التعليم الابتكاري وتوظيف التكنولوجيا.. كيف يسهمان بتحسين الجودة؟

الغد 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
عمان– في ظل التحولات السريعة والتقدم التكنولوجي المستمر، يبرز التعليم الابتكاري كأدة جوهرية لتحسين جودة التعليم.
وبينما يعتمد هذا النهج التعليمي على استخدام التكنولوجيا الحديثة كوسيلة لتحفيز التفكير النقدي والإبداعي لدى الطلبة، من خلال دمج التفنيات الحديثة، وتبني أساليب تدريسية تشمل المشروعات التعاونية والتعليم التفاعلي، أكد خبراء تربويون أن تبني التعليم الابتكاري هو المفتاح لبناء قدرات بشرية مبدعة وقادرة على التعامل مع التحديات التكنولوجية المستقبلية لأنه سيمكن الطلبة من تطوير مهاراتهم في هذا المجال، ويمكنهم من مهارات التعامل مع التكنولوجيات المستقبلية.اضافة اعلان
وبينوا في أحاديث منفصلة لـ"الغد"، أن النظام التعليمي هو الأداة الكفيلة بتحقيق التوجيهات الملكية السامية التي بعث بها جلالة الملك عبدالله الثاني إلى رئيس الوزراء الدكتور جعفر حسان بشأن تشكيل المجلس الوطني لتكنولوجيا المستقبل، لتعزيز مكانة الأردن كدولة متقدمة في القطاع، مشيرين إلى أن تنفيذ هذا التوجه يقتضي الإسراع بتطوير البنية التحتية في المؤسسات التعليمية لتكون الحاضنة الأولى لإعداد الموارد البشرية اللازمة لإدارة المرحلة.
وفي هذا السياق، أكد الخبير التربوي الدكتور محمد أبو غزلة، أن التطورات التكنولوجية المتلاحقة، والمطالبات المتكررة بتطوير النظام التعليمي، تلزم البحث عن مداخل تطويرية لعناصر منظومة التعليم، وأهمها عملية التدريس بطرقها وإستراتيجياتها وأساليبها المتعددة، وتمكين المعلم منها باعتباره المحور الأساس لها.
وأشار أبو غزلة إلى أهمية التركيز على التعلم الابتكاري كمظلة لكل أدوات التدريس كوسيلة لتعزيز التفكير الإبداعي والتطوير الذاتي للطلبة، وتمكينهم من مهارات التعاون مع أقرانهم، وتحفيزهم على التفكير النقدي، وحل مشكلاتهم اليومية والحياتية بطرق مبتكرة، مع توظيفهم أدوات التكنولوجيا وتقنيات الذكاء الاصطناعي ليتواصلوا مع محيطهم بطرق إبداعية وابتكارية، وموظفين فيها أحدث التقنيات التكنولوجية.
وأوضح أن هذا يستدعي التركيز في المرحلة المقبلة على تضمين برامج تدريب المعلمين جميع الأدوات الابتكارية في تدريس المواقف التعليمية الحياتية، المرتبطة باحتياجاتهم اليومية والمستقبلية، والتي تمكن الطلبة أنفسهم من عيش تجربة تعليمية إبداعية تنمي لديهم مهارات التفكير المتعددة التي تساعدهم في التكيف والتفكير بطرق جديدة ومبتكرة، وتزيد دافعيتهم على التعلم المستمر.
وبين أن التوجيهات الملكية السامية التي بعث بها جلالة الملك عبدالله الثاني إلى رئيس الوزراء الدكتور جعفر حسان، بشأن تشكيل المجلس الوطني لتكنولوجيا المستقبل أكدت أهمية تعزيز مكانة الأردن كدولة متقدمة تكنولوجيا تتمتع باقتصاد ومجتمع رقمي مزدهر، خصوصا في ظل التنافسية العالمية لتبني واستخدام التكنولوجيا الحديثة.
ولفت إلى أن النظام التعليمي هو الأداة الكفيلة لتحقيق ذلك، وخاصة في ظل ما يشهده العالم من تطورات معرفية وتكنولوجية وتقنيات ذكاء اصطناعي، سيما بعد الثورة الصناعية الرابعة.
وقال إن نظام التعليم الأردني، بشقيه العام والعالي، مدعو الآن لإعادة التفكير في سياساته وخططه وبرامجه ومناهجه وأدواته ومختبراته، لتركز على المستقبل التكنولوجي، ما يتطلب توجيه هذه السياسات والخطط لتعزيز برامج تعليمية مبتكرة في مجالات مثل الذكاء الاصطناعي، والروبوتات، للمساعدة في إعداد طلبة قادرين على ابتكار حلول تكنولوجية جديدة، من خلال البحث والتطوير لمشاريع بحثية وتجارب حقيقية في بيئة تعليمية مرنة تواكب تطورات العصر. 
وأضاف إن المشاريع التي تتبناها وزارة التربية والتعليم ضمن برنامج المسار المهني التقني (BTEC) والتخصصات التي تم طرحها في هذا المسار هي ترجمة لهذه التوجهات، ويجب أن تعمل الوزارة على إعادة النظر في معايير القبول للطلبة خريجي هذه التخصصات ومشروع رقمنة المناهج، ناهيك عن وجود الجامعات التقنية كجامعة الحسين التقنية التي تطرح تخصصات تقنية سيكون لخريجها دور في التنمية الاقتصادية، إضافة إلى ما تقوم به الجامعات من طرح  تخصصات في تكنولوجيا التعليم والذكاء الاصطناعي والرقمي.
ورأى أبوغزلة أن هذه المبادرات والمشاريع تتطلب تبني التعلم الابتكاري ليكون هو المنهج للمعلمين، والمفتاح نحو بناء قدرات بشرية مبدعة وقادرة على التعامل مع التحديات التكنولوجية المستقبلية؛ لأنه سيمكن الطلبة من تطوير مهارات التفكير النقدي والإبداعي لديهم، ويمكنهم من مهارات التعامل مع التكنولوجيات المستقبلية، وحتى القدرة على التكيف مع التغيرات المستمرة فيها؛ لأنه سيمكن الطلبة من المعارف والمهارات القيادية في ظل الاتجاهات والمهارات المستقبلية التي يحتاجها سوق العمل المحلي والعالمي، وبالتالي بناء جيل قادر على المساهمة في الاقتصاد المستدام للدولة.
وشدد أبو غزلة على ضرورة توظيف التعليم الابتكاري في العملية التعليمية، لما له من تأثير عميق على جودة التعليم، من خلال إعادة تشكيل طرق التعليم والتعلم، وتحسين فعالية النظام التعليمي، وزيادة الوصول إلى الفرص التعليمية إذا تم استخدام أساليب تدريس تفاعلية تركز على التعلم القائم على المشاريع أو التعلم التعاوني، ما يجعل الطلبة أكثر اندماجا في العملية التعليمية، مع توفير البنية التقنية المناسبة وأدوات التعلم، على غرار منصات التعلم التفاعلي، والتعليم المتمازج والهجين، والألعاب التعليمية، والتعلم الافتراضي.
واعتبر أن تبني التعليم الابتكاري هو أمر في غاية الأهمية، ومتطلب لتطوير التعليم وتوظيف التكنولوجيا الرقمية، كونه القادر على إحداث تغييرات جذرية في تحسين أدوات وعناصر المنظومة التعليمية من مدخلات وعمليات، كالتخطيط للتدريس، والمناهج، وطرق التدريس والتقييم، وتحسين مخرجات التعليم، وتلبية حاجات سوق العمل، فضلا عن التنمية المستدامة، وتحسين جودة النظام التعليمي ومكانته.
بدورها قالت الخبيرة التربوية الدكتورة نجوى القبيلات إن العالم يشهد تغييرا متسارعا في مجالات الحياة المختلفة، ويعد قطاع التعليم الرافد الأساس للقطاعات الأخرى بالموارد البشرية الكفؤة والتي تمكن القطاعات من الاستجابة لتلك التغييرات.
وأضافت إن التعليم الابتكاري أولوية للأنظمة التعليمية في مختلف البلدان، إذ يعد نهجا تعليميا يركز على تشجيع التفكير الإبداعي والابتكار لدى الطلبة، من خلال التنويع في استخدام إستراتيجيات التدريس التي تعتبر الطالب شريكا في العملية التعليمية، ويقع عليه جزء من مسؤولية تعلمه، ويقع عليه دور كبير وفاعل في الوصول إلى المعلومة، وتطوير مهاراته.
وأوضحت أن التعليم الابتكاري يعد من الأساليب الفاعلة في تنمية التفكير لدى الطلبة، من خلال التعلم القائم على المشروعات وحل المشكلات، والتعليم التعاوني، والتعلم بالاكتشاف، وتوظيف التكنولوجيا وغيرها من الإستراتيجيات التي توفر للطلبة فرصا حقيقية في تنمية مهارات التفكير لديهم، وتساعدهم في حل المشكلات بأساليب علمية تعتمد وضع الفرضيات واختبارها، وكذلك العمل بروح الفريق، واستخدام أساليب البحث العلمي، وتشجع على الاكتشاف.
وأضافت إن توظيف التكنولوجيا يساعد في إثراء بيئة التعلم، وتشجيع الطلبة على التفكير الإبداعي والابتكار، من خلال توفير تجارب تعليمية، والوصول السريع للموارد التعليمية، ويمكّن الطلبة والمعلمين من تقييم الأداء بأساليب غير تقليدية تنعكس إيجابا على توفير تغذية راجعة فورية تحسن الأداء.
ويؤدي التعليم الابتكاري، بحسب القبيلات، إلى تطوير مهارات التفكير النقدي لدى الطلبة، وزيادة الإبداع والابتكار، وتطوير مهارة حل المشكلة، فضلا عن تحسين مهارات التواصل بين الطلبة والمعلمين، وذلك بتوفير فرص التعلم التي تتطلب عملا جماعيا وتواصلا مع البيئة والمجتمع، وهذا يؤدي إلى تحسين مخرجات التعليم.
ولتعزيز التعلم الابتكاري، لا بد أيضا من التركيز والتوظيف الفاعل للتكنولوجيا في التعليم، والعمل على تطوير مهارات البرمجة، لإنتاج حلول تكنولوجية مبتكرة، تساهم بشكل عملي في مواجهة التحديات التي تواجه قطاع التعليم، وبالتالي بقية القطاعات لتتمكن جميعها من استخدام التطبيقات الحديثة وأنظمة الذكاء اصطناعي بطريقة آمنة وفاعلة تجعل الحياة أسهل، بحسب القبيلات.
وزادت: "وتنفيذا لهذا التوجه، لا بد من الإسراع في تطوير البنية التحتية في المؤسسات التعليمية لتكون الحاضنة الأولى لإعداد الموارد البشرية اللازمة لإدارة المرحلة، بإكسابهم المعارف والمهارات، وبناء الاتجاهات الايجابية اللازمة، ليكون الأردن من الدول المتقدمة في إنتاج التكنولوجيا وتوظيفها في مختلف القطاعات." 
من جانبها، رأت الخبيرة التربوية الدكتورة حنان العمري أنه في ظل التطورات والتغيرات السريعة في التكنولوجيا، أصبح من الضرورة تطوير أساليب التعليم لتواكب هذه التغيرات.
وبينت العمري أن التعليم الابتكاري يوفر فرصة لاكتساب الطلبة المهارات التقنية التي تساعد في التكيف مع التغيرات في سوق العمل بشكل عام، كما يسهم في تحقيق جودة التعليم من خلال أساليب تعلم مرنه متنوعة تعزز التفكير النقدي والإبداعي والتفاعل مع المادة التعليمية.
كما يسهم التعليم الابتكاري أيضا في توفير أساليب تعليم تتناسب مع احتياجات الطلبة، وتحفز الابداع والابتكار لدى الطلبة، والذي يسهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، فضلا عن تطوير مهارات التفكير النقدي وحل المشكلات والتفاعل والمشاركة، بحسبها.
وبينت أن هذا النهج التعليمي يعتمد على استخدام التقنيات الحديثة، حيث يسهم في تعزيز التعليم القائم على البحث والتقصي، وتطبيق المعرفة على الواقع، وتزيد من تفاعل الطلبة في العملية التعليمية.
إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق