هذا الملحق والحلم الذي نسعى له

صحيفة عمان 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

هذا الملحق حلم نرجو أن يتحقق، وصدور العدد الأول منه ووصوله بين يدي القراء لا يعني أن الحلم قد تحقق بالفعل، وفي ظننا أن الحلم يتحقق حينما يحقق المحلق/ المجلة الهدف الذي نشأت هذه المطبوعة من أجله وهو صناعة حراك فكري اقتصادي يناقش الواقع الاقتصادي في سلطنة عُمان وفي المنطقة العربية. إن الحديث عن الأزمات الاقتصادية وعن أحلامنا بوجود اقتصاد قوي لا يعتمد على النفط ويستطيع أن يوفر وظائف تستوعب الأعداد الكبيرة من الخريجين أمر سهل ويمكن تصنيفه في مستوى الأخبار الاقتصادية.. ولكن مناقشة طرق وأساليب ذلك والعقبات التي تقف في وجه مثل هذه المشاريع هو الفكر الاقتصادي الذي نسعى أن نفرد له مساحة في هذا الملحق.

والاقتصاد لم يكن في يوم من الأيام مجرد أرقام جامدة أو مؤشرات متحركة على شاشات التداول لكنه في الحقيقة هو فكر ينشأ نتيجة تحولات كبرى تشهدها المجتمعات عبر التاريخ، ويُعاد إنتاجه كلما طرحت المجتمعات أسئلة كبرى عن الثروة، والعدالة، والتنمية.

من هذا المنطلق، جاء ملحق جريدة عمان الاقتصادي استجابة لهذه الحاجة الملحة ليس فقط في المشهد العماني ولكن في المشهد العربي الذي يفتقر إلى مطبوعات اقتصادية تعنى بالفكر الاقتصادي وتناقش العمق الفلسفي والجدلي للنظريات والسياسات الاقتصادية، ورصد التحولات الكبرى التي تشكل مصائر الدول واقتصاداتها.

يمر الاقتصاد في العالم اليوم بمنعطفات حادة، ليس فقط على مستوى التقلبات الدورية للأسواق، بل في طبيعة الأسئلة التي تواجهه.. من أزمة الرأسمالية المتأخرة، وصعود نماذج جديدة كالاقتصاد التشاركي والرقمي، إلى إعادة النظر في مفاهيم النمو والرفاه في ضوء التحديات البيئية والديموغرافية. هذه القضايا لا يمكن اختزالها في أخبار عابرة أو تقارير آنية، بل تحتاج إلى تحليل رصين يستلهم التجارب ويفكك الاتجاهات، ليقدم للقارئ رؤية نقدية عميقة، تتجاوز السائد والمباشر.

بهذا المعنى وهذه الرؤية سيكون هذا الملحق مساحة للحوار بين الفكر الاقتصادي والسياسات الواقعية، حيث سنناقش قضايا التحولات في الاقتصاد العُماني في ظل «رؤية عُمان 2040»، والتحديات التي تواجه الاقتصادات الخليجية في عصر ما بعد النفط، ومستقبل العولمة الاقتصادية في ظل تصاعد الحمائية الاقتصادية والنزعات القومية، كما سنبحث في تأثيرات الذكاء الاصطناعي على سوق العمل، وإشكاليات العدالة الاقتصادية في ظل التفاوت المتزايد بين الدول وداخلها.

نؤمن بأن الفكر الاقتصادي ليس حكرا على الأكاديميين والخبراء، بل هو جزء من وعي المجتمع، وهو ما يجعل هذا الملحق معنيا بتبسيط القضايا الاقتصادية العميقة دون تسطيحها، وتقديمها بلغة رصينة تُحافظ على العمق وتراعي وضوح الطرح.

وفي العدد الأول نضع حجر الأساس لنقاش متجدد حول الاقتصاد بوصفه فلسفة ورؤية، وليس مجرد أداة للربح أو منظومة للعرض والطلب. نأمل أن يكون هذا الملحق نافذة جديدة للقارئ العُماني والعربي نحو فهم أعمق للتحولات الاقتصادية، ليس كمتغيرات آنية، بل كمفاهيم وأطر تحدد مسارات المستقبل. على أن العدد الأول رغم أهميته إلا أننا نعتبره العتبة الأولى التي تمهد للمسار الحقيقي والهدف الأسمى الذي نسعى له من خلال هذا الملحق.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق