بقلم: عاموس هرئيل 12/2/2025
الجيش الإسرائيلي يستعد لتجنيد واسع جدا منذ بداية الحرب في حالة انهيار وقف اطلاق النار في قطاع غزة، واستئناف الهجوم في القطاع. الاستعدادات جرت على خلفية الازمة حول تطبيق صفقة التبادل مع حماس واقتراح الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، بأن تستأنف إسرائيل الحرب اذا لم تتم اعادة جميع المخطوفين حتى يوم السبت القادم في الساعة الثانية عشرة ظهرا.اضافة اعلان
في نهاية جلسة الكابنت أمس نشر "مصدر سياسي" بيانا يعبر عن تأييد أقوال ترامب وطالب بـ "تحرير مختطفينا"، بدون تحديد اذا كان القصد جميع المخطوفين. من تناولات اخرى لجهات سياسية ومصادر إسرائيلية في الساعات القادمة، يتبين أن إسرائيل تريد مواصلة نبضات تحرير المخطوفين، وأنه اذا تراجعت حماس عن اعلانها حول تجميد النبضة القادمة المخطط لها في يوم السبت فإنها ستواصل تنفيذ الصفقة.
في وقت لاحق نشر بيان آخر، الرابع، من قبل "مصدر إسرائيلي رفيع"، فيه تمت الإشارة بشكل صريح إلى أن الحكومة والكابنت "متفقان مع بيان الرئيس الأميركي ترامب"، الذي يقول "جميعهم يجب أن يخرجوا في يوم السبت".
في هذه الاثناء، على الارض، إلى جانب نشر قوات تعزيز طارئة نظامية قرب القطاع الذي تم تنفيذه، تم إعداد خطة لتجنيد كثيف لعدة فرق احتياط، بعضها يمكن أن ينتشر على طول حدود القطاع، وبعضها سيتم ارسالها إلى ساحات اخرى من اجل تحرير المزيد من الوحدات النظامية لهجوم محتمل في القطاع. هذه العملية ستلقي مرة اخرى عبئا كبيرا على منظومة الاحتياط، التي معظم الجنود فيها خدموا 100 – 300 يوم منذ بداية الحرب. القصد هو هجوم واسع وطويل في نهايته من شأن الجيش الإسرائيلي أن يدمر كل البنى التحتية العسكرية التي بقيت لحماس وإزاحتها ايضا عن السيطرة المدنية في القطاع.
المعسكر الأكبر لمؤيدي صفقة المخطوفين في إسرائيل، غالبية ساحقة في اوساط الجمهور حسب كل الاستطلاعات، يمر الآن في نفس عملية خيبة الامل المؤلمة التي مر فيها من عارضوا الصفقة قبل بضعة أسابيع. اليأس من الجمود في المفاوضات حول الصفقة خلال سنة واكثر أدى إلى تعليق آمال كبيرة على الرئيس ترامب. الرئيس حقق هذه الامال عندما فرض على الطرفين صفقة تبادل جديدة، تم التوقيع عليها بالضبط عشية تسلمه لمنصبه. العملية ادت إلى الاحباط وخيبة الامل في معسكر اليمين الإسرائيلي ازاء التفاجؤ من طلب ترامب من رئيس الحكومة نتنياهو وقف الحرب من اجل تنفيذ الصفقة.
أول من أمس اعلنت حماس عن تجميد تنفيذ المرحلة الاولى في الاتفاق بذريعة واهية بشأن خروقات إسرائيلية. حماس اضافت أن تنفيذ النبضة القادمة المخطط لها في يوم السبت القادم، وفيها تحرير 3 مخطوفين، سيتم تأجيلها إلى اشعار آخر، مشروط بتصحيح إسرائيل للخروقات. إسرائيل ادانت هذه الخطوة بشدة.
بعد بضع ساعات من ذلك صب ترامب الزيت على النار. فقد قال إنه اذا لم تطلق حماس سراح جميع المخطوفين حتى الساعة الثانية عشرة في يوم السبت فانه يجب الغاء وقف اطلاق النار والرد على ذلك سيكون "جحيم". هو ايضا رفض اسلوب الصفقة الحالية الذي فيه يتمر تحرير المخطوفين على نبضات صغيرة مرة كل اسبوع. وقد قال "لقد حان الوقت لتقرير الموعد، ليس اثنين أو ثلاثة في كل مرة".
أمس واصل ترامب – هو نوع من قوى الطبيعة غير القابلة للتنبؤ أو الادارة – اطلاق التصريحات في وسائل الاعلام واعلن بأنه سيواصل الدفع قدما بخطة تهجير الفلسطينيين من القطاع، وحتى أنه هدد الأردن ومصر بوقف المساعدات بمليارات الدولارات اذا رفضا استيعاب اللاجئين الفلسطينيين فيها. الرئيس الأميركي يواصل تحدي طريقة المفاوضات – بعد اشهر طويلة من الجمود في فترة سلفه جو بايدن. مع ذلك، هو يقوم بصياغة اقتراحاته المرتبطة بعملية القتال كاقتراح لإسرائيل وليس كتهديد مباشر بعملية أميركية، بصورة تترك الكرة في ملعب نتنياهو.
لو أن الامر لم يكن يتعلق بأبناء شعبنا الذين يموتون في الأنفاق في القطاع لكان يمكن رؤية في تسلسل الاحداث الاخيرة درس ممتع في العلاقات الدولية. أي طريقة تنفع مع منظمة؟ هل يمكن تغيير في المواقف باستعراض القوة المناسبة ؟ من غير الغريب أن اليمين العميق في إسرائيل يشعر بالنشوة من تصريحات الرئيس، ومن غير الغريب ايضا أن عائلات المخطوفين التي كان ترامب البطل غير المتوقع لها في الفترة الاخيرة، تملكها الذعر.
إن التنبؤ بخطوات ترامب لم يعد الآن مهمة للمحللين أو رجال الاستخبارات؛ نفس النجاح المتوقع لمنجم أو قاريء للكف.
الانفعال في اليمين يستند إلى الافتراض الضمني بأن نتنياهو والوزير المقرب منه رون ديرمر، وجدا الطريق لقلب ترامب وهما يمكنهما املاء ردوده. خطوات الرئيس الاخيرة، بما في ذلك خطة التهجير المشوشة، تظهر وكأنه تم طبخها بالتشاور مع الحكومة الإسرائيلية. ولكن الحياة ليست فيلم هوليوودي، وترامب في طلبه المحق من حماس بوقف التنكيل بالمخطوفين وعائلاتهم واعادتهم جميعا على الفور، فانه يلعب بدرجة كبيرة بالنار ايضا.
يصعب التقدير في هذه المرحلة كيف ستتصرف حماس ازاء الاملاء الأميركي الجديد. هل يوجد لها ما تخسره؟ ما الذي ستفعله إسرائيل والولايات المتحدة اذا رفضت؟ لنفترض أن هجوم الجيش الإسرائيلي في القطاع تم استئنافه فهل هذا سيجلب بالضرورة النصر الإسرائيلي؟. في نهاية المطاف، خلافا لوعود نتنياهو، لم يتم تحقيق أي نصر مطلق على حماس في كل اشهر الحرب. فلماذا نفترض أنه سيتم تحقيق مثل هذا النصر الآن – كم هو عدد المخطوفين الاحياء الذين سيقتلون في الطريق إلى هناك.
ربما بتهديداته فان الرئيس الامريكي ترامب يقوم باعداد نفسه قبل اعطاء الضوء الاخضر لنتنياهو من اجل الانسحاب من اتفاق المخطوفين، والعمل في البداية على تدمير حماس. تدمير سلطة حماس هو هدف مناسب، لكن يبدو أن الرئيس الأميركي ورئيس الحكومة تذكرا معالجته بشكل متأخر. في الطريق إلى هناك يمكن أن يموت عشرات المخطوفين ومعهم عدد غير قليل من جنود الجيش الإسرائيلي والمدنيين في غزة. من غير الواضح إلى أي درجة، هذا اذا وجد، هذا الامر يزعج ترامب ونتنياهو.
0 تعليق