مع انتهاء زيارة دولة قام بها حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ملك البلاد المعظّم، إلى سلطنة عُمان الشقيقة، تكتمل صفحة مُشرقة في سجلّ العلاقات الأخوية التي تجمع البلدين.
لم تكن هذه الزيارة مجرّد حدث دبلوماسي عابر، بل لحظةً فارقةً أعادت صياغة أُطر التعاون ورسمت مساراً جديداً لمستقبل أكثر إشراقاً لشعبي البلدين الشقيقين.
الزيارة التي بدأت بحفاوة استقبال استثنائية امتدتْ إلى أروقة العمل المشترك، حيث عُقدت جلسات مباحثات عميقة بين جلالة الملك المعظّم وجلالة السلطان هيثم بن طارق، سلطان سلطنة عُمان.
هذه المباحثات لم تكن مجرّد تبادل للآراء، بل منصةً لترسيخ رؤية موحّدة قائمة على تعزيز التعاون الاقتصادي والسياسي والأمني، بما يضمن تحقيق التكامل المستدام الذي يخدم المصالح الوطنية ويُعزّز الاستقرار الإقليمي.
ما يميز هذه الزيارة هو ما تمخّض عنها من نتائج ملموسة، حيث وُقّعت 25 اتفاقية ومذكرة تفاهم تُمثّل حجر الأساس لمشاريع استراتيجية تسعى لتعزيز الترابط بين البحرين وعُمان.
هذه الاتفاقيات تعكس تطلُّع القيادتين إلى تحقيق التنمية المستدامة من خلال تعاون مشترك يشمل مجالات عدّة، مثل الاقتصاد، والتجارة، والسياحة، والاستثمار، مع التركيز على خلق فرص جديدة لشعبي البلدين الشقيقين.
ولم تكن المباحثات اقتصاديةً فحسب، بل شملت نقاشات معمّقة حول التحديات الإقليمية والدولية. وأظهرت القيادتان توافقاً كبيراً في وجهات النظر حيال القضايا الراهنة، وأكدتا على ضرورة تعزيز العمل الخليجي المشترك لمواجهة التحدّيات الأمنية والاقتصادية التي تواجه المنطقة.
كما شدّدتا على أهمية بناء جسور التعاون مع المجتمع الدولي لتحقيق الاستقرار والسلام في العالم، مما يعكس الدور المحوري الذي يُمكن أن تلعبه البحرين وعُمان على الساحة الدولية.
اللقاءات الجانبية التي أجراها جلالة الملك المعظّم مع رجال الأعمال وأعضاء غُرف التجارة والصناعة من البلدين، سلّطت الضوء على الأبعاد الاقتصادية للزيارة، حيث ناقشت فُرص تعزيز التجارة البينية، وتوسيع الاستثمارات المشتركة، ودعم القطاع الخاص ليكون شريكاً فاعلاً في تحقيق الرؤى التنموية.
أما البيان المشترك الصادر في ختام الزيارة، فقد جسّد عمق التفاهم والتنسيق بين البلدين، مؤكداً التزام القيادتين بالعمل على تعزيز العلاقات الثنائية، وتطويرها بما يتوافق مع تطلّعات الشعبين، وفتح آفاق أوسع للتعاون الإقليمي والدولي.
الزيارة، بمخرجاتها المتنوّعة، لم تكن مجرّد تأكيد على متانة العلاقات التاريخية بين البحرين وعُمان، بل هي خطوة نوعية نحو بناء شراكة استراتيجية تمتد إلى المستقبل.
الشراكة التي باتت اليوم نموذجاً يُحتذى به في العالم العربي، تجمع بين الإرث الثقافي العريق والرؤية التنموية الطموحة.
ما تَحقّق خلال هذه الزيارة لن ينعكس فقط على العلاقات الثنائية، بل سيمتد أثره ليعزز من وحدة الصف الخليجي ويزيد من قدرة المنطقة على مواجهة التحديات، خصوصاً في ظل الظروف الدولية الراهنة.
إنها رسالة واضحة بأن البحرين وعُمان، بقيادتهما الحكيمة، قادرتان على تحقيق التوازن بين الحفاظ على الهوية الوطنية وتعزيز الانفتاح والتعاون على الصعيدين الإقليمي والدولي.
ختاماِ، يمكن القول إن زيارة جلالة الملك المعظم إلى عُمان ليست إلا بداية لمرحلة جديدة من التعاون المتكامل.
إنها زيارة تكتب بمداد من الذهب في سجل العلاقات البحرينية العمانية، وتترك إرثاً من الإنجازات والآمال التي ستُثمر مستقبلًا مزدهرًا ومشرقًا للبلدين الشقيقين.
هذه الزيارة ليست مجرّد ذكرى، بل هي دعامة قوية تقف عليها رؤى قادة البلدين، وتدفع شعبيهما إلى الأمام نحو مزيد من الوحدة والرخاء.
مسقط - عبدالله إلهامي
0 تعليق