كلفة التهجير ليست على الأردن

الغد 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
يخرج وزير المالية الإسرائيلي ويقول إنه ليس من مصلحة إسرائيل تهجير الغزيين من غزة إلى الأردن ومصر، لأن نقلهم هنا إلى حدود أوسع مفتوحة يهدد تل ابيب.
يقصد الوزير أن الغزيين الذين يواجهون الاحتلال منذ عشرات السنين، وافشلوا مرارا سيناريو التهجير إلى سيناء، أو إقامة دولة فلسطينية في شمال سيناء، ستكون كلفته أخطر إذا تم نقلهم إلى سيناء حيث الحدود أوسع ومفتوحة مع فلسطين المحتلة، وحيث الأردن حيث مئات الكيلومترات مفتوحة بين الأردن وفلسطين، بما يعنيه ذلك من مواجهة أمنية وعسكرية متجددة ستنفجر آجلا، أو عاجلا، بين هؤلاء والاحتلال، حيث لا يمكن التحكم أمنيا بمليوني فلسطيني، بعد تهجيرهم، وسيحاول كثيرون منهم الثأر من إسرائيل، وتنفيذ عمليات عسكرية مختلفة عبر الحدود من الأردن ومصر.اضافة اعلان
الوزير الذي أشاد بخطة الرئيس الأميركي للتهجير، عاد وطالب بترحيل الغزيين بناء على الكلام السابق إلى دول بعيدة عن فلسطين المحتلة، فهو لا يريد الفلسطينيين في فلسطين، ولا دول جوارها، لأن المشهد سوف يتكرر، وسيكون الاحتلال أمام مهددات من نوع آخر تتدفق هذه المرة من الأردن ومصر.
هذه الرؤية سرعان ما سوف تتسرب إلى الإدارة الأميركية التي يرجح أنها ستتراجع عن خطة تهجير الغزيين إلى الأردن ومصر، خصوصا، أنه على صعيد الأردن مثلا هناك حسابات معقدة تتعلق بالموقع الجيوسياسي الأردني، حيث يمثل الأردن نقطة ارتكاز في الإقليم مفتوحة على دول عربية مهمة، ويعد أيضا الجار الغربي الثاني لإيران بعد العراق، وإذا صنفنا العراق باعتباره إيرانيا إلى حد كبير فإن الأردن على ضفاف إيران مباشرة، بما يعنيه ذلك من أن أي محاولة أميركية أو إسرائيلية لتقويض استقرار الأردن الأمني، أو الاقتصادي من خلال الضغوطات، أو العبث بالتركيبة الاجتماعية، وسيؤدي إلى كلف تتوزع على الإقليم ولا تنحصر بالأردن، بما يعني أن كل سيناريو التهجير من غزة فاشل، ولا يمكن تنفيذه أصلا على الأرض، نحو الأردن، وقد يتم استبداله بسيناريوهات ثانية هذه الفترة.
الوقوف في وجه مخطط التهجير، لا يعتمد فقط على مزايا الموقع الجيوسياسي للأردن، فقط، لأن هناك ملفات كثيرة يتوجب الوقوف عند كلفتها في حال تمت محاولة خلخلة الأردن أمنيا أو اقتصاديا أو سكانيا، من ملفات الإرهاب والتطرف، وما قد يستجد هنا، وصولا إلى كلفة الفوضى على المنطقة العربية، وكلفة الحدود المفتوحة مع فلسطين، وهنا لا تبدو القصة قصة دور وظيفي للأردن، أو بيعا لمزايا الموقع الجيوسياسي، بل للتذكير فقط، بأن الكلام شيء، والواقع شيء ثان.
ينطبق الأمر بشكل أو آخر على مهددات التهجير من الضفة الغربية، لان الحسابات ذاتها تتكرر، وإن كنا في ملف الضفة الغربية، أمام تفاصيل متعددة، من وجود نسبة من الأردنيين يعيشون في الضفة الغربية أصلا، ووجود غالبية تحمل الجواز الأردني المؤقت، لكن مواجهة أي خطر من الضفة لا يقوم على أساس الحلول التي تتحدث عن ضرورة نشوب مواجهة قانونية عبر إعادة تعريف الكتل السكانية في الضفة بشكل مختلف أردنيا، فهذا ليس حلا، خصوصا، أننا أمام مهدد على الأرض قد يؤسس لمواجهة عسكرية في توقيت معين، مع الاحتلال، الواجب مواجهته، وليس توجيه رد الفعل نحو الضحايا.
سنلاحظ خلال الفترة المقبلة تضييقا شديدا على مستوى المساعدات لأهل غزة، ومنعا لدخولها لأن الهدف تصنيع بيئة اسوأ بعد الحرب تمهيدا للتهجير الطوعي إذا أعلنت بعض الدول البعيدة عن قبولها للفلسطينيين، وستمتد ذات الوصفة إلى الضفة الغربية عبر 3 محاور وهي التصعيد الأمني، والازاحة السكانية الداخلية، وخنق الاقتصاد، وقد يكون سقف الرئيس الأميركي المرتفع جدا، يستهدف سقفا أقل، وهو جر الأردن ومصر نحو الإدارة السكانية لمن سيبقى في غزة، والضفة الغربية، وتفكيكا لسلطة اوسلو ومؤسساتها، وكل مشروع الدولة الفلسطينية.
من يظنون أن إسرائيل محنة للفلسطينيين فقط، يعبرون عن تيه وضلالة، لأن إسرائيل التي تريد "إسرائيل الكبرى" تهدد كل شعوب المنطقة، فيما كلفة التهجير إلى الأردن لا تحتملها إسرائيل ذاتها، ولا تحتمل دول الإقليم كلفتها الأمنية أيضا.
هذا يعني أن مخطط التهجير ستتوزع كلفته على كل الإقليم، وليس الأردن فقط.
إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق