
لم يكن وقع مفاجآت الرئيس الأمريكي على العرب بأقل منها على الأوكرانيين والأوروبيين.
نهج ترامب مع الطرفين كان واحدا؛ مزيد من الازدراء والاستعلاء.
وكما فاجأ ترامب العرب بمقترحاته للاستيلاء على قطاع غزة وتهجير أهلها إلى مصر والأردن، فإنه فاجأ الأوروبيين والأوكرانيين بالقفز عنهم، والتفاوض مع الروس في محاولة لإيقاف الحرب هناك، وفاء بتعهداته التي قطعها على نفسه أولا وآخر!! فهو في النهاية لا يرى إلا نفسه.
الأوروبيون؛ خصوصا ألمانيا وفرنسا تتعامل مع القضية الأوكرانية كقضية أمن قومي، وهي لا تقل في مستواها عن أهمية القضية الفلسطينية بالنسبة للعرب كافة خصوصا دول الطوق (مصر والأردن ولبنان وسوريا).
ترامب قفز عن كل الاستراتيجيات التي حكمت الصراع الروسي الأوكراني، وهي التي وضعت بإحكام وبتنسيق كامل بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وهدفها كسر الحملة الروسية على أوكرانيا واستعادة أوكرانيا جميع ما خسرته خلال الحرب، وتحطيم طموحات القيصر بوتين التوسعية تجاه أوروبا.
لم تكن تخوفات الأوروبيين وهمية، فقد أدت الأزمة إلى تغيير موقف السويد وفنلندا وانضمامهما لحلف الناتو بعد شعورهما بالتهديد الروسي.
تشير معظم التحليلات إلى أن خطة ترامب لوقف الحرب هو مكافأة روسيا بحصولها على الأراضي الأوكرانية التي سيطرت عليها، وهو بذلك لا يعير أي اهتمام لأوكرانيا وسيادة أراضيها، ولا إلى عشرات آلاف الجنود الذين قتلوا في سبيل الدفاع عنها.. هذه أمور لا تهم ترامب.. وربما سيخرج ليقول إن الأوكرانيين سيكونون سعداء بهذا الحل، تماما كما يكرر القول عن الفلسطينيين في غزة حين يواجه بسؤال: هل تم أخذ رأي أهالي غزة بخططك؟
أوكرانيا بدت بائسة، وكأنها فتاة عانس في بيت أخيها الذي ضاق ذرعا بوجودها عنده؛ فترامب يفاوض روسيا دون مشورتها، أو التنسيق معها. تماما كما يفعل مع العرب حيث يفاوض الكيان على قطاع غزة!!
فرنسا التي لديها بعض الكبرياء وبعض السياسة المستقلة شعرت بالإهانة والتجاهل، بعد تصريحات قال المبعوث الأمريكي الخاص لأوكرانيا، الجنرال كيث كيلوج، من أن أوروبا لن يكون لها مقعد على الطاولة في محادثات السلام في أوكرانيا، فدعت إلى قمة طارئة ضمت ألمانيا وبولندا وإيطاليا وحتى بريطانيا، وذلك لتشكيل جبهة موحدة لمواجهة مخططات ترامب.
القمة عقدت الاثنين الماضي، لكن بحسب تقارير إعلامية فقد كان انقسام في وجهات النظر خصوصا فيما يتعلق بإرسال قوات إلى أوكرانيا في مواجهة القوات الروسية إذا لزم الأمر في حال التوصل إلى وقف إطلاق نار، لضمان أمن أوروبا.
في المقابل يسعى العرب إلى قمة طارئة في القاهرة حدد موعدها في السابع والعشرين من الشهر الحالي قبل أن يتم تأجيل موعدها إلى الرابع من الشهر القادم، والتي من المفترض أن تناقش ردا عربيا موحدا على مقترحات ترامب بخصوص الاستيلاء على غزة وتهجير أهلها.
يحب مسؤولو إدارة ترامب أن يطلقوا عليه أنه يحب الحلول غير التقليدية، والحلول التي تأتي من خارج الصندوق، لكن الصحفي الأمريكي الشهير توماس فريدمان يقول إن خطط ترامب تثبت شيئا واحدا وهو “مدى قصر المسافة بين التفكير خارج الصندوق، والتفكير خارج العقل”.
0 تعليق