مارس 6, 2025 1:35 م

السبيل- كشف فريق بحثي أردني غربي قادته البروفيسورة رنا دجاني، في دراسة نشرتها مجلة (Scientific Reports)، أن انتقال التأثيرات الوراثية الناتجة عن الصدمات ينتقل عبر الأجيال.
وقالت الدجاني لوكالة الأنباء الأردنية (بترا) إن فريقا من العلماء البارزين من مختلف التخصصات والمناطق الجغرافية، سلطوا الضوء على كيفية انتقال تأثيرات العنف والتهجير وراثيا الأمر الذي يحمل تداعيات عميقة لفهم آليات الصمود والتكيف البشري، مشيرة الى أن الدراسة التي أجريت في الأردن كشفت عن أدلة قوية تشير إلى أن الصدمات يمكن أن تترك بصمات جينية (إيبيجينية) تستمر عبر الأجيال.
وبينت أن المادة الوراثية لدى الإنسان لا تتغير خلال الحياة، لكن تفعيل الجينات يمكن أن يغير تجارب الحياة وهذا ما يسمى “علم الوراثة فوق الجينية”، حيث أن هذه التغيرات يمكن أن تساعد الإنسان على التكيف مع البيئات المستقبلية.
وقالت، إن هدف الدراسة، البحث في إمكانية انتقال هذه التغييرات إلى الأجيال المستقبلية، حيث أظهرت التجارب أن الحيوانات يمكن أن تنقل هذه التغييرات إلى الأجيال المقبلة، لكن إثبات الشيء نفسه في البشر كان مستحيلا تقريبا.
واعتمد البحث على متابعة 3 أجيال من المهاجرين وجمع الفريق عينات من الجدات والأمهات الحوامل وأطفالهن أثناء الصراع من عدة مناطق مجاورة.
وعملت البروفيسورة الدجاني، أستاذة علم الأحياء الجزيئي وعلم الوراثة في الجامعة الهاشمية، بالتعاون مع أستاذة الأنثروبولوجيا وعلم الوراثة في جامعة فلوريدا البروفيسورة كوني موليجان، وأستاذة الأنثروبولوجيا الطبية في جامعة ييل البروفيسورة كاثرين بانتر بريك، على هذه الدراسة غير المسبوقة حول تأثير التعرض للصدمات أثناء الحمل على التعديلات الجينية الوراثية بين الأجيال.
كما ساهمت الباحثة السورية ديما حمضمض، في جمع وتنظيم العينات من العائلات المشاركة في البحث.
وحددت الدراسة 14 موقعا في الحمض النووي حصل فيها تغييرات لدى أحفاد الأجداد الذين تعرضوا للصدمات، و21 موقعا آخر متصلة بالتعرض المباشر للعنف وأظهرت 32 من هذه التغيرات الجينية نفس النمط بعد التعرض للعنف وتشير النتائج إلى أن علامات جينية محددة قد تعمل كسجل بيولوجي للعنف، ما قد يؤثر على الاستجابات الفسيولوجية للأجيال القادمة.
وعلى الرغم من أن معظم التغييرات التي تحصل على الحمض النووي يتم محوها قبل الولادة، إلا أن الدراسة أظهرت أن بعض التعديلات الجينية الحساسة بيئيا يمكنها الإفلات من هذه العملية، ما يوفر آلية تطورية للتكيف مع الضغوط البيئية، بما في ذلك الصدمات النفسية والاجتماعية.
وأبرزت الدراسة تسارع الشيخوخة الوراثية لدى الأجنة المعرضين للعنف أثناء الحمل، ما يؤكد هشاشة التطور الجنيني في هذه المرحلة الحرجة، وتكتسب هذه النتائج أهمية قصوى في ظل الإبادة الجماعية في غزة، حيث تتعرض النساء الحوامل لمستويات غير مسبوقة من العنف والتشريد.
وقالت الدجاني، “لطالما تم تأطير الناجين من الصدمات على أنهم ضحايا بحاجة إلى إنقاذ، لكن نتائجنا تشير إلى قصة مختلفة لأن لها علاقة بالتكيف والصمود فالتغيرات الجينية الناتجة عن الصدمات تزود الأجيال القادمة بأدوات بيولوجية تساعدهم على مواجهة البيئات الصعبة، وهو ما أسميه (حكمة جدتي).
وأشارت الى أن هذه الدراسة هي بمثابة دعوة لتغيير الخطاب العالمي نحو نهج يركز على القوة والمرونة بدلا من الضحية، مع الاعتراف بقدرة المجتمعات النازحة على التكيف والتعافي.
وأوصى الفريق البحثي بضرورة تطوير سياسات وبرامج تأخذ بالاعتبار تأثيرات الصدمات الوراثية، مع التركيز على سبل تعزيز الشفاء والتمكين، لا سيما في المجتمعات التي تعاني من اللجوء المستمر مثل الأردن.
0 تعليق