السيد" دونالد، سيّد البيت الأبيض
لا أَعْرِف إِنْ كانَ هُناكَ أَيَّ دافعٍ لَدَيَّ يَجعل من إلقاء التّحية عليك عَمَلاً تَفْرِضه كياسة المُخاطبة، واللباقة وآداب الحديث،.. فمنذُ تَوَلّيك الرِّئاسة الأمريكية، يا سيِّد "ترامب"، ألحقت بالغ الأذى المعنوي والمادي بشعبي المظلوم والمكلوم....اضافة اعلان
السَّيِّد ترامب
إنَّ جَميع المَواقِف التَي اتخذتها ِ بحق شَعْبِيَ العربي الفلسطيني، تَخْلوا مِنْ أيِّ قَدْرٍ من الكياسة واللباقة وآداب التعامل مع الشّعوب وتتنافى كذلك مع أبسط القيم الإنسانية، وجميعها تَنْتهك المبادئ الأساسية التي يقوم عليها الدستور الأمريكي، وأحكام ميثاق الامم المتحدة، والقانون الدولي، والمواثيق والاتفاقيات الدولية ....
في تغريدَتِك يوم ٢١ آذار ٢٠١٩، كَتَبت َ تقول :
"بعد ٥٢ عاماً، حانَ الوَقت لكي تَعتَرِف أميركا بشكل كامِل بسِيادة 'إسرائيل' على مُرْتفعات الجولان .... ذات الأهمية الاستراتيجية والأمنية البالِغة لدولة ' إسرائيل ' واستقرار المَنْطِقة ".
لقد قَرأتُ كلمات " تغريدَتك" بِتَمَعُّن، وما لَفَتَ نَظَري فيها أنَّكَ بَدأتها بالقَوْل " حانَ الوَقت بعد ٥٢ عاماً لِكَي تَعْتَرِف أميركا ...الخ .
وتَساءَلتْ،... ماذا يَعْني الرئيس الأمريكي " دونالد ترامب "، وهو رئيس الدولة العظمى التي شارَكت في تَصميم وَوَضْع وصِياغِة قواعد النِّظام الدّولي الجَديد لفَترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، وأحكام ميثاق الأُمم المتحدة،... أقول؛
ماذا يَعني عِنْدما يَقول "حَان الوقت......" ؟!
هل يَعني ذلك أنَّ عامِل الوَقت وإمتلاك القُدْرة على إدامة الاحتلال، واستعمال القُوّة الغاشمة، والقُدْرة على انتهاك قواعد الشرعية الدولية وتَحَدّيها، وبكلمات أُخرى القُدْرة على فرض الأمر الواقع - والقيام بتغيير طبيعة الأراضي المُستوْلَى عليها بالقوة، واستعمارها بنقل مُهاجرين، تَسْتَقْدِمهم دولة الكيان الصهيوني العُنصري مِنْ كُل أصقاع الأرض إليها وتمنحهم حقوق المُواطنة فيها على حساب سكانها الأصليين، بما في ذلك حق الإقامة واستعمار الأراضي التي احتلتها، وتقطيع أوصال سكانها الأصليين بأراضيهم وحرمانهم من حقوق المواطنة في بلادِهم والسيطرة على مواردهم لتدمير فرص بقاءهم في بلادِهم بقصد دَفعهم للهِجرة منها،...
أقول، يا سيد البيت الأبيض، وأتساءل ...
هل هذا النوع من مُمارسات الدول هي الآن، أي، في هذه اللحظة من التاريخ الإنساني بعد مرور ٢٠١٩ عاماً ميلادياً من عمر البشرية، هي ممارسات مَشروعة أو أنها أصبحت الآن مَشروعة، وهي العامل الحاسم والمُقَرِّر في صياغة العلاقات مع الدول وفيما بينها، وفِي تقرير حقوق الإنسان، والشُّعوب، والدول، وفي تقرير مَصيرها...؟
نعم، يا سيد البيت الأبيض، إنّي أتساءل بحُرْقة،... وأقول؛
هل ما زالت الولايات المتحدة، بعد تغريدَتَك، تُقْرُّ وتعترف بالقانون الدولي، وبميثاق الأُمم المتحدة، وبالمُعاهدات والمواثيق الدولية،.. أي باختصار بـ "الشّرعية الدولية"، أم أنها قد تَنَصَّلَت الآن من الالتزام بها ولم تَعُد تحترمها ...؟!
وإذا كانت " الشّرعية الدولية " ما زالت، يا سيد البيت الأبيض تَعْتَبِرها قائِمة، فكيف تُفَسِّر، سياسات الولايات المتحدة خلال فترة تَوَلّيك الرئاسة ومواقفها في مجلس الأمن وفِي الجمعية العامة من العديد من القضايا، وتَنَصُّل إدارتك من مَواقِف كانَت قد اتخذتها إدارات أمريكية سابِقة من قَضايا تَخص شُعوب ودُول مُتعددة وتَتَعَلَّق بحُقوقها وبمَصائرها ... ؟
باختصار، يا سَيِّد البيت الأبيض، هل ما زِلْتَ تَعتبر الشّرعية الدولية قائِمة، وهل مازِلتَ تدعوا الشعوب والدُّوَل الى الإتزام بها...؟
أَمْ أنَّكَ حَرَّرتَ " الولايات المُتحدة " من قيود ومُقتضى الالتزام بها، وَوَضَعتها لوِحْدِها (أي الولايات المتحدة )، مع دَوْلة الكِيان الصهيوني (إسرائيل) فوق القانون الدولي، وفوق مُستوى دول وشعوب العالم ..؟!
يا سيد البيت الأبيض،
هل ما زِلْتَ تدعو شعوب ودوّل العالم للالتزام " بالشَّرعية الدولية "؟! ...
وهل ما زِلْتَ تَدعوها لأنْ تَحْتَرم القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ؟!،...
أَمْ أنَّك قد وَصَلَت الآن إلى مَرْحلة أصْبَحتَ ترى فيها أن الشّرعية الدولية باتت،في هذا الوقت، أمْراً لا يَليق بالولايات المتحدة ولا بدولة الكيان الصهيوني العُنصري الإلتزام بأحكامها، لا بل أصْبَحَتْ في نَظَرِك أو عُرْفِك لاغية، وفِي غير مَحلِّها ولا تَنطبق على الولايات المتحدة ولا على دولة الكيان الصهيوني العُنصري " إسرائيل "..؟
أُريدُ، يا سَيّد البيت الأبيض، أن أُذَكِّرَك، بأن القرار ١٨١ الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في ٢٩ تشرين الثاني ١٩٤٧ ( أي الصادر بموجب الشّرعية الدولية ) قد خاطَبَ سُكَّان فلسطين ؛ العرب الفلسطينيين، واليهود، وقَسَّمَ فلسطين الى ثلاثة كيانات ؛ أي دولتين، وكيان دولي لمنطقة "القدس وبيت لحم"،، وقَسَّم حق تقرير مَصير سُكَّانها ليمارسوه في نِطاق الكيانات الثلاث، وأعطى سكان الكيانات الثلاثة ؛ عَرَب فلسطين، ويهودها حُقوق المُواطنة الكامِلة في كل من تلك الكيانات الثلاثة، وضَمِنَ حُقوقهم، وألْزَمَ المَجالس التشريعية في الدولتين العربية الفلسطينية واليهودية، عدم سَنِّ قوانين تخالف أحكام قرار التقسيم ١٨١ وعدم شرعية أية قوانين تخالف احكام القرار المذكور أو لا توافق عليها الجمعية العامة للأمم المتحدة ... !
وهل تَعلم، يا سيد البيت الأبيض، أنَّ قرار التّقسيم أَخِذَ بأغلب توصيات "اللجنة البريطانية الأمريكية" Anglo American Commission المُشَكَّلة في العام ١٩٤٦ للتّحقق من الأوضاع في فلسطين في ذلك الوقت، وهل تعلم أيضاً أنَّ الولايات المتحدة قد صَوَّتَت لصالح قرار التقسيم ١٨١ ...؟ !
وهل تَعلم كذلك، أنَّ الولايات المتحدة قد صَوَّتَت في ١١ أيار ١٩٤٩ على القرار ٢٧٣ القاضي لصالح قُبول عُضوية دولة "إسرائيل" في الأمم المتحدة- وهي الدولة الوحيدة في العالم التي أُقيمت بموجب قرار صادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة، أي بموجب قرار التقسيم رقم ١٨١ لعام ١٩٤٧، وبالاستناد عليه- وأن قبول عضويتها في المنظمة الدولية قد صَدَر َضِمْنَ اشتراطات تُلْزِم "إسرائيل" بتطبيق القرارين ١٨١ لعام ١٩٤٧ و ١٩٤ لعام ١٩٤٨، والقرار الأخير هو الذي ثَبَّتَ حق عودة اللاجئين الفلسطينيين الذين غادَروا فلسطين قبل ١١ كانون أول من العام ١٩٤٨، طَوعاً أو كُرْها، الى دِيارهم وإعادة مُمتلكاتهم لهم، وحقهم في تلقي التعويض ؟
وهل تَعلم ان قرار التقسيم ١٨١ لعام ١٩٤٧ الذي أُنْشِئَت " إسرائيل " في أيار من العام ١٩٤٨ بموجبه قد رَسَمَ حدود دولة " إسرائيل " لأقرب مكان ولأقرب متر طولي ومُرَبّع، وأنها الدولة الوحيدة في العالم التي حَدَّدَت الشّرعية الدولية لها حدودها، إضافة الى حُدود الدولة العربية الفلسطينية في فلسطين، وحُدود الكيان الدولي لمنطقة القدس ...؟!
وهل تعلم أن الدول التي اعترفت بِـ " اسرائيل " وُفق القرار الأُممي ٢٧٣ بما فيها الوِلايات المتحدة الأمريكية قد اعترفت بها ضمن حُدودها التي رَسَمَها لها قرار التقسيم ١٨١ الصادر في العام ١٩٤٧، وأنَّ حُدود دولة " إسرائيل " وُفق قرارات الشّرعية الدولية هي حُدودها المَرْسومة فقط وفق قرار التقسيم رقم ١٨١، وأنَّ الأراضي التي تُسَيْطِر عليها خارج الحُدود المرسومة لها في قرار التقسيم رقم ١٨١ هي أراضي الدولة الفلسطينية العربية التي رَسَمها قرار الشرعية الدولية لها، أي قرار التقسيم ١٨١، وهي بذلك تُعْتَبَر "أراضًا مُحْتَلَّة" بموجب القانون الدولي، جرى احتلالها و"تَطهيرها عِرْقياً" من جُزْءٍ كبير من سُكّانها في انتهاك سافِر لقرارات الشرعية الدولية والقانون الدولي والمواثيق الدولية ...؟
وأخيراً، وعَوْدة الى تغريدتك، أُريدُ، يا سَيِّد البيت الأبيض، ان أُذَكِّرَك بقرار مجلس أمن الأُمم المتحدة رقم 497، الذي إتُّخِذَ بالإجماع في جلسته رقم ٢٣١٩ المُنعقدة في ١٧ كانون أول ١٩٨١، والذي يَدعو دولة "إسرائيل" إلى إلغاء ضَم مرتفعات الجولان بحكم الأمر الواقع.
لقد جاء نص القرار الذي صوتت الولايات المتحدة الأمريكية لصالحه، يا سيد البيت الأبيض، كما يلي :
"إنَّ مَجلس الأمن
وقد نَظَرَ في رِسالة المُمَثِّل الدائم للجمهورية العربية السورية، المُؤرخة في 14 كانون الأول/ديسمبر 1981 والمَنشورة في الوثيقة (S/14791)
وَإِذْ يُؤكد مُجدداً أن الاستيلاء على الأراضي بالقوة غير مَقبول بموجب ميثاق الأمم المتحدة ومبادئ القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن ذات الصِّلة،
1 يَعتبر قرار إسرائيل بفرض قوانينها وسُلطاتها وإدارتها في مُرتفعات الجولان السورية المُحْتََّلّة مَلغياً وباطلاً، ومن دون فعالية قانونية على الصّعيد الدولي؛
2. يَطلب من إسرائيل، القوة المُحْتَلّة، أنْ تُلغي قَرارها فوراً؛
3. يُعلِن أنَّ جميع أحكام اتفاقية جنيف المَعقودة بتاريخ 12 آب/أغسطس 1949 والمُتَعَلِّقة بحماية المَدنيين وَقْتَ الحَرْب ما زالت سارِية المَفعول على الأراضي السّورية المُحتلة من قبل إسرائيل منذ حزيران/يونيو 1967؛
4. يَرْجو من الأمين العام أنْ يُقَدِّم تقريراً إلى مجلس الأمن بشأن تطبيق هذا القرار خلال أسبوعين، ويُقرر أنّه في حال عدم امتثال إسرائيل، يجتمع مجلس الأمن بصورة استثنائية، وفي مدة لا تتجاوز 5 كانون الثاني/يناير 1982، للنَّظر في اتخاذ الإجراءات المُلائمة بموجب ميثاق الأمم المتحدة
وأخيراً، يا سيد البيت الأبيض،... أُريد أن أُعْلِمَك، إنك بسياساتِك ومَواقف الإدارة الأمريكية التي تترأسها، فإنك تُهَدِّد السِّلم العالمي، وتَضَع العالَم كله " على مُفترق طُرُق "... فإمّا أنْ تَخضَع جَميع شُعوب العالم ودُوَلِه للشّرعية الدولية ولذات القوانين والمَواثيق، بما في ذلك التّعامل معها بمساواة وبعدالة، مع احترام حقوقها بما فيها حَقها في تقرير مَصائرها، وأنْ تُطَبَّق قراراتها بدون انتقائية أو تمييز ....وإما ان يَمْضي هذا العالم وهذه البشرية بقيادَتِك وتحت رعايتِك الى الخراب، ورُبما الى الفناء ...!
شُعوب العالَم، يا سَيِّد ترامب، وعلى رأسها الشعب العربي الفلسطيني، في أرض فلسطين، وفِي غيتوهات اللجوء التي يعيشون فيها منذ العام ١٩٤٨ في الاْردن ولبنان وسورية، وفِي الشّتات، تُراقِب تَصَرفاتك بقَلَق ... ولكن أيضاً بوَعْي وبِتَبَصُّر ...
يا سيد البيت الابيض،.. إنّك بسياساتِك ومَواقِفِك تُلحق أضراراً إضافية كبيرة بالشعب العربي الفلسطيني الذي أشْقَته وعَذّبته سِياسات التطهير العِرْقي والتمييز والفصل العُنصري والاحتلال التي مارَستها دولة الكيان الصهيوني العُنصري مُنذ العام ١٩٤٨ بحَقِّه، مَدعومة منذئذٍ بسياسات ومَواقِف بريطانية وأمريكية، لمْ تُنْصِف هذا الشعب،... وهي ذاتها، يا سَيِّد ترامب، سَتُفْضي الى إلحاق الضَّرَر الفادِح أيضاً في نهاية المَطاف بيهود فلسطين والعالم،....!
وإنّك، وبصفتِك رئيس دولةٍ عُظمى في هذا العالَم، تَستطيع بالعَوْدة للتمسك بالشرعية الدولية وبتفعيل قراراتها، إعادة الحُقوق والأمل وخَلق إطار للتعايش السِّلمي في فلسطين لفلسطينيي فلسطين وسُكانها العَرَب واليهود على قاعدة نَبْذ العُنصرية الصهيونية وجميع سياسات وإجراءات الاحتلال والتمييز والفصل والتطهير والتفوق العِرْقي فيها ... باتجاه إقامة كيان ديمقراطي واحد على كامل أرض فلسطين يُزيل الظُّلم الذي لحق يالشعب العربي الفلسطيني ...ويُحَرِّر الإنسانية وفلسطين وسُكانها عرباً ويهوداً من شرور الصهيونية العنصرية البغيضة،...
تغريدتي هذه ليست قصيرة، ..
ولكنها كلمات أريدك أن تسمعها ... جيداً .. يا سيد البيت الأبيض..!
أشْكُرَك على طول صَبْرِك...
عبد الرحمن البيطار
وللحديث، يا سّيِّد البيت الأبيض، بقية
0 تعليق