عمان– وسط حالة عالمية من السباق المحموم في صناعة الذكاء الاصطناعي، تطفو على السطح سلبيات ومخاطر عديدة يمكن أن تطال المؤسسات والأفراد تحت مظلة "الجرائم" التي يمكن أن تكون خطيرة إلى حد بعيد.اضافة اعلان
ويؤكد خبراء أن الذكاء الاصطناعي كغيره من التقنيات الحديثة ترافقه مخاطر لكنها أكبر في حالة هذه التقنية الأحدث، مع التطور الرهيب الذي تشهده، واستخدامها لكميات كبيرة من البيانات واستهلاك تطبيقاتها من قبل الأفراد لما توفره من مزايا اقتصادية كبيرة في كل القطاعات، مؤكدين أهمية حوكمة هذه الصناعة ووضع أطر تنظيمية وتشريعية تعالج الجرائم التي يمكن أن تنجم عنها.
وقال الخبراء "من المهم اليوم إلى جانب وضع الأطر التنظيمية والتشريعية وتوعية المجتمع والمؤسسات بجرائم الذكاء الاصطناعي وكيفية تجنبها، وتعزيز منظومة الأمن السيبراني أيضا" موضحين أنه لم يوضع حتى الآن في العالم قانون خاص بالذكاء الاصطناعي إلا في الاتحاد الأوروبي، إذ يحكم هذه الصناعة في الأردن تشريعات ذات علاقة مثل قانون حماية البيانات الشخصية وقانون الجرائم الإلكترونية، وميثاق أخلاقيات الذكاء الاصطناعي أقرته الحكومة سابقا.
ما هي أنواع جرائم الذكاء الاصطناعي؟
وكيف نواجهها بقوة لاخذ الإيجابيات وتفادي المخاطر؟ على هذه الاسئلة يجيب خبراء محليون التقت بهم " الغد" واجمعوا على أهمية وضع أطر تنظيمية وتشريعية تعالج ما يمكن ان ينجم عن الذكاء الاصطناعي من جرائم واختراقات.
خبير أمن المعلومات د.عمران سالم قال " في عصر التكنولوجيا المتقدمة، أصبح الذكاء الاصطناعي أحد أهم الأدوات التي تُشكل حاضرنا ومستقبلنا مع قدرته على تحليل البيانات الضخمة، واتخاذ القرارات، وتنفيذ المهام المعقدة، ما يجعله أداة قوية يمكن استخدامها لتحقيق فوائد جمة في مجالات مثل الطب، التعليم، والصناعة".
بيد أن سالم أكد أن القوة ذات حدين؛ فكما يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لأغراض إيجابية، يمكن أيضاً استغلاله لأغراض سلبية وضارة.
أبرز أنواع الجرائم
استعرض سالم أبرز الجرائم التي يمكن أن يساهم الذكاء الاصطناعي في تنفيذها، وكيف يمكن أن يصبح أداة في يد المجرمين لتحقيق أهدافهم غير المشروعة أهمها : الاختراق والهجمات الإلكترونية ومنها (الهجمات التلقائية) حيث يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لتطوير برمجيات خبيثة ذكية قادرة على التكيف مع أنظمة الحماية وتجاوزها، و(هجمات التصيد)، حيث يمكن للذكاء الاصطناعي إنشاء رسائل تصيد أكثر تطوراً وتخصيصاً، مما يجعلها أكثر إقناعاً وصعوبة في الكشف، و(هجمات القوة الغاشمة) ، حيث يمكن للذكاء الاصطناعي تسريع عمليات اختراق كلمات المرور من خلال تحليل الأنماط وتخمينها بسرعة أكبر.
وأوضح سالم أن من أبرز انواع جرائم الذكاء الاصطناعي ما يسمى بـ( التزييف العميق) مثل تزييف الفيديوهات والصوت إذ يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لإنشاء مقاطع فيديو أو تسجيلات صوتية مزيفة تبدو حقيقية، مما قد يستخدم في التشهير أو الاحتيال أو التلاعب بالرأي العام، والاحتيال المالي فيمكن استخدام التزييف العميق لانتحال شخصيات مسؤولة في الشركات أو المؤسسات المالية لتنفيذ عمليات احتيال.
وقال "من الأنواع الأخرى ( الاحتيال المالي)، مثل الاحتيال عبر البطاقات الائتمانية يمكن للذكاء الاصطناعي تحليل كميات كبيرة من البيانات لتحديد أنماط الإنفاق واستغلالها لسرقة المعلومات المالية، وما يسمى بـ (تداول الاحتيالي) فيمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لتنفيذ عمليات تداول احتيالية في الأسواق المالية عن طريق التلاعب بالأسعار أو نشر معلومات مضللة.
ومن أنواع جرائم الذكاء الاصطناعي بحسب سالم ( المراقبة الغير قانونية) مثل (التجسس) حيث يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لتحليل البيانات التي يتم جمعها من خلال المراقبة الجماعية، مما يسمح باختراق الخصوصية على نطاق واسع، و(تتبع الأفراد) حيث يحلل البيانات من وسائل التواصل الاجتماعي والكاميرات الذكية لتتبع تحركات الأفراد دون علمهم.
وأكدل أن من الجرائم ايضا (الجرائم الإلكترونية) المتعلقة بالبيانات ومنها سرقة البيانات وتزوير البيانات، و(الجرائم المتعلقة بالأسلحة الذكية) والتي يندرج تحتها ( القرصنة الذكية) حيث يمكن للذكاء الاصطناعي أن يستخدم لاختراق أنظمة الأسلحة الذكية أو الطائرات بدون طيار، واستخدامها لأغراض إجرامية، والهجمات الإلكترونية على البنية التحتية الحيوية باستخدام الذكاء الاصطناعي لشن هجمات إلكترونية على أنظمة الطاقة أو المياه أو النقل، مما قد يتسبب في أضرار جسيمة.
وقال "هناك (الجرائم المتعلقة بالروبوتات) فهناك ما يسمى بـ (الروبوتات الإجرامية) حيث يمكن استخدام الروبوتات المدعومة بالذكاء الاصطناعي لتنفيذ جرائم مثل السرقة أو التخريب،
و(الاستغلال غير القانوني) حيث يمكن استخدام الروبوتات في أنشطة غير قانونية مثل التهريب أو المراقبة غير المصرح بها".
وأكد أن من أنواع جرائم الذكاء الاصطناعي الخطيرة هي ( التلاعب بالرأي العام) حيث يمكن للذكاء الاصطناعي إنشاء ونشر أخبار كاذبة بشكل واسع، مما يؤثر على الرأي العام ويسبب اضطرابات اجتماعية، كما يمكن استخدامه للتأثير على نتائج الانتخابات من خلال نشر معلومات مضللة أو التلاعب ببيانات الناخبين.
وأشار إلى ( الجرائم المتعلقة بالخصوصية) ومنها انتهاك الخصوصية إذ يمكن للذكاء الاصطناعي تحليل البيانات الشخصية المتاحة على الإنترنت لانتهاك خصوصية الأفراد، ولاستغلال التجاري للبيانات دون موافقة الأفراد.
وأكد أن هناك ما يسمى بـ (الجرائم المتعلقة بالذكاء الاصطناعي نفسه) من خلال تطوير أنظمة ذكاء اصطناعي إجرامية قادرة على تنفيذ جرائم أكثر تعقيداً والاستخدام غير الأخلاقي مثل التجسس على الموظفين أو التمييز العنصري.
تشريعات محلية
في الجانب القانوني، ترى الخبيرة في مجال حقوق الإنسان د.نهلا المومني أن الذكاء الاصطناعي وسيلة من وسائل ارتكاب الجرائم وبالتالي فإن هذه الوسيلة تنطوي على مخاطر متعددة وقد تكون مخاطر استخدامها غير معروفة تماما.
وبناء عليه أكدت المومني أنه لا بد من مواكبة التشريعات الوطنية للأفعال التي قد تنتج عن استخدام الذكاء الاصطناعي سواء ما تعلق منها بالاعتداء على الحياة الخاصة للأفراد سواء تمثل ذلك بالاعتداء على مكونات هذا الحق من معطيات شخصية أو صور أو مقاطع فيديو وغير ذلك.
وأضافت المومني أنه في اطار المنظومة التشريعية الأردنية تم إقرار قانون خاص بحماية البيانات الشخصية كما تم تعديل قانون الجرائم الإلكترونية بما يضمن تجريم انتهاك الحياة الخاصة للأفراد من صور أو اصطناع مقاطع فيديو أو غير ذلك من أفعال للتلاعب بمكونات هذه الحياة، كما تم تغليظ العقوبات في حال استخدام التكنولوجيا الناشئة والتي من ضمنها الذكاء الاصطناعي لاستغلال الأطفال أو الأشخاص ذوي الإعاقة أو المصابون بأمراض نفسية وغير ذلك.
ميثاق أردني
وعلاوة على التشريعات السابقة التي ذكرتها المومني فقد وضعت الحكومة الأردنية سياسة وطنية للذكاء الاصطناعي، وإستراتيجية للذكاء الاصطناعي، وأقرت الميثاق الوطني لأخلاقيات الذكاء الاصطناعي والذي يغطي مجموعة من المبادئ والارشادات التي تعزز سيادة القانون وحقوق الإنسان والقيم الديمقراطية والتنوع والمسائل الأخلاقية لاستخدامات الذكاء الاصطناعي.
حالات بحاجة إلى تشريعات جديدة
إلا أن المومني قالت "هناك أفعال أخرى سواء ما يتعلق بحماية الهوية الرقمية أو تكريس صورة نمطية أو تنطوي على تمييز أو تحيز بحق بعض الأفراد أو الفئات أو ممارسة خطاب الكراهية بصورة غير مباشرة وغير ذلك من خوارزميات قد لا تتسم بالعدل والموضوعية بحق بعض الفئات وغير ذلك من أفعال، إذ أن كل هذه المخاطر قد تؤدي إلى أفعال ترتقي لمستوى التجريم ما تزال هناك حاجة لوضع إطار تشريعي لها".
وترى المومني أن الإطار التشريعي وحده لن يكون كافيا إذا لم يتوازى مع رفع الوعي لدى الأفراد بمخاطر هذا الذكاء وآليات التعامل معه.
أول قانون للذكاء الاصطناعي
ولفتت إلى الاتحاد الأوروبي قام استباقيا بوضع قانون خاص للذكاء الاصطناعي خلال العام الماضي ليكون أول قانون يحكم الذكاء الاصطناعي في العالم.
وترى المومني أن القانون الأوروبي يشكل نموذجا يحتذى به في قدرة الاتحادات ذات الرؤية والأهداف والقواسم المشتركة والسير قدما ووضع حد لمخاطر هذا الذكاء، وبالنتيجة حوكمته، في الوقت الذي تعجز فيه دول العالم مجتمعة على الوصول إلى توافق على الحد الأدنى من معايير حوكمة الذكاء الاصطناعي.
وقالت " التجربة الأوروبية يتوجب أن تكون نموذجا يحتذى به على مستوى الوطن العربي الذي لديه من الإمكانات والمؤهلات والقواسم المشتركة ما يؤهله إذا ما توفرت الرؤية المشتركة والإرادة الواحدة على أن يضع تنظيما إقليميا للقضايا الناشئة وغيرها بما في ذلك ما يتعلق بالذكاء الاصطناعي لتعظيم فرص الاستفادة من ميزاته وفي الوقت ذاته وضع الضوابط ذات العلاقة باستخدامه وتطويره".
وأصدر الاتحاد الأوروبي أول قانون للذكاء الاصطناعي وبدأ بتنفيذه صيف العام الماضي ليحمي حقوق المواطنين الأساسية وهو يغطي أي منتج أو خدمة تقدم في الاتحاد الأوروبي وتستخدم الذكاء الاصطناعي، سواء كانت من شركة تكنولوجية عملاقة في وادي السليكون أو من شركة محلية ناشئة.
ويستهدف القانون تنظيم مجموعة من استخدامات الذكاء الاصطناعي التي قد تنتهك خصوصية الأفراد في دول الاتحاد الأوروبي مثل الأنظمة الاحتيالية التي تعمل على التلاعب بنمط تفكير الأفراد أو الجماعات، والأنظمة الاستغلالية التي تستهدف تشويه سلوك الأفراد أو التأثير عليهم بطرق تضرهم أو تضر الآخرين، والأنظمة المتحيّزة التي تقيم الأفراد بناءً على سلوكهم الاجتماعي أو تصنيفهم، ما قد يؤدي إلى معاملة غير عادلة، وانظمة التنبؤ بارتكاب الجرائم التي تعتمد على تفاصيل شخصية وسلوكية دون وجود أدلة ملموسة، حيث يستثنى من هذا الحظر الأنظمة التي تستخدمها الدول والمؤسسات الأمنية لجمع المعلومات وتتبع المشتبه بهم، وأنظمة التعرف على الوجوه، وأنظمة استنتاج المشاعر ما لم يكن ذلك لأغراض طبية أو تتعلق بالسلامة.
نمو صناعة الذكاء الاصطناعي
من جانبه أكد الخبير في مجال الاتصالات والتقنية وصفي الصفدي، أن صناعة الذكاء الاصطناعي تشهد توسعا ونموا وسباقا محموما على مستوى الدول وشركات التقنية العالمية لتطويع هذه التقنية في شتى مناحي الحياة والتقدم في هذا المجال ولعل السباق بين أميركا والصين حاليا أكبر دليل على ذلك، مسترشدا بدراسات عالمية تتوقع بأن يسجل حجم سوق الذكاء الاصطناعي العالمية ستسجل 1.8 تريليون دولار في العام 2030.
وقال "هذا التوسع والنمو سيزيد من نطاق الاستخدام بين الشركات والمؤسسات والأفراد في كل دول العالم ومنها الأردن ومثل كل التقنيات التي ظهرت سابقا إلى جانب فوائدها هناك السلبيات ومن يطوع هذه التقنية لايذاء الناس والمؤسسات والاضرار بهم".
وأوضح الصفدي أنه يمكن للذكاء الاصطناعي أن يتسبب في جرائم واختراقات، غالبا ما تُسمى "الجرائم المدعومة بالذكاء الاصطناعي" وتشمل هذه الجرائم عمليات الاحتيال باستخدام تقنية التزييف العميق (تزييف الفيديوهات والصوت)، وهجمات التصيد الاحتيالي الآلية، والبرمجيات الخبيثة المدعومة بالذكاء الاصطناعي، واختراقات البيانات التي تسهلها تقنيات التعلم الآلي.
وقال "القراصنة يستخدمون الذكاء الاصطناعي لاستهداف الأفراد والشركات والمؤسسات، باستغلال نقاط الضعف في الأنظمة أو يخدعون الأشخاص عبر أساليب هندسة اجتماعية متطورة، مثل استخدام تقنيات التزييف العميق لانتحال شخصيات الأفراد لتنفيذ عمليات احتيال، بينما يمكن للخوارزميات الآلية سرقة البيانات الحساسة بسرعة وكفاءة".
ضرورة تعزيز الأمن السيبراني
للحماية من هذه الجرائم، أكد الصفدي أنه يجب تعزيز إجراءات الأمن السيبراني، من خلال استخدام أدوات أمان مدعومة بالذكاء الاصطناعي لاكتشاف التهديدات والتصدي لها، وتوعية المستخدمين بالمخاطر المرتبطة بالذكاء الاصطناعي، وتطبيق قواعد صارمة لحماية البيانات. كما أن تحديث الأنظمة بانتظام، واستخدام المصادقة متعددة العوامل مثل المصادقة الثنائية، ومراقبة الأنشطة غير الاعتيادية، كلها إجراءات تساعد في تقليل المخاطر.
وعلاوة على ذلك أشار الصفدي إلى أهمية التعاون بين الحكومات وشركات التكنولوجيا وخبراء الأمن السيبراني لمواكبة التهديدات المتطورة في عالم الذكاء الاصطناعي.
ويؤكد خبراء أن الذكاء الاصطناعي كغيره من التقنيات الحديثة ترافقه مخاطر لكنها أكبر في حالة هذه التقنية الأحدث، مع التطور الرهيب الذي تشهده، واستخدامها لكميات كبيرة من البيانات واستهلاك تطبيقاتها من قبل الأفراد لما توفره من مزايا اقتصادية كبيرة في كل القطاعات، مؤكدين أهمية حوكمة هذه الصناعة ووضع أطر تنظيمية وتشريعية تعالج الجرائم التي يمكن أن تنجم عنها.
وقال الخبراء "من المهم اليوم إلى جانب وضع الأطر التنظيمية والتشريعية وتوعية المجتمع والمؤسسات بجرائم الذكاء الاصطناعي وكيفية تجنبها، وتعزيز منظومة الأمن السيبراني أيضا" موضحين أنه لم يوضع حتى الآن في العالم قانون خاص بالذكاء الاصطناعي إلا في الاتحاد الأوروبي، إذ يحكم هذه الصناعة في الأردن تشريعات ذات علاقة مثل قانون حماية البيانات الشخصية وقانون الجرائم الإلكترونية، وميثاق أخلاقيات الذكاء الاصطناعي أقرته الحكومة سابقا.
ما هي أنواع جرائم الذكاء الاصطناعي؟
وكيف نواجهها بقوة لاخذ الإيجابيات وتفادي المخاطر؟ على هذه الاسئلة يجيب خبراء محليون التقت بهم " الغد" واجمعوا على أهمية وضع أطر تنظيمية وتشريعية تعالج ما يمكن ان ينجم عن الذكاء الاصطناعي من جرائم واختراقات.
خبير أمن المعلومات د.عمران سالم قال " في عصر التكنولوجيا المتقدمة، أصبح الذكاء الاصطناعي أحد أهم الأدوات التي تُشكل حاضرنا ومستقبلنا مع قدرته على تحليل البيانات الضخمة، واتخاذ القرارات، وتنفيذ المهام المعقدة، ما يجعله أداة قوية يمكن استخدامها لتحقيق فوائد جمة في مجالات مثل الطب، التعليم، والصناعة".
بيد أن سالم أكد أن القوة ذات حدين؛ فكما يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لأغراض إيجابية، يمكن أيضاً استغلاله لأغراض سلبية وضارة.
أبرز أنواع الجرائم
استعرض سالم أبرز الجرائم التي يمكن أن يساهم الذكاء الاصطناعي في تنفيذها، وكيف يمكن أن يصبح أداة في يد المجرمين لتحقيق أهدافهم غير المشروعة أهمها : الاختراق والهجمات الإلكترونية ومنها (الهجمات التلقائية) حيث يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لتطوير برمجيات خبيثة ذكية قادرة على التكيف مع أنظمة الحماية وتجاوزها، و(هجمات التصيد)، حيث يمكن للذكاء الاصطناعي إنشاء رسائل تصيد أكثر تطوراً وتخصيصاً، مما يجعلها أكثر إقناعاً وصعوبة في الكشف، و(هجمات القوة الغاشمة) ، حيث يمكن للذكاء الاصطناعي تسريع عمليات اختراق كلمات المرور من خلال تحليل الأنماط وتخمينها بسرعة أكبر.
وأوضح سالم أن من أبرز انواع جرائم الذكاء الاصطناعي ما يسمى بـ( التزييف العميق) مثل تزييف الفيديوهات والصوت إذ يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لإنشاء مقاطع فيديو أو تسجيلات صوتية مزيفة تبدو حقيقية، مما قد يستخدم في التشهير أو الاحتيال أو التلاعب بالرأي العام، والاحتيال المالي فيمكن استخدام التزييف العميق لانتحال شخصيات مسؤولة في الشركات أو المؤسسات المالية لتنفيذ عمليات احتيال.
وقال "من الأنواع الأخرى ( الاحتيال المالي)، مثل الاحتيال عبر البطاقات الائتمانية يمكن للذكاء الاصطناعي تحليل كميات كبيرة من البيانات لتحديد أنماط الإنفاق واستغلالها لسرقة المعلومات المالية، وما يسمى بـ (تداول الاحتيالي) فيمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لتنفيذ عمليات تداول احتيالية في الأسواق المالية عن طريق التلاعب بالأسعار أو نشر معلومات مضللة.
ومن أنواع جرائم الذكاء الاصطناعي بحسب سالم ( المراقبة الغير قانونية) مثل (التجسس) حيث يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لتحليل البيانات التي يتم جمعها من خلال المراقبة الجماعية، مما يسمح باختراق الخصوصية على نطاق واسع، و(تتبع الأفراد) حيث يحلل البيانات من وسائل التواصل الاجتماعي والكاميرات الذكية لتتبع تحركات الأفراد دون علمهم.
وأكدل أن من الجرائم ايضا (الجرائم الإلكترونية) المتعلقة بالبيانات ومنها سرقة البيانات وتزوير البيانات، و(الجرائم المتعلقة بالأسلحة الذكية) والتي يندرج تحتها ( القرصنة الذكية) حيث يمكن للذكاء الاصطناعي أن يستخدم لاختراق أنظمة الأسلحة الذكية أو الطائرات بدون طيار، واستخدامها لأغراض إجرامية، والهجمات الإلكترونية على البنية التحتية الحيوية باستخدام الذكاء الاصطناعي لشن هجمات إلكترونية على أنظمة الطاقة أو المياه أو النقل، مما قد يتسبب في أضرار جسيمة.
وقال "هناك (الجرائم المتعلقة بالروبوتات) فهناك ما يسمى بـ (الروبوتات الإجرامية) حيث يمكن استخدام الروبوتات المدعومة بالذكاء الاصطناعي لتنفيذ جرائم مثل السرقة أو التخريب،
و(الاستغلال غير القانوني) حيث يمكن استخدام الروبوتات في أنشطة غير قانونية مثل التهريب أو المراقبة غير المصرح بها".
وأكد أن من أنواع جرائم الذكاء الاصطناعي الخطيرة هي ( التلاعب بالرأي العام) حيث يمكن للذكاء الاصطناعي إنشاء ونشر أخبار كاذبة بشكل واسع، مما يؤثر على الرأي العام ويسبب اضطرابات اجتماعية، كما يمكن استخدامه للتأثير على نتائج الانتخابات من خلال نشر معلومات مضللة أو التلاعب ببيانات الناخبين.
وأشار إلى ( الجرائم المتعلقة بالخصوصية) ومنها انتهاك الخصوصية إذ يمكن للذكاء الاصطناعي تحليل البيانات الشخصية المتاحة على الإنترنت لانتهاك خصوصية الأفراد، ولاستغلال التجاري للبيانات دون موافقة الأفراد.
وأكد أن هناك ما يسمى بـ (الجرائم المتعلقة بالذكاء الاصطناعي نفسه) من خلال تطوير أنظمة ذكاء اصطناعي إجرامية قادرة على تنفيذ جرائم أكثر تعقيداً والاستخدام غير الأخلاقي مثل التجسس على الموظفين أو التمييز العنصري.
تشريعات محلية
في الجانب القانوني، ترى الخبيرة في مجال حقوق الإنسان د.نهلا المومني أن الذكاء الاصطناعي وسيلة من وسائل ارتكاب الجرائم وبالتالي فإن هذه الوسيلة تنطوي على مخاطر متعددة وقد تكون مخاطر استخدامها غير معروفة تماما.
وبناء عليه أكدت المومني أنه لا بد من مواكبة التشريعات الوطنية للأفعال التي قد تنتج عن استخدام الذكاء الاصطناعي سواء ما تعلق منها بالاعتداء على الحياة الخاصة للأفراد سواء تمثل ذلك بالاعتداء على مكونات هذا الحق من معطيات شخصية أو صور أو مقاطع فيديو وغير ذلك.
وأضافت المومني أنه في اطار المنظومة التشريعية الأردنية تم إقرار قانون خاص بحماية البيانات الشخصية كما تم تعديل قانون الجرائم الإلكترونية بما يضمن تجريم انتهاك الحياة الخاصة للأفراد من صور أو اصطناع مقاطع فيديو أو غير ذلك من أفعال للتلاعب بمكونات هذه الحياة، كما تم تغليظ العقوبات في حال استخدام التكنولوجيا الناشئة والتي من ضمنها الذكاء الاصطناعي لاستغلال الأطفال أو الأشخاص ذوي الإعاقة أو المصابون بأمراض نفسية وغير ذلك.
ميثاق أردني
وعلاوة على التشريعات السابقة التي ذكرتها المومني فقد وضعت الحكومة الأردنية سياسة وطنية للذكاء الاصطناعي، وإستراتيجية للذكاء الاصطناعي، وأقرت الميثاق الوطني لأخلاقيات الذكاء الاصطناعي والذي يغطي مجموعة من المبادئ والارشادات التي تعزز سيادة القانون وحقوق الإنسان والقيم الديمقراطية والتنوع والمسائل الأخلاقية لاستخدامات الذكاء الاصطناعي.
حالات بحاجة إلى تشريعات جديدة
إلا أن المومني قالت "هناك أفعال أخرى سواء ما يتعلق بحماية الهوية الرقمية أو تكريس صورة نمطية أو تنطوي على تمييز أو تحيز بحق بعض الأفراد أو الفئات أو ممارسة خطاب الكراهية بصورة غير مباشرة وغير ذلك من خوارزميات قد لا تتسم بالعدل والموضوعية بحق بعض الفئات وغير ذلك من أفعال، إذ أن كل هذه المخاطر قد تؤدي إلى أفعال ترتقي لمستوى التجريم ما تزال هناك حاجة لوضع إطار تشريعي لها".
وترى المومني أن الإطار التشريعي وحده لن يكون كافيا إذا لم يتوازى مع رفع الوعي لدى الأفراد بمخاطر هذا الذكاء وآليات التعامل معه.
أول قانون للذكاء الاصطناعي
ولفتت إلى الاتحاد الأوروبي قام استباقيا بوضع قانون خاص للذكاء الاصطناعي خلال العام الماضي ليكون أول قانون يحكم الذكاء الاصطناعي في العالم.
وترى المومني أن القانون الأوروبي يشكل نموذجا يحتذى به في قدرة الاتحادات ذات الرؤية والأهداف والقواسم المشتركة والسير قدما ووضع حد لمخاطر هذا الذكاء، وبالنتيجة حوكمته، في الوقت الذي تعجز فيه دول العالم مجتمعة على الوصول إلى توافق على الحد الأدنى من معايير حوكمة الذكاء الاصطناعي.
وقالت " التجربة الأوروبية يتوجب أن تكون نموذجا يحتذى به على مستوى الوطن العربي الذي لديه من الإمكانات والمؤهلات والقواسم المشتركة ما يؤهله إذا ما توفرت الرؤية المشتركة والإرادة الواحدة على أن يضع تنظيما إقليميا للقضايا الناشئة وغيرها بما في ذلك ما يتعلق بالذكاء الاصطناعي لتعظيم فرص الاستفادة من ميزاته وفي الوقت ذاته وضع الضوابط ذات العلاقة باستخدامه وتطويره".
وأصدر الاتحاد الأوروبي أول قانون للذكاء الاصطناعي وبدأ بتنفيذه صيف العام الماضي ليحمي حقوق المواطنين الأساسية وهو يغطي أي منتج أو خدمة تقدم في الاتحاد الأوروبي وتستخدم الذكاء الاصطناعي، سواء كانت من شركة تكنولوجية عملاقة في وادي السليكون أو من شركة محلية ناشئة.
ويستهدف القانون تنظيم مجموعة من استخدامات الذكاء الاصطناعي التي قد تنتهك خصوصية الأفراد في دول الاتحاد الأوروبي مثل الأنظمة الاحتيالية التي تعمل على التلاعب بنمط تفكير الأفراد أو الجماعات، والأنظمة الاستغلالية التي تستهدف تشويه سلوك الأفراد أو التأثير عليهم بطرق تضرهم أو تضر الآخرين، والأنظمة المتحيّزة التي تقيم الأفراد بناءً على سلوكهم الاجتماعي أو تصنيفهم، ما قد يؤدي إلى معاملة غير عادلة، وانظمة التنبؤ بارتكاب الجرائم التي تعتمد على تفاصيل شخصية وسلوكية دون وجود أدلة ملموسة، حيث يستثنى من هذا الحظر الأنظمة التي تستخدمها الدول والمؤسسات الأمنية لجمع المعلومات وتتبع المشتبه بهم، وأنظمة التعرف على الوجوه، وأنظمة استنتاج المشاعر ما لم يكن ذلك لأغراض طبية أو تتعلق بالسلامة.
نمو صناعة الذكاء الاصطناعي
من جانبه أكد الخبير في مجال الاتصالات والتقنية وصفي الصفدي، أن صناعة الذكاء الاصطناعي تشهد توسعا ونموا وسباقا محموما على مستوى الدول وشركات التقنية العالمية لتطويع هذه التقنية في شتى مناحي الحياة والتقدم في هذا المجال ولعل السباق بين أميركا والصين حاليا أكبر دليل على ذلك، مسترشدا بدراسات عالمية تتوقع بأن يسجل حجم سوق الذكاء الاصطناعي العالمية ستسجل 1.8 تريليون دولار في العام 2030.
وقال "هذا التوسع والنمو سيزيد من نطاق الاستخدام بين الشركات والمؤسسات والأفراد في كل دول العالم ومنها الأردن ومثل كل التقنيات التي ظهرت سابقا إلى جانب فوائدها هناك السلبيات ومن يطوع هذه التقنية لايذاء الناس والمؤسسات والاضرار بهم".
وأوضح الصفدي أنه يمكن للذكاء الاصطناعي أن يتسبب في جرائم واختراقات، غالبا ما تُسمى "الجرائم المدعومة بالذكاء الاصطناعي" وتشمل هذه الجرائم عمليات الاحتيال باستخدام تقنية التزييف العميق (تزييف الفيديوهات والصوت)، وهجمات التصيد الاحتيالي الآلية، والبرمجيات الخبيثة المدعومة بالذكاء الاصطناعي، واختراقات البيانات التي تسهلها تقنيات التعلم الآلي.
وقال "القراصنة يستخدمون الذكاء الاصطناعي لاستهداف الأفراد والشركات والمؤسسات، باستغلال نقاط الضعف في الأنظمة أو يخدعون الأشخاص عبر أساليب هندسة اجتماعية متطورة، مثل استخدام تقنيات التزييف العميق لانتحال شخصيات الأفراد لتنفيذ عمليات احتيال، بينما يمكن للخوارزميات الآلية سرقة البيانات الحساسة بسرعة وكفاءة".
ضرورة تعزيز الأمن السيبراني
للحماية من هذه الجرائم، أكد الصفدي أنه يجب تعزيز إجراءات الأمن السيبراني، من خلال استخدام أدوات أمان مدعومة بالذكاء الاصطناعي لاكتشاف التهديدات والتصدي لها، وتوعية المستخدمين بالمخاطر المرتبطة بالذكاء الاصطناعي، وتطبيق قواعد صارمة لحماية البيانات. كما أن تحديث الأنظمة بانتظام، واستخدام المصادقة متعددة العوامل مثل المصادقة الثنائية، ومراقبة الأنشطة غير الاعتيادية، كلها إجراءات تساعد في تقليل المخاطر.
وعلاوة على ذلك أشار الصفدي إلى أهمية التعاون بين الحكومات وشركات التكنولوجيا وخبراء الأمن السيبراني لمواكبة التهديدات المتطورة في عالم الذكاء الاصطناعي.
0 تعليق