ديسمبر 15, 2024 5:18 م
كاتب المقال : علي سعادة
نعم ينبغي أن يكون الملف السوري شأنا محليا أردنيا يتعلق بالأمن الوطني والقومي للأردن.
فالحدود بين الأردن وسوريا على طول 375 كم، وهي مساحة جغرافية شاسعة تحتاج السيطرة عليها إلى تعاون الجانبين الأردني والسوري بأعلى درجات التنسيق، وقد لمسنا كيف تعرض أمننا الوطني إلى أخطار ومكائد ومؤامرات عصابات المخدرات الذين كانوا يسعون إلى زعزعة استقرارنا الداخلي بشتى الوسائل المتاحة لهم، بالطبع كانوا مسنودين من النظام البائد.
وتبدو سوريا الجديدة عقلانية وتطرح أفكارا قابلة للنقاش والحوار والوصول معها إلى قواسم مشتركة، وبات من الضروري أن تزيل الحكومات العربية والحكومات الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية الأفكار المسبقة عن القيادة الجديدة لسوريا.
فنحن جميعا نعرف الأفكار التي كان يحملها بعض الثوار الذين أسقطوا نظام الأسد، لكنهم على ما يبدو من خلال تصريحاتهم وتصرفاتهم خلعوا عن أنفسهم عباءة قديمة متهرئة تتمثل في اتجاه متزمت ومتطرف، والدليل أنهم لم يتعاملوا بعقلية انتقامية، ولم يعمدوا إلى فرض أي مظهر من مظاهر التدين على المجتمع السوري بل أنهم أصدروا منذ اليوم الأول أوامر بعدم التدخل في لباس المرأة السورية، وما شابه من مظاهر.
أحب أن أسمع بأن الأردن يلعب دور الوسيط في تقديم قادة سوريا الجدد إلى العالم العربي والدولية بصورتهم الجديدة كثوار انتهت مهمتهم في إسقاط النظام، وقيادة المرحلة الانتقالية بهدوء وسلاسة بما يضمن حقوق جميع السوريين، ومساهمة الجميع في بناء سوريا الجديدة.
وتكاد أن تكون دولة الاحتلال هي العائق الوحيد أمام انتقال سوريا إلى عهد جديد؛ فهي استغلت الأحداث في سوريا بطريقة وقحة واستفزازية حيث احتلت مساحة شاسعة من الأراضي السورية، ونفذت ما يقرب من 500 غارة جوية على أهداف عسكرية سورية في سوريا، ودمر معظم القوات الجوية والبحرية والدفاع الجوي، والصواريخ والقذائف السورية.
وعلى مدى الأيام العشرة الماضية، بدأ جيش الاحتلال المتغطرس في احتلال الأراضي السورية في منطقة حدودية أنشئت قبل عقود من الزمان في نهاية حرب 1973.
كما يحتل العدو العديد من المواقع الاستراتيجية الأخرى، بما في ذلك البؤرة العسكرية السورية على جبل الشيخ، وهي أعلى نقطة في المنطقة.
ورغم أن البيان الختامي لاجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا ضمن اجتماعات العقبة حول سوريا تضمن بنودا إيجابية، إلا انه تضمن بنودا تضع سوريا تحت الوصاية العربية والدولية؛ ما يعيق تقدم سوريا نحو حل مشاكلها بناء على التوافق السوري الداخلي، وصياغة بعض البنود كانت توحي بأن العراقيل قادمة لإيقاف عجلة التغيير المنشود في سوريا.
كان اللقاء سيصبح أكثر أهمية وإنتاجية لو تمت دعوة أي طرف سوري للمشاركة في الاجتماع، خصوصا أن لدى سورية حاليا حكومة مؤقتة برئاسة محمد البشير، وكان من الممكن الاستماع إليه مما سيعطي دفعة معنوية للعهد الجديد لمواصلة إصلاحاته.
لكن في جميع الأحوال سيكون الأردن حاضرا في المشهد السوري طرفا أساسيا ومؤثرا، وسيعمد إلى لغة حوار ثنائية بعيدا عن التدخلات الدولية، وهذا يستدعي المسارعة في فتح المعابر وإعادة التبادل التجاري مع سوريا.
0 تعليق