أبوظبي: «الخليج»
شهد اليوم الثاني من القمة العالمية لطاقة المستقبل 2025 تركيزاً على مواضيع الطاقة الشمسية والنظيفة والذكاء الاصطناعي، ليكون ملتقى للشخصيات الحكومية ورواد القطاع في نقاشات بنّاءة لدفع عجلة المستقبل خلال الفعالية التي تستضيفها شركة مصدر ضمن مركز أبوظبي الوطني للمعارض في إطار أسبوع أبوظبي للاستدامة.
وقد ألقى حاكم ألاسكا مايكل جيه دنليفي كلمة رئيسية في افتتاح مؤتمر الطاقة الشمسية والنظيفة، وتحدث خلالها عن مبادرات الطاقة المستدامة في ولايته مسلطاً الضوء على إمكانيات الولاية الكبيرة في احتجاز وتخزين الكربون. وأكد دنليفي، أهمية توفير حلول الطاقة العملية بأسعار مدروسة، معرباً عن تفاؤله بآفاق التعاون المستقبلي مع الإمارات العربية المتحدة.
وقال دنليفي: «يختلف مناخ دولة الإمارات عن ألاسكا بشكل كبير، لكن يمتلك كلانا الكثير من الموارد الطبيعية والثقة بأهمية الحفاظ على هذه الثروات للأجيال القادمة المدينة لنا باتباع سياسات تضمن استدامة هذه الموارد وليس فقط توفيرها. ونؤمن بأن الطاقة تحمل معها إمكانيات الرخاء والازدهار الاقتصادي، وهي ضرورية لتقدم الحضارة والابتكار ونتطلّع إلى التعاون مع دولة الإمارات لتحويل رؤيتنا المشتركة إلى حقائق تعود بالنفع على البشرية وكوكب الأرض معاً».
حلقة نقاشية
وتلا ذلك حلقة نقاشية حول دور شبكات الطاقة في مضاعفة الطاقة المتجددة بثلاث مرات، بمشاركة مريم الشامسي، مهندسة الاستدامة في إدارة الطاقة المستقبلية بوزارة الطاقة والبنية التحتية في دولة الإمارات؛ والمهندس يوسف العلي؛ الرئيس التنفيذي لشركة الاتحاد للماء والكهرباء؛ ولوك كوشلين، الرئيس التنفيذي لمجموعة «إي دي إف» في الشرق الأوسط؛ والدكتور بروس ستيدال، الرئيس التنفيذي للعمليات في شركة أبوظبي الوطنية للطاقة. وناقش المتحدثون التحديات والخطوات التالية لدمج الطاقة المتجددة في الشبكة، مؤكدين الحاجة إلى استثمارات كبيرة وإدارة الطلب بشكل أكثر كفاءة.
وبالحديث عن التحديات التي تواجه الطاقة المتجددة، أوضح العلي: «يعيدني التفكير بالعواقب التي تواجه الطاقة المتجددة إلى الدورة الأولى من القمة هنا في عام 2008، حيث كان لدينا بعض الشكوك حول إمكانية تطبيق هذه الحلول التي تحولت اليوم إلى حقيقة. ونواجه اليوم في دولة الإمارات تحدياً يكمن في أنه على الرغم من انخفاض معدل الاستهلاك بنسبة 30% في الشتاء، إلا أنّه يتعيّن علينا تصميم شبكاتنا وقدراتنا بالكامل لتلبية الطلب في أوقات الذروة في الصيف، وذلك على خلاف دول أخرى بإمكاننا توطيد تعاوننا معها لإيجاد سبل لتصدير واستيراد الكهرباء بكلفة أقل في أوقات معينة».
وأضاف كوشلين، من مجموعة إي دي إف، أكبر مطور أجنبي للطاقة المتجددة في الإمارات: «تبذل أوروبا الكثير من الجهود فيما يتعلّق بإدارة الطلب لتطوير الشبكات وتحسين السلوكيات، إذا بالإمكان استخدام المركبات الكهربائية بصفتها مخزناً موزعاً؛ ما يعني تحويل منحنى الطلب من خلال إدارة تخزين الشبكة بشكل صحيح وطريقة شحن المركبات».
مكافحة تغير المناخ
وعلى جانب آخر، تناولت اثنتان من الجلسات الحلول التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي لمكافحة تغير المناخ، واستعرض خبراء من الأوساط الأكاديمية والقطاع الخاص الإمكانات التحويلية للذكاء الاصطناعي لتشكيل وتعزيز التقنيات الجديدة التي تركز على المناخ للمساعدة على تخفيض الانبعاثات العالمية التي يحتاج إليها المجتمع.
وفي معرض مناقشة قوة الذكاء الاصطناعي كأداة للتخفيف والابتكار والتكيف عبر منظومة التحول في مجال الطاقة، شددت الدكتورة ديانا فرنسيس، رئيسة مختبر العلوم البيئية والجيوفيزيائية في جامعة خليفة، على ضرورة دمج الذكاء الاصطناعي بشكل شامل للمساعدة على حل قضايا الطاقة الملحّة. وتطرّقت فرنسيس إلى قدرة أنظمة الإنذار المبكر التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي على التكيف للمساعدة على نمذجة توقعات المناخ أو إدارة الشبكة التي تعمل بالذكاء الاصطناعي، وذلك للتنبؤ بدورات الطلب على الطاقة والحد من الهدر. وأوضحت: «نحن بحاجة إلى دفع التحول بمجال الطاقة في أقرب وقت ممكن، والذكاء الاصطناعي هو المسرع الذي يمكن أن يساعدنا على إيجاد حلول مبتكرة لمستقبل مستدام. ويمكننا الاستفادة من قدرة الذكاء الاصطناعي على التنبؤ بالطلب على الطاقة، ومن ثم، مساعدة الطاقات المتجددة على تلبية هذا الطلب من خلال عمليات فعالة».
خرائط مفتوحة المصدر
أوضح جاي صادق، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة فورتي جارد، كيف قامت الشركة التي تتخذ من أبوظبي مقراً لها ببناء نموذج درجة الحرارة الكبير الخاص بها (LTM) لإنشاء منصة فريدة من نوعها لدرجة الحرارة بصفتها خدمة تتميز برسم خرائط مفتوحة المصدر ولوحات معلومات متقدمة وواجهات برمجة تطبيقات مؤسسية توفر بيانات ومعلومات شاملة عن درجة الحرارة في الوقت الفعلي لمختلف الصناعات.
وصرّح صادق: «هناك 3.5 مليار شخص يعيشون الآن في مناخات حارة، وستكون درجة الحرارة مشكلتنا الأولى بصفتنا بشراً ودولاً وصناعيين بحلول عام 2030. ما تقدمه لوحة معلومات درجة الحرارة لدينا هو نظام يحتوي على 42 مليار نقطة بيانات تمكن المستخدمين في العديد من المناطق، يمكن للأشخاص اختيار مسارات المشي بناء على الشوارع الأكثر برودة، أو اختيار مكان العيش بناء على مجتمعات أكثر برودة من المتوسط يتم تحديدها من خلال تحليلات تعتمد على درجة الحرارة. إذا تمكنا من الاستفادة من البيانات وتكييفها للتنبؤ بمستويات درجات الحرارة المستقبلية، فيمكننا تحسين الحياة».
أشجار القرم
ومن جهتها، توظف شركة «نبات» الإماراتية مزايا الذكاء الاصطناعي في محاولة لاستعادة أعداد أشجار القرم في الإمارات، وخلال مشاركتها في القمة أكدت الشركة، التي دخلت في شراكة مع هيئة البيئة - أبوظبي لاستعادة آلاف الهكتارات من أشجار القرم في جميع أنحاء الدولة بحلول عام 2030، أنها ستواصل الاستفادة من الذكاء الاصطناعي مع توسعها إلى مناطق أخرى، حيث تتعرض أشجار القرم للخطر، فضلاً عن النظم البيئية الأخرى مثل الصحاري والغابات والأراضي الزراعية والشعاب المرجانية. ومن خلال الحفاظ على أشجار القرم واستعادتها، والتي تشتهر بقدرتها على احتجاز وتخزين ثاني أكسيد الكربون، تدعم «نبات» بشكل مباشر أهداف المنطقة للحد من انبعاثات غازات الدفيئة وتعزيز التنوع البيولوجي، وتحسين قدرة المجتمعات الساحلية على الصمود في مواجهة آثار تغير المناخ.
وتعليقاً على هذا الموضوع، قالت جينيفر سيمونجان، مديرة الأبحاث في «نبات»: «تقدم التقنيات المتطورة حلولاً لأكثر مشاكل عالمنا تعقيداً اليوم، وهذا ما نحاول فعله عن طريق الذكاء الاصطناعي المتطور والروبوتات المستقلة التي تم تطويرها في معهد الابتكار التكنولوجي في أبوظبي، ونعتقد أن عملنا في جميع أنحاء المنطقة لاستعادة النظم البيئية الحيوية سيؤدي دوراً رئيسياً في رحلتنا الجماعية نحو تحقيق صافي الانبعاثات الصفري».
وفي ملتقى كليكس، وهو إحدى مبادرات القمة المصممة لتفعيل دور السيدات في قطاع الطاقة التي تحظى بدعم مؤسسة المسرعات المستقلة لدولة الإمارات العربية المتحدة للتغير المناخي، تم استعراض العديد من الأفكار والحلول الرائدة لمكافحة تغير المناخ من قبل 25 شركة ناشئة أسستها أو تديرها سيدات.
ويعود ملتقى تبادل الابتكارات بمجال المناخ (كليكس) هذا العام تحت شعار «الدور الحاسم للمرأة في محادثات المناخ»، ليسلّط الضوء على فعالية كليكس للذكاء الاصطناعي الجديدة لعام 2025، مع 10 شركات ناشئة رائدة. بما فيها شركة كاما كلايمت، التي طورت مجموعة بيانات مناخية الأكثر تقدماً من نوعها لتحويل ملايين نقاط بيانات الملكية إلى ملفات تعريف بيئية مفصلة. ويزود محرك البيانات الخاص بها مقرضي الرهن العقاري وشركات العقارات وشركات الطاقة والهيئات في القطاع العام برؤى بالغة الأهمية لإدارة مخاطر المناخ، وتلبية المتطلبات التنظيمية وتسويق التقنيات منخفضة الانبعاثات الكربونية.
وتقود الشركة التحول نحو مستقبل مستدام ومنخفض الكربون، وأشارت أورلا شيلدز، الرئيسة التنفيذية ومؤسسة شركة «كاما كلايمت»: «أتاحت لنا المشاركة في فعالية كليكس للذكاء الاصطناعي، فرصة رائعة لتقديم أحدث تقنياتنا وبياناتنا المناخية للمستثمرين والشركات في جميع أنحاء الشرق الأوسط. وبصفتنا شركة تكنولوجية متخصصة في تحليل ونمذجة مسارات الانبعاثات الصفرية الصافية للبيئة المبنية، فقد كان الدعم والتواصل الذي تلقيناه هنا منقطع النظير. ويوفر ملتقى كليكس في إطار القمة العالمية للطاقة المستقبلية منصة بارزة للشركات الناشئة التي تقودها السيدات لإطلاقها وتنميتها وتأسيس حضور هادف لها في المنطقة».
وصممت شركة «أومراغريو» البرازيلية حلاً مدعوماً بالذكاء الاصطناعي لإدارة حرائق الغابات التي تغطي أكثر من 17.5 مليون هكتار من مناطق الغابات في جميع أنحاء البرازيل. ويمتاز البرنامج بقدرته على «كشف الدخان» خلال ثلاث ثوانٍ باستخدام الذكاء الاصطناعي، ما قلّل من احتمالية احتراق المناطق بنسبة تصل إلى 90%. وبيّنت إيمي أريكاوا، كبيرة مسؤولي الإيرادات في الشركة: «نستهدف الأسواق المشاركة في الحفاظ على الغابات والزراعة وحماية البيئة، ونسعى إلى التعاون مع الشركات الخاصة والحكومات وإبرام الشراكات بين القطاعين العام والخاص لجلب حلولنا المبتكرة إلى المقدمة».
0 تعليق