أطروحة أكاديمية توصي بإصدار تشريع ينظّم عمل كيانات الذكاء الاصطناعي

الوطن البحرينية 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

محرر الشؤون المحلية


أوصت أطروحة أكاديمية، أعدّتها رئيس النيابة زهرة مراد بضرورة إصدار تشـريع يُنظم عمل تطبيقات الذكاء الاصطنـاعي، وإنشاء قاعدة بيانـات مُوحَّدة لحوادث الذَّكاء الاصطناعي لدول مجلس التعاون الخليجي تُعنـى بتسجيل تلك التطبيقات والحوادث التي تتعرض لهـا واتخاذ القرارات الفعَّالـة في تحديد أُطُر المسؤوليَّة القانونيَّة.

كما أوصت، بإنشاء مجلس حوكمة الذَّكاء الاصطناعي الذي يتولى اقتراح السياسات التي تهدف إلى توفير بيئـة داعمة ومُحفزة لتطبيقات الذَّكاء الاصطناعي.

وتطرقت الدراسة إلى أهمية وضـع تصورٍ مبدئيٍّ للتَّشريع الوطني، ينظم عمل ومسؤوليَّة كيانات الذَّكاء الاصطناعي، وبيـان صور الجرائم التي قد تُرتكب باستخدام تلك الكيانات.

وأكدت الأطروحة الأكاديمية، إلى أن تلك التوصيات تأتي اتساقاً مـع رؤية البحرين التي تقوم على الاستدامـة وصولاً إلى تحقيق أهداف التنمية ومواكبة المُبادرات الدولية وأهمها قـرار الجمعية العامة للأمم المُتحدة الصادر في مارس عام 2024 والذي تضمن وجوب الدول اتخاذ كافة التدابيـر لتعزيز استخدام تطبيقات الذكاء الاصطنـاعي بشكـل آمن وموثوق، احتراماً لحقوق الإنسان.

وأكدت الدراسة الأكاديمية بأن الثورة الصناعيَّة الرابعة اليوم تفتح أبواباً أمام مرحلـة جديدة تجعل العالم في عصر الرقمنة المُتطورة لتشارك البشريَّة في كافَّةً المجالات، ومع تطور تلك التِّقنيات من جهة وترجمتها في أرض الواقع من جهة أُخرى ظهرت تطبيقات الذَّكاء الاصطناعي التي تُعَدُّ حجر الزاوية في هذه الثورة، ولم يقف العالم عـند هذا الحد بل أصبحـت جاهزيَّة الدُّول لتلك التطبيقات عصب التقدم ومظهـر من مظاهر الازدهـار، ولأن القانون هو مرآة الواقع، يتطلَّب الوضع الراهـن التَّدخُّل السريع ووضع إطـار قانوني حاكم لهـذهِ الاستخدامـات.

كما أكدت وجود حراك تشريعي فعلي في شأن تنظيم استخدام تطبيقات الذَّكاء الاصطناعي، وأبرزهـا تحرُّك الدُّول الأوروبية التي كـانت سباقـة في الالتفات إلى أهميَّة تنظيم هذا المجـال، حتى صدر قانون الاتِّحاد الأوروبي في يونيو 2024 مُنظماً آليـة التعامل مـع تطبيقات الذكاء الاصطنـاعي واضعاً أُسس المسؤوليَّة الجنائيَّة عن حوادث تلك الأنظمة.

وقد اتَّخذت البحريـن خطوات رائدة في منطـقة الشَّرق الأوسط، وتجلـَّى ذلك مـن خلال تظافر جهـود سلطـات الدَّولة، فعلى الصَّعيد القضائي أصدر النائب العام د.علي البوعينين وثيقـة أخلاقيات الذَّكاء الاصطناعي في أعمال النيابة العامَّة، كمـا اتجهت السُّلطـة التَّنفيذيَّة مُتمثِّلـة في اللجنة الوزاريَّة لتقنية المعلومـات في تشكيل فريق للبحث عـن أوجـه استخدام تقنيـات الذَّكاء الاصطناعي.

وتسعى الدراسة إلى وضع تصورٍ مبدئيٍّ للتَّشريع الوطني الذي نأمل إصداره المُنظم لعمل ومسؤوليَّة كيانات الذَّكاء الاصطناعي، مـن خلال وضع تصور مبدئي لأجزاء القانون، وبيان صور الجرائم التي قد تُرتكب باستخدام تلك الكيانات، مع بيان أُسُس المسؤوليَّة الجنائيَّة.

وجاءت هذه الدراسة، كقراءة في قواعد المسؤوليَّة الجنائيَّة بمفهومهـا التَّقليدي وعمَّا إذا كـانت كافية لمُواجهـة حوادث كيانـات الذَّكاء الاصطناعي، لا سيَّما الحوادث التي يغيب فيهـا تدخـل العنصـر البشري، وتتَّسم بالتَّعقيد في الوصول إلى مُرتكبيها، والبحث عـن أساسٍ آخر.

وتهدف إلى دراسـة موقف المُشرِّع البحريـني والتَّشريع المُقارن في تنظيم المسؤوليَّة الجنـائيَّة للأشخاص الطَّبيعيَّة والمعنويَّة عـن حوادث كيـانـات الذَّكاء الاصطناعي، وبيـان أفضل المُمارسَـات الدَّوليَّة لمُواجهـة هذه الحوادث.

كما تضمنت الدراسـة تسليط الضوء على تاريخ الذكاء الاصطنـاعي مُنذ استخدامه لأول مـرة عام 1956 في كليَّة دارتموث الأمريكيَّة، ومن ثم بيان تطور هذا المجـال والمراحل التي مّر بها.

كمـا استعرضت الدراسـة تعريف الذكاء الاصطناعي لغةً واصطلاحاً ومدلوله وفقاً للمنظورين التشريعي والقضائي، وفي هذا السياق سلطـت الدراسـة الضوء على حوادث تطبيقات الذكاء الاصطنـاعي عالمـياً وتم البحث في فلسفة المسؤولية الجنائية وخصائصها وشـروطها وبيـان فلسفـة المُشرع البحريني والبحث حول إشكالات المسؤولية الجنائية المُنعقدة للأشخاص الطبيعيـة من مُبرمجي ومُستخدمي لتلك التطبيقات، والأشخاص المعنويـة كالشركـات المُصنعة والمُنتجـة لتطبيقات الذكاء الاصطنـاعي.

واستعرضت الباحثـة، استراتيجيات الدُّول والمُبادرات الدولية في حوكمـة الذكاء الاصطنـاعي وأهـم الخطط الوطنيـة التي دشنتها الدول، وأبرزها الخطة الوطنيَّة للبحث والـتطوير في مجال الذَّكاء الاصطناعي للولايات المُتحدة الأمريكية.

كما تم استعراض جهود دولة كندا من خلال استعراض مهام المجلس الاستشاري الذي تم تأسيسه لتعزيز الانتفاع بمجال الذكاء الاصطنـاعي وأهم المبادئ التي تم اعتمـادها في هذا المجـال.

وتم تسليط الضـوء على وثيقـة المملكـة المُتحدة التي ارتكزت على مبادئ أساسيـة لضمـان عمل تلك التطبيقات بشكـل آمن مع إقرار مبدأ قابلية الطعن على القرارات الصادرة من تلك التطبيقات، بالإضافة إلى استعراض الخطـة الوطنيـة لجمهورية الصين الشعبية ودولـة اليابان وسنغافورة، فضلا عن بيان جهود الدول العربية في هذا المجال وتم استعراض تجربة جمهورية مصر العربية حيث أطلقت الميثاق الوطني للذكاء الاصطنـاعي، وكذلك تجربـة المملكـة الأردنيَّة الهاشميَّة حيث هيئة البيئة التشريعيـة من خلال اتخاذها ذات الخطوات التي اتخذتها جمهورية مصـر العربية من وإقرار الميثاق الوطني لأخلاقيات الذَّكاء الاصطناعي وتضمن ذلك الميثاق مبدأ جوهرياً يتعلق بإمكانيـة مُحاسبـة الأفراد والمؤسسات القائميـن على تلك التقنيات، فضلاً عن استعراض استراتيجيات دول مجلس التعاون وأبرزها استراتيجيـة دولة الإمارات العربية المُتحدة، واستراتيجيـة المملكة العربية السعودية ودولـة قطـر، التي ارتكزت على وضع مبادئ أساسيـة تهدف التعامل مـع أنظمـة الذكاء الاصطنـاعي بشكل آمن ومسؤول والمحافظة على حقوق الإنسان، وإنشاء مؤسسـات حكوميـة تُعنـى بوضع الآليات الفعالـة لتنظيم عمل أنظمـة الذكاء الاصطنـاعي.

كمـا سلطـت الدراسة الضوء على المشهد التشريعي المُنظم لعمل تطبيقات الذكاء الاصطنـاعي حيث تم استعراض موقف المُشرع الأوروبي، وذلك من خلال استقراء نصوص قانون الاتحـاد الأوروبي الصادر في عام 2024 وبيـان السياسيـة التشريعيـة التي اعتنقها المُشرع الأوروبي لتنظيم عمل تلك التطبيقات ومُقارنة موقفه بموقف المـشرع الكندي الذي أصدر مشروعاً بقانون يُنظم عمل تطبيقات الذكاء الاصطنـاعي، وبالإضافة إلـى اللوائح الصادرة من جمهورية الصين في عام 2022 التي وضعـت أُسس التعامل مـع تلك الأنظمـة حصر الأفعال غير المشـروعة والعقوبة المُقررة عند مُخالفة.

وكشفت الدراسـة المشهد التشريعي لدول مجلس التعاون، حيث انفردت الإمارات في تنظيم المسؤولية الجنائية للروبوتات الإلكترونية التي تقوم بنشر وإعادة نشـر البيانات والأخبار الكاذبـة، وذلك في القانون الاتِّحادي بشأن مكافحـة الشَّائعات والجرائم الإلكترونيَّة.

يذكر أن رئيس النيابة، أعدت الأطروحة أكاديمية بعنوان: «المسؤولية الجنائية عن تطبيقات الذكاء الاصطناعي – دراسة مقارنة حول التشريع البحريني والمقارن»، لاجتياز متطلبات الحصول على درجة الماجستير من كلية الحقوق بجامعة البحرين، بإشراف د.محمد الهيتي، وتم مناقشـة الأطروحة حيث أنهت الباحثة متطلبات الحصول على درجة الماجستير بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف الأولى.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق