أداة فاعلة في بناء الهوية الوطنية وتعزيز الحضور السعودي على الساحة الدولية

مسيرة مليئة بالتطورات الكبيرة. منذ عهد الملك عبد العزيز
يعكس التطور المتسارع الذي يشهده الإعلام السعودي التحولات التي تمر بها المملكة في مختلف المجالات، إذ أصبح أداة فاعلة في بناء الهوية الوطنية وتعزيز الحضور السعودي على الساحة الدولية، فمنذ تأسيس المملكة على يد الملك عبد العزيز آل سعود عام 1932م، والإعلام يلعب دورًا جوهريًا في نقل الأحداث وصياغة الوعي المجتمعي، متطورًا من الصحافة المطبوعة والإذاعة إلى الإعلام الرقمي والتلفزيون الحديث.
إبراز مكانة الإعلام كركيزة أساسية في تحقيق رؤية 2030
واليوم، يأتي منتدى الإعلام السعودي في الرياض ليؤكد التزام المملكة بتعزيز قدراتها الإعلامية، والاستفادة من التحولات الرقمية، وإبراز مكانة الإعلام كركيزة أساسية في تحقيق رؤية 2030، حيث يسعى المنتدى إلى تسليط الضوء على دور الإعلام في صناعة التأثير، ودعم النشر، والترجمة، وحتى قطاع السينما، بما يعزز دور المملكة كمركز إعلامي رائد في المنطقة والعالم.
وقد مرَّ الإعلام السعودي بمراحل تاريخية، تعكس تطور المملكة وتكيفها مع التحولات العالمية، إذ بدأت المسيرة بالصحافة التقليدية، حيث صدرت أولى الصحف السعودية مثل "أم القرى" عام 1924 م 1343 هـ، والتي لعبت دورًا بارزًا في توثيق الأحداث ونقل الأخبار الرسمية، ثم انطلق عصر الإذاعة في عام 1949م 1369 هـ، ليشكل نقطة تحول كبيرة في الوصول لكافة مناطق المملكة، ومع تطور التكنولوجيا، انطلق البث التلفزيوني السعودي عام 1965، ليواكب التطورات العالمية في صناعة الإعلام، ومع التطورات الكبيرة للمملكة، برز الإعلام الرقمي، مدعومًا بمنصات التواصل الاجتماعي والتقنيات الحديثة، ما جعل السعودية من الدول الرائدة في تبني استراتيجيات الإعلام الجديد، تماشيًا مع رؤية 2030 التي تسعى لتعزيز الدور الإعلامي الوطني على المستويين الإقليمي والدولي.
الإعلام السعودي في فترة ما قبل التوحيد (ما قبل 1932)
قبل توحيد المملكة العربية السعودية على يد الملك عبد العزيز، كانت الجزيرة العربية تتسم بعدم وجود وسائل إعلام متطورة. كانت وسائل الاتصال تعتمد بشكل أساسي على المراسلات الشفهية والرسائل المكتوبة بين المدن. كما كانت مكة المكرمة والمدينة المنورة تتصدران في نشر الأخبار بين سكان المملكة.
ومع بداية القرن العشرين، بدأت بعض الصحف التقليدية تظهر في مناطق معينة، مثل صحف مكة وجدة، لكنها كانت تفتقر إلى التنسيق الرسمي أو التنظيم الحكومي. وكان الإعلام في هذه الفترة في غالبيته يعكس واقع المجتمعات المحلية، ويعتمد على الأخبار التي تنقلها القوافل التجارية أو الرسل.
توحيد المملكة وبداية الإعلام الرسمي (1932-1949)
بعد توحيد المملكة على يد الملك عبد العزيز في عام 1932م، بدأ الإعلام السعودي في أخذ شكل أكثر تنظيمًا. مع الحاجة الملحة إلى وسيلة لنقل أخبار المملكة داخليًا وخارجيًا، تم تأسيس أول صحيفة سعودية "أم القرى" في عام 1924م في مكة المكرمة، وكان الهدف من الصحيفة نشر الأخبار الرسمية وتوثيق القرارات الحكومية.
وفي عام 1949م (1368هـ)، أُسست أول محطة إذاعية سعودية في جدة، وكانت هذه بداية نشوء الإعلام المرئي والمسموع في المملكة. كانت الإذاعة السعودية في تلك الفترة تركز على نشر الأخبار الرسمية وبرامج ثقافية ودينية، كما كانت وسيلة هامة للتواصل مع المواطنين وتعريفهم بسياسات الحكومة.
تطور الإعلام المسموع والمرئي (1950-1969)
في الخمسينات، بدأت المملكة تركز بشكل أكبر على تطوير الإعلام المسموع من خلال توسيع شبكة الإذاعات، لتشمل الرياض والطائف وبعض المدن الكبرى الأخرى. وفي 1368هـ (1949م)، أصبحت إذاعة جدة هي المحطة الإذاعية الوحيدة، حيث كانت تغطي مناطق مختلفة في المملكة.
وفي عام 1382هـ (1962م)، أعلنت المملكة عن إنشاء أول محطة تلفزيونية سعودية، وكان هذا التحول بداية مرحلة جديدة من الإعلام في المملكة. بدأ البث في عام 1385هـ (1965م) من الرياض وجدة، وكان البث في البداية بالأبيض والأسود. وركز التلفزيون في بداياته على نشر الأخبار الحكومية، إضافة إلى بعض البرامج الدينية والثقافية.
في هذا الوقت، تم تأسيس وزارة الإعلام في 1382هـ (1962م)، لتكون الجهة الرسمية المسؤولة عن تنظيم ورقابة الصحافة والإذاعة والتلفزيون في المملكة.
شهد الإعلام السعودي توسعًا ملحوظًا أصبح هناك عدد أكبر من القنوات الإذاعية والتلفزيونية
التوسع الإعلامي والتقنيات الجديدة (1970-1989)
خلال السبعينات والثمانينات، شهد الإعلام السعودي توسعًا ملحوظًا. أصبح هناك عدد أكبر من القنوات الإذاعية والتلفزيونية، حيث تم افتتاح محطات تلفزيونية جديدة في مختلف المدن السعودية. في عام 1976م، بدأ البث التلفزيوني السعودي بالانتقال إلى مرحلة البث الملون، مما مهد الطريق لتقديم برامج أكثر تنوعًا وجذبًا للمشاهدين.
تأسست أيضًا الصحف الكبرى في هذه الفترة، مثل "الرياض"، "عكاظ"، و"الجزيرة"، حيث أصبحت وسائل الإعلام المطبوعة أكثر تنوعًا وشمولًا في تغطية الأحداث المحلية والدولية.
وشهدت هذه الفترة أيضًا تركيزًا أكبر على البرامج الاجتماعية والترفيهية، ما ساعد في تلبية احتياجات جميع فئات المجتمع السعودي، من شباب وكبار السن، بالإضافة إلى نشر الثقافة الوطنية وتعزيز الهوية السعودية.
ظهور الإنترنت وتأثيره على الإعلام (1990-1999)
مع بداية التسعينات، كان العالم قد بدأ يشهد انتشار الإنترنت بشكل واسع، مما أثّر بشكل مباشر على الإعلام السعودي. بدأت الصحف المحلية في إنشاء مواقع إلكترونية لتغطية الأخبار على مدار الساعة، كما بدأ المواطنون في الوصول إلى الأخبار من خلال الإنترنت.
في هذه الفترة، بدأ الإعلام السعودي يتوجه بشكل أكبر نحو القنوات الفضائية. تأسست العديد من القنوات الفضائية الخاصة مثل "الإخبارية السعودية"، وأصبح الإعلام السعودي يواكب العصر الفضائي بشكل أفضل.
توسع الإعلام السعودي ليشمل مجالات جديدة مثل البث الفضائي، مع ظهور قنوات إخبارية في السعودية تركز على الأخبار المحلية والدولية.
الإعلام الرقمي والتوسع في الفضائيات (2000-2009)
مع بداية الألفية الجديدة، أصبح الإعلام السعودي يعكس التطورات العالمية من حيث التفاعل مع الجمهور وظهور الإعلام الرقمي. أصبح لدى المملكة العديد من القنوات الفضائية مثل "قناة العربية"، التي أطلقتها المملكة بالشراكة مع شركات إعلامية عربية. كما بدأ الإعلام السعودي في الانفتاح على الإنترنت بشكل أكبر، مع إطلاق المزيد من المواقع الإلكترونية للأخبار والمحتوى الثقافي والفني.
في هذه الفترة، بدأ الإعلام السعودي في تضمين وسائل التواصل الاجتماعي مثل "فيسبوك" و"تويتر"، ما سمح للمواطنين بالمشاركة في نشر الأخبار والتفاعل مع الأحداث الجارية.
الإعلام في عصر التقنية الحديثة (2010-2020)
مع بداية العقد الثاني من القرن الواحد والعشرين، أصبح الإعلام السعودي يعيش عصر التحول الرقمي. وسائل الإعلام التقليدية مثل الصحف والإذاعة والتلفزيون بدأت تواكب الثورة الرقمية، حيث بدأت الصحف المحلية الكبرى بتوفير المحتوى الرقمي بشكل مباشر على الإنترنت.
كما توسعت المملكة في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي بشكل واسع في تقديم الأخبار والتفاعل مع الجمهور. نشطت الحسابات الرسمية للوزارات والمؤسسات الحكومية على منصات مثل تويتر وإنستغرام، ما ساعد في تسريع نقل المعلومات.
في هذه الفترة، أصبح الإعلام السعودي يعكس رؤية المملكة 2030، التي تهدف إلى تطوير كافة القطاعات في المملكة، بما في ذلك الإعلام، بحيث يواكب أحدث التطورات التكنولوجية العالمية.
الإعلام السعودي في عصر رؤية 2030 (2020 - الحاضر)
ضمن رؤية السعودية 2030، يواصل الإعلام السعودي تطوره المستمر. يتم العمل على تعزيز الإعلام الرقمي، وتوسيع القنوات الفضائية المحلية والإقليمية. كما تسعى المملكة إلى تعزيز مكانتها الإعلامية على الساحة الدولية من خلال إطلاق منصات إعلامية باللغة الإنجليزية وفتح مجالات جديدة في الإعلام الرقمي.
من أبرز المشاريع الإعلامية التي أُطلقت هي القناة الإخبارية السعودية "العربية"، التي تعد من القنوات الأكثر متابعة في العالم العربي. كما أصبحت المملكة تركز على الإعلام المستقل والمبتكر من خلال منصات الفيديو على الإنترنت، مثل "يوتيوب"، و"سناب شات"، التي تتيح للجمهور التفاعل المباشر مع الأخبار والمحتوى.
تُعد رحلة الإعلام السعودي من بدايات الصحافة التقليدية والإذاعة إلى العصر الرقمي اليوم، مسيرة مليئة بالتطورات الكبيرة. منذ عهد الملك عبد العزيز، كان للإعلام دور كبير في تشكيل الهوية الوطنية وتعزيز الوحدة الاجتماعية. اليوم، ومع رؤية 2030، يواصل الإعلام السعودي نموه ليصبح جزءًا من التحول الرقمي العالمي، مع التركيز على الابتكار والتفاعل مع الجمهور.
0 تعليق