالقتال اذ يفضلون الحرب الخاطفة السريعة ذات الوقت القصير لكن كان طموح نتنياهو باستغلال مسرحية قتل الاطفال الكاذبة و الاعلام الغربي المتطرف لجذب و استعطاف قادة العالم و على رأسهم امريكا بريطانيا المانيا فرنسا اليابان كندا وغيرهم دفعه للتخطيط الى عدوان طويل يخدم مصالحه السياسية و يحاول ان يعيد احتلال غزة و انهاء الوجود العسكري فيها و استطاع الحصول على الدعم المتواصل لتنفيذ المخططات الاجرامية لابادة هذا الشعب المقهور و المحاصر اصلا.اضافة اعلان
لا شك ان الولايات المتحدة الامريكية هي المحرك و الداعم الرئيس للكيان الصهيوني طيلة العدوان على غزة فقد قدمت له اسنادا عسكريا بالمعدات و الطائرات و البوارج و الذخيرة بشكل غير مسبوق ساهمت بشكل مباشر في استمرار الابادة الجماعية التي انتهجها الكيان الصهيوني كما قدمت الولايات المتحدة دعما سياسيا منقطع النظير و افشلت اي قرارات اممية من خلال حق الاعتراض في مجلس الامن وبذلك منحت الكيان الصهيوني القدرتين العسكرية و السياسية التي استطاع نتنياهو استغلالهما استغلالا كبيرا في محاولة اطالة امد الحرب و قتل اكبر عدد من الغزيين وتدمير كافة معالم الحياة من تعليم و صحة و امن وغيره حتى اصبحت اعداد الشهداء المدنين تنوف عن 45 الفا و الجرحى اضعافهم وسط صمت عالمي تفرضه علاقات معظم الدول مع الولايات المتحدة الامريكية و كانت معظم محاولات بلينكن لاجراء هدنة او ايقاف الحرب مجرد الهاء و مماطلة لم تؤد اي نتائج حقيقة على ارض الواقع.
ولكن بعد خسارة الحزب الديمقراطي بمواجهة ترامب اختلت المعادلة وبدأت الحسابات تجري بعد عكسي حول بقاء الدعم الامريكي و رغبة ترامب الواضحة بادارة العالم عن طريق الصفقة السياسية مقدما مصلحة الولايات المتحدة على كل شيء و من ضمنها انهاء العدوان في غزة الامر الذي دفع بايدن وحزبه ايضا الى احراز تحركات لوقف اطلاق النار قبل تسليم ترامب ليتم حسابه بشكل او آخر لصالح الحزب الديمقراطي وهذا يؤسس بالطبع للأنتخابات اللاحقة في الولايات المتحدة الامريكية فهنا يمكن القول ان الادارتين الامريكيتين التقتا على هدف انجاز صفقة لوقف اطلاق النار.
نتنياهو بدوره حدد مصالحه مع الرئيس المنتخب الذي سيكون اللاعب الرئيسي في استقرار الكيان الصهيوني و تحقيق رؤى شرق اوسط جديد ودعم وجود الدولة العبرية على كامل فلسطين فمن هنا فرض ترامب اوراقه و احكمها في مواجهة نتنياهو لايقاف العدوان في غزة والتي قبل بها نتنياهو في محاولة ناجحة على ما يبدو لنيل رضا الرئيس المقبل للولايات المتحدة الامريكية دونالد ترامب.
واجه و سيواجه نتنياهو قوى اليمين المتطرف الذين يرفضون وقف الحرب و ابرزهم بن غفير و سيموترتش ولكنه سيحظى بالاغلبية نتيجة الانهيارات الاقتصادية في الكيان وعدم الجدوى من استمرار العدوان بلا اهداف واضحة خصوصا بعد موت الكثير من الاسرى و الجنود من الكيان الصهيوني وبالتالي سيتم الانسحاب من كامل قطاع غزة المدمر و سيفرجون عن 1250 اسير فلسطيني محكومين بمدد طويلة تصل الى المؤبد لكن ما هي السيناريوهات لما بعد الصفقة في غزة وما هو المآل؟؟
اولا - سيناريو الحكم العسكري المدني المشترك و الذي برز في السابق كاقوى سيناريو محتمل بحيث يكون حاكم عسكري من الكيان الصهيوني و ادارة محلية مدنية من قطاع غزة وهذا في ضل الصفقة الاخيرة و تولي ترامب الرئاسة لن يكون له نصيب لاسباب عدة لاتتوافق مع مصالح الكيان الصهيوني و لا يلبي توجهات صفقة ترامب في ولايته الاولى.
ثانيا- واما السيناريو الاخر فيكمن في النوايا الحقيقية لتوجهات نتنياهو اذ عادة ما يترك الباب في الاتفاقيات بشكل "موارب" اي لا مغلق و لا مفتوح ليحدد رغبته وفق مصالحه لا حقا مما يعني ان نتنياهو اذا ضمن دعم ترامب للحرب مستقبلا و هذا ما لا اعتقده فمن الممكن ان يستأنف العدوان على غزة بعد اعادة التنظيم و استلام عدد من الاسرى ورصد نقاط استخباراتية جديدة قبل الذهاب الى المرحلة الثانية لاسيما ان نتنياهو كان مبدعا في تعطيل الصفقات و عدم اتمامها و الانقلاب عليها.
ثالثا- اما السيناريو الثالث فيتعلق بوجود ادارة محلية مدنية لا تحسب على حركة المقاومة حماس و لا تتبع باي شكل السلطة الفلسطينية و تتكون من شخصيات تتوافق مع دول الطوق مصر و الاردن وتكون بعيدة عن توليفة ايران و حزب الله و من الممكن جدا ان تكون هناك قوات دولية اممية لفرض النظام ومنع وصول حماس الى السلطة مجددا.
رابعا - ونطالع السيناريو الاخير وفق صفقة ترامب الاولى بوجود دولة فلسطينية موحدة تحت رئاسة واحدة منزوعة السلاح تخضع لتدخل الكيان الصهيوني في اي وقت و تتيح الفرصة لرئيس براغماتي جديد يستطيع التوفيق بين الضفة و القطاع خصوصا بعد استشهاد القيادة السياسية لحماس و اضعاف قوتها نسبيا و حاجة القطاع الماسة لدولة مدنية قادرة على تضميد الجراح وكذلك ضمن محاصصة سياسية عادلة وهذا السيناريو يضمن استئناف بعض مبادرات الانفتاح الصهيوني على دول عربية كبرى يحقق التعاون معها مصالح كبرى للكيان الصهيوني.
0 تعليق