نثمن التصريحات التي أوضحت موقف الأردن من قضية تهجير أهالي غزة أو نقلهم من أراضيهم.
هذا الموقف الرسمي يدعمه موقف شعبي واضح وصارم، كما يدعمه موقف فلسطيني واضح وصارم، أما الدعامة الرئيسية فهو موقف الشعب الفلسطيني في قطاع غزة الذي عبر عنه عمليا في زحف مئات الآلاف رجالا وركبانا إلى شمال قطاع غزة في إفشال واضح لخطط التهجير التي أرادها الكيان.
هذه العودة المهيبة التي تزامنت قدرا مع ذكرى الإسراء والمعراج حملت الكثير من الدلائل لعل أبرزها أن العودة إلى فلسطين المحتلة عام 1948 ممكنة.
ومع ذلك يجب أن لا نتسرع بالحكم أن خطط التهجير قد تم دفنها إلى الأبد، فالعدو لن يستسلم بسهولة، وسيظل يخطط لذلك ويتحين الفرص، وقد لا يهمه شكل التهجير إن كان دفعة واحدة عبر الجرائم والتطهير العرقي، أو على دفعات عبر الحصار وتضييق سبل الحياة.
ومن هنا فإن على الأردن ومصر اللتين تأكد أنهما المرشحتان من قبل الكيان وعصابة ترامب لاستقبال أهالي غزة المهجرين، مسؤولية كبيرة للتصدي لتلك المخططات.
أما كيف يمكن إفشال تلك الخطط فيتلخص ببساطة بتثبيت أهالي غزة على أرضهم، وتوفير جميع السبل التي تساعدهم على الصمود هناك.
ودعونا نتحدث بصراحة، فإن الشوق الكبير لأكثر من مليون غزي من أهالي الشمال يطغى على كل شيء، لكن الأوضاع التي سيجدونها هناك ستكون محبطة للغاية.
لقد عمل العدو على تدمير أحياء ومدن بكاملها، وعمد على إعدام إمكانية وجود حياة فيها، وهذا يستدعي من الأردن ومصر بالذات أن يعملوا وبسرعة على تأمين المساعدات لهم من خلال إدخال “الكرفانات” مبدئيا، ثم البدء بتأهيل تلك المناطق وذلك بالتعاون مع حلفائهما في الخليج خصوصا السعودية والإمارات والكويت.
الخطوة الأولى هي تخلي الأردن ومصر عن تحفظاتهما بشأن من سيحكم غزة أو ما يعرف بخطة اليوم التالي للحرب، لأنه عندما يصبح الأمن القومي مهددا بهذا الشكل كما رأيناه، فإنه يصبح من الترف التوقف مطولا حول تلك المسألة، خصوصا أن الواقع أثبت على الأرض من هو القادر على حكم وإدارة القطاع بعد أن سقطت أوهام الكيان بالقضاء على حركة حماس واستبعادها كليا من المشهد.
لقد قدمت حماس مرونة كبيرة في هذا المجال وتوافقت على ما يسمى لجنة الإسناد المجتمعي لإدارة القطاع وما يتعلق بعمليات إعادة الإعمار مع الفصائل الفلسطينية بما فيها فتح في مفاوضات رعتها القاهرة، لكن محمود عباس رفض ذلك وهو مصر على ما يبدو على رفض أي دور لحماس في غزة.
على الأردن ومصر ممارسة الضغوط على عباس للموافقة على هذه اللجنة، لأن إصراره على دخول قطاع غزة بهدف نزع سلاح المقاومة هو وصفة لحرب أهلية، وهذه الحرب، إن وقعت لا سمح الله، ستفتح الباب على مصراعيه للهروب من غزة.
إن إصباغ الشرعية على تلك اللجنة سوف يسهل إرسال المساعدات وبدء الإعمار.
إن الإصرار على المضي قدما بما يسمى خطة اليوم التالي للحرب بالرؤية الصهيونية الأمريكية هو بمثابة إحياء لجميع مخططات التهجير، لأن من لا يرى الواقع على الأرض فهو أعمى.
كذلك على الأردن مسؤولية إقناع مصر بفتح معبر رفح بشكل دائم ودون انتظار لأي ترتيبات، وعليه إقناع مصر بتسهيل دخول “الكرفانات” وتوفيرها بأرخص الأسعار.
0 تعليق