شركات التقنية الحيوية خارج الولايات المتحدة الأمريكية

صحيفة مكة 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
تعد صناعة التقنية الحيوية في طليعة الابتكار، حيث تشكل مستقبل الرعاية الصحية والزراعة وحماية البيئة. ومع ذلك تواجه هذه الصناعة تحديات كبيرة خارج الولايات المتحدة بشكل عام، حيث تُعيق الفجوات في التمويل والبنية التحتية وتطوير المواهب نمو شركات التقنية الحيوية في مناطق مثل أوروبا، والمملكة المتحدة، وآسيا، وأستراليا.

تعاني شركات التقنية الحيوية خارج الولايات المتحدة من صعوبة كبيرة في جمع التمويل اللازم للتنافس مع نظيراتها الأمريكية. فقد نجحت الولايات المتحدة، وخصوصا مراكزها الحيوية مثل بوسطن وسان فرانسيسكو، في بناء أنظمة بيئية قوية مدعومة برؤوس الأموال المغامرة وسياسات ضريبية مشجعة وثقافة تقبل المخاطر. في المقابل تفتقر المناطق مثل أوروبا وآسيا إلى رأس المال اللازم لدعم شركات التقنية الحيوية، مما يؤدي إلى غياب اقتصادات الحجم التي تسهّل بناء البنية التحتية الضرورية للنجاح.

على سبيل المثال، يشهد مركز التقنية الحيوية في كامبريدج بالمملكة المتحدة طلبا يفوق العرض بشكل كبير على المساحات المخصصة للمختبرات والمعامل البحثية. وفقا لتقديرات شركة "بدويلز" البريطانية، هناك طلب على أكثر من مليون قدم مربع من مساحات المختبرات، بينما لا يتوفر سوى 10,000 قدم مربع. يبرز هذا العجز محدودية البنية التحتية، مما يزيد من تعقيد تحديات التمويل.

تعد هجرة العقول إلى الولايات المتحدة نتيجة الفجوة في الرواتب وفرص العمل تحديا آخر رئيسيا. حيث يحصل خريج الدكتوراه في التقنية الحيوية في المملكة المتحدة على حوالي 50 ألف دولار سنويا، مقارنة بأكثر من 70 ألف دولار في الولايات المتحدة. وتتسع الفجوة بشكل أكبر عند الحديث عن المديرين التنفيذيين ذوي الخبرة المتقدمة، والذين يحصلون على رواتب أعلى بكثير في الولايات المتحدة، بالإضافة إلى خيارات الأسهم الاضافية والأنظمة الضريبية الميسرة.

هذه الهجرة تُضعف الصناعات المحلية وتجعل من الصعب على الشركات غير الأمريكية بناء فرق قيادية تتمتع بالخبرة اللازمة.

عزيزي القارئ، على عكس الولايات المتحدة، حيث يوفر السوق الموحد بيئة ملائمة للتعاون والابتكار، تواجه شركات التقنية الحيوية في أوروبا أنظمة بيئية مجزأة. لكل دولة لوائحها وإطارها القانوني والسياسات الضريبية الخاصة بها، مما ينتج بيئة معقدة وغير فعالة غالبا للشركات الناشئة. بالإضافة إلى ذلك يفاقم نقص المهنيين المتخصصين، مثل المحامين والمحاسبين والمصرفيين الاستثماريين ذوي الخبرة في التقنية الحيوية، من هذه التحديات.

يميل المستثمرون البريطانيون والأوروبيون تقليديا إلى تفضيل الشركات القائمة ذات الأرباح الثابتة على الشركات الناشئة. هذا النهج المحافظ يحد من تدفق رأس المال المغامر إلى القطاعات عالية المخاطر مثل التقنية الحيوية. على سبيل المثال، تُظهر صناديق المعاشات التقاعدية في المملكة المتحدة، التي تمتلك أصولا بمليارات الجنيهات، ترددا في الاستثمار في المشروعات المبتكرة، على عكس نظيراتها في الولايات المتحدة. هذه العقبات تعكس الحواجز الثقافية والهيكلية أمام استثمارات التقنية الحيوية خارج الولايات المتحدة.

في ظل هذه التحديات تسعى العديد من شركات التقنية الحيوية خارج الولايات المتحدة إلى الإدراج في البورصات الأمريكية للحصول على التمويل. بين عامي 2018 و2021 أدرجت أكثر من 20 شركة تقنية حيوية أوروبية أسهمها في بورصة ناسداك الأمريكية، إلى جانب عدة شركات أسترالية. ومع ذلك فإن الإدراج في السوق الأمريكية ليس حلا سهلا، حيث يتطلب موارد كبيرة ويؤدي غالبا إلى نقل العمليات بالكامل إلى الولايات المتحدة. ونتيجة لذلك تتحول الأرباح والوظائف والملكية الفكرية التي يمكن أن تعود بالنفع على دول المنشأ إلى الاقتصاد الأمريكي بدلا من ذلك.

يتطلب التغلب على هذه التحديات تغييرات هيكلية جوهرية. ينبغي على الحكومات والمستثمرين وأصحاب المصلحة في الصناعة التعاون لإنشاء أنظمة بيئية داعمة. يشمل ذلك تحسين آليات التمويل، وتطوير البنية التحتية، وتوحيد اللوائح لتعزيز الابتكار. وعلى الرغم من أن التحديات كبيرة، إلا أن هناك أسبابا تدعو للتفاؤل بإمكانية تحقيق تقدم ملموس من خلال جهود مستهدفة وزيادة الوعي بالمشكلات الهيكلية.

nabilalhakamy@

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق