التعامل مع تعليق المساعدات الأميركية للأردن.. التحديات والفرص

الغد 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

ما أهمية المساعدات
 الأميركية للأردن:
تلعب المساعدات الأميركية للأردن دورًا أساسيًا في دعم الاقتصاد، حيث تساهم في تمويل مشاريع البنية التحتية، التعليم، الصحة، والمياه، وتساعد في استقرار المالية العامة من خلال دعم الميزانية، كما تساهم في خلق فرص عمل، تعزيز دور القطاع الخاص، ودعم الإصلاحات المؤسسية. ففي عام 2024 بلغ إجمالي المساعدات الاميركية للأردن حوالي 1.65 مليار دولار أميركي، تم تخصيص 770.885 مليون دولار كتحويل نقدي مباشر لدعم الخزينة، كما خصصت 439.1 مليون دولار لمشاريع تنموية في قطاعات مختلفة، بما في ذلك المياه والصرف الصحي، والتنمية الاقتصادية، والتعليم، والتوظيف ودعمت الأموال المتبقية (425 مليون دولار) للتمويل العسكري لتعزيز القدرات الدفاعية للأردن.اضافة اعلان
ما تأثير الانقطاع على عجز الموازنة وإجمالي الدين العام؟
يعتمد جزء كبير من الميزانية العامة على هذه المساعدات فهي تدعم الموازنة بمبلغ 771 مليون دولار (550 مليون دينار اردني) سنويا وهو ما يشكل قرابة 5.7 % من الايرادات الحكومية بالإضافة الى تمويل مشاريع تنموية وخدمات عامة من خلال المشاريع الممولة مباشرة من خلال الوكالة الاميركية للتنمية الدولية (USAID). 
ومع غياب هذا التمويل، من المتوقع أن يرتفع عجز الموازنة العامة ويزداد إجمالي الدين العام بسبب الاضطرار إلى الاقتراض من مصادر محلية أو دولية لتعويض النقص في التمويل، كما قد تتأثر التصنيفات الائتمانية للأردن، مما قد يرفع تكلفة الاقتراض ويزيد قيمة خدمة الدين السنوية.  
كيف سينعكس الانقطاع على الاقتصاد الأردني والقطاعات المختلفة؟ 
سيؤثر هذا التجميد المؤقت على المشاريع الممولة من الوكالة الأميركية للتنمية الدولية في الأردن، مما قد يؤدي إلى تداعيات اقتصادية واجتماعية ملموسة. وقد يؤدي استمرار هذا التجميد إلى فقدان العديد من الوظائف (خاصة تلك ذات القيمة المضافة العالية من الطبقة الوسطى) في قطاعات مثل البناء، والرعاية الصحية، والتعليم والخدمات، كما ستتضرر العديد من الشركات الصغيرة والموردين المحليين المعتمدين على مشاريع الوكالة، مما سيؤدي إلى زيادة البطالة، ومن أجل الحد من الأضرار، يجب على الأردن البحث عن مصادر تمويل بديلة واستراتيجيات اقتصادية جديدة لدعم العمال والشركات المتأثرة، ومع ذلك، فإن هذه الأزمة تمثل أيضًا فرصة للإصلاح وتعزيز الاستقلالية الاقتصادية من خلال تحسين كفاءة الإنفاق العام، ودفع الإصلاحات الاقتصادية، وتعزيز دور القطاع الخاص، ويمكن للأردن تطوير حلول محلية مستدامة وبناء اقتصاد أكثر مرونة واستقلالية.
البدائل الممكنة لتعويض انقطاع المساعدات الأميركية
على الرغم من الاثر الكبير للتجميد "المؤقت" للمساعدات الاميركية إلا ان الأردن يمتلك أدوات وبدائل قادرة على تجاوز هذة الازمة وخاصة في ظل الموقف الشعبي والعربي والأوروبي الرافض لتهجير الفلسطينيين والحاجة لدعم موقف الأردن ومنعته الاقتصادية، ويمكن للحكومة الأردنية اللجوء إلى عدة بدائل لتعويض الفجوة التمويلية الناتجة عن تعليق المساعدات الأميركية، ومنها تعزيز التعاون مع الدول العربية وخاصة دول مجلس التعاون الخليجي والصناديق العربية للحصول دعم مالي واستثماري مباشر وتوجيه الاستثمارات العربية نحو مشاريع استراتيجية في البنية التحتية والمياة والسياحة.
 كما ان الأردن يتمتع بعلاقات قوية مع الاتحاد الأوروبي ومؤسسات التمويل الدولية مثل بنك التنمية والإعمار الأوروبي، والبنك الدولي وبنك التنمية الاسلامي وغيرهم من مؤسسات التمويل الدولية، ويستطيع الأردن توسيع التعاون مع شركائة الدوليين لضمان استمرار التمويل للمشاريع الحيوية وذات الاولوية.
تحويل الأزمة إلى فرصة 
لقد أثبت الأردن على امتداد تاريخة قدرتة على ادارة الازمات والخروج منها اقوى، وفي ضوء التحديات التي يواجهها الأردن اليوم نتيجة لتجميد المساعدات الأميركية، يمكن تحويل هذه الأزمة إلى فرصة لتعزيز القدرات الوطنية وترسيخ مبدأ الاكتفاء الذاتي والاستفادة من الخبرات المكتسبة في العديد من القطاعات المتضررة واستيعاب الموظفين ذوي الخبرة في القطاع العام لتحسين كفاءة العمل الحكومي والتسريع في تنفيذ خطة اصلاح القطاع العام ورؤية التحديث الاقتصادي.
 هذه الاستراتيجية لا تهدف فقط إلى معالجة التأثيرات الفورية لتجميد المساعدات، ولكنها تضع الأسس لتعزيز الاستقلالية الاقتصادية وتقليل الاعتماد على المساعدات الخارجية وبناء اقتصاد أكثر مرونة واستدامة على المدى الطويل. 

*وزير التخطيط والتعاون الدولي الأسبق

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق