أعلن الدكتور أحمد فؤاد هنو وزير الثقافة، خلال مؤتمر صحفي بالمسرح الصغير بدار الأوبرا المصرية، للكشف عن تفاصيل الدورة الـ 56 من معرض القاهرة الدولي للكتاب، التي تنظمه الهيئة المصرية العامة للكتاب، عن إطلاق مبادرة "المليون كتاب"، وتأتي هذه المبادرة، التي تُنفذها وزارة الثقافة عبر مختلف قطاعاتها المعنية بالنشر، ضمن فعاليات المعرض، بهدف تعزيز الوعي الثقافي والمعرفي بين أبناء الوطن. قبل إنطلاق تلك المبادرة نستعرض معًا أبرز المطالبات السابقة لتنظيم عملية النشر في قطاعات وزارة الثقافة المصرية.
كيف وصّف عماد أبو غازي أزمة النشر في قطاعات “الثقافة” ؟
من أبرز المطالبات التي نادي بها وزير ثقافة أسبق هو الدكتور عماد أبو غازي لتنظيم عملية النشر بين قطاعات وزارة الثقافة؛ بل وتقديم الحلول للتنسيق فيما بينها؛ في وقت شهدت فيه وزارة الثقافة وقطاعاتها توسعًا في النشر حيث لم تعد الهيئة المصرية العامة للكتاب الناشر الوحيد بل وصل عددها ثلاثة عشر من الكيانات التابعة للوزارة تمارس النشر بشكل منتظم او متقطع وهم: الهيئة المصرية العامة للكتاب، هيئة دار الكتب والوثائق القومية، هيئة قصور الثقافة، المجلس الأعلى للثقافة، المركز القومي للترجمة، المركز القومي لثقافة الطفل، المركز القومي للمسرح، المركز القومي للسينما، صندوق التنمية الثقافية، قطاع الفنون التشكيلية، قطاع العلاقات الثقافية الخارجية، جهاز التنسيق الحضاري، أكاديمية الفنون.
بالإضافة إلى كل هذه الجهات الناشرة هناك مشروع مكتبة الأسرة الذي يعد من أكثر مشروعات وزارة الثقافة تحقيقا للأهداف المرجوة من مشاركة الدولة في مجال النشر.
ويرى د. عماد أبو غازي في الورقة التي تقدم بها، ان أبرز المشكلات تتمثل في أن سياسة النشر في وزارة الثقافة تعاني من مجموعة من المشكلات التي تعيق الأداء وتبعد الوزارة عن تحقيق أهدافها الحقيقية من المشاركة في مجال صناعة الكتاب والنشر، وهي مشكلات ترتبط بالسياسات العامة المتوارثة على مدى عقود، أو ربما بصيغة أدق بارتباك السياسات العامة واضطرابها، ومن أبرز المشكلات في سياسات النشر في وزارة الثقافة:
مشكلة التسويق بالنسبة لكافة قطاعات الوزارة باستثناء الهيئة المصرية العامة للكتاب التي تمتلك عددًا من منافذ التوزيع في مختلف محافظات الجمهورية، وهيئة قصور الثقافة التي تنفد كثير من إصداراتها بسبب سعرها الزهيد ما عدا ذلك تعاني أكبر مؤسستين ناشرتين في الوزارة بخلاف الهيئتين، أعني المجلس الأعلى للثقافة والمركز القومي للترجمة من مشكلات جمة في التسويق تؤدي إلى تراكم مخزون مكدس من الإصدارات كما تكاد تفتقد بعض الكيانات الأخرى لأية وسائل لتسويق لإصداراتها مثل المركز القومي للمسرح والمركز القومي للسينما والمركز القومي لثقافة الطفل، بينما تجد أن قطاع الفنون التشكيلية لا يقوم ببيع إصداراته من الأساس باستثناء كتالوجات المتاحف التي نفد معظمها ولم يعد طبعه، ورغم أن صندوق التنمية الثقافية يمتلك عددًا من منافذ التوزيع، ويتولى توزيع إصداراته وإصدارات المجلس الأعلى للثقافة، فإن سياسة التسويق لدى الصندوق لا تتماشى مع حجم الإصدارات، وفي نفس الوقت تحول اللوائح الحكومية دون التوسع في توقيع عقود توزيع مع الموزعين من القطاع الخاص، حيث أن نظام تسويق الكتاب يعتمد على نظام الأمانات الذي لا يتوافق مع اللوائح المالية الحكومية.
2غياب التنسيق بين قطاعات الوزارة وهيئاتها في النشر، ووصل الأمر في بعض الحالات إلى إصدار الكتاب الواحد عن أكثر من هيئة أو قطاع من هيئات وزارة الثقافة وقطاعاتها المختلفة في نفس السنة، أو قيام هيئة من الهيئات بإصدار كتاب رغم توافر نسخ منه في مخازن هيئة أخرى.
3 غياب معايير موحدة في سياسة النشر في وزارة الثقافة، فلا تمتلك الوزارة نظامًا موحدا للتعاقدات مع المؤلفين والمترجمين، كما لا تمتلك معايير موحدة لاختيار الأعمال الصالحة للنشر، كما لا تمتلك معايير موحدة للتسعير، الأمر الذي يؤدي إلى تفاوت كبير في أسعار الكتب بين قطاعات الوزارة وهيئاتها المختلفة.
4. غياب الرؤية لدى بعض القطاعات، فالأعمال التي يصدرها قطاع العلاقات الثقافية الخارجية لتقديم الفكر المصري في الخارج عبر ترجمة الأعمال المصرية إلى اللغات الأجنبية، تتكدس في المخازن في مصر أو في مكاتبنا الثقافية في الخارج دون أن تؤدي الغرض المرجو منها.
5. كل هيئة أو مركز أو قطاع من قطاعات الوزارة وهيئاتها يمارس مهام نشر الكتاب، رغم أن هذه ليست الوظيفة الرئيسية لبعضها بعض هذه المؤسسات تباشر النشر بشكل منتظم وبعضها الآخر ارتبط النشر فيها برؤية المسؤل الأول في المؤسسة، وتوقف النشر أو تراجع بتغيير المسؤل بعضها يشكل النشر وظيفة من وظائفها مثل المركز القومي للترجمة وبعضها ينشر انتاجه البحثي مثل المراكز البحثية التابعة لدار الكتب والوثائق القومية ومعظم انتاج المركز القومي للمسرح، وبعضها توسع في النشر بصورة كبيرة بدعوى توفير الكتاب بسعر زهيد للمواطن مثل هيئة قصور الثقافة، وبعضها توسع في النشر تلبية للاحتياجات المتزايدة لنشر الانتاج الفكري والإبداعي للكتاب والباحثين مثل المجلس الأعلى للثقافة.
ويرى "أبو غازي"، أن المشكلة الرئيسية في تقديره ترتبط بفهمنا لكيفية تأدية الدولة لدورها في دعم المنتج الثقافي كي يصل إلى المستفيد النهائي بسعر مناسب أو مجانا فما يحدث في الوضع الحالي يؤدي إلى إهدار الجهود الحكومية في مجال النشر وفي الوقت نفسه الإضرار بالصناعة وبسوق النشر في مصر.
عماد أبو غازي يقدم الحلول لأزمة النشر في قطاعات "الثقافة"
قدم الدكتور عماد أبو غازي، وزير الثقافة الأسبق تصورًا لحل أزمة النشر في قطاعات وزارة الثقافة من خلال خيارين للتعامل مع المشكلة: إما الاستمرار في السياسة الحالية للوزارة، التي تقوم على مباشرة هيئاتها وقطاعاتها لعمليات النشر والتوزيع، مع التنسيق بين الجهات المختلفة لتوحيد المعايير وضمان عد تكرار نشر الأعمال.
أو انتهاج سياسة جديدة أساسها التخلي عن وظيفة دار النشر وتركها للمتخصصين، مع الاكتفاء بنشر ما تنتجه هيئات الوزارة فقط مع قيام الوزارة كممثل للدولة بوظائف الدعم، من خلال التوسع في إنشاء المكتبات العامة واقتناء الكتب بها، وفي الوقت نفسه قيام الوزارة بطرح خطة سنوية للنشر، وتطرح على دور النشر لتنفيذها وفقًا لشروط تضعها الوزارة مقابل دعم مالي يذهب إلى المستفيد النهائي، بمعنى أن تتحمل الوزارة جزء من التكلفة مقابل تخفيض سعر المنتج النهائي وتتخفف الوزارة من عبء الطباعة والتسويق، وتوفر الكتاب على نطاق أوسع وبسعر أفضل، وقد نفذت مصر من قبل تجربة ناجحة في مشروع الألف كتاب الذي بدأ في خمسينيات القرن الماضي وتجربة قائمة للآن من خلال مشروع مكتبة الأسرة.
0 تعليق