عثمان عادل العباسي
حياتك أصلاً ما كانت ناقصة «ذكاء» صناعي إضافياً، أليس كذلك؟ تخيل أنك تستيقظ صباحاً لتكتشف أن حياتك قد تحوّلت فجأة إلى فيلم خيال علمي من إنتاج أمازون! ربما لا يعرف معظمنا في البحرين «أليكسا»، المساعد الصوتي الشهير لشركة أمازون، لأنه لم يصل إلينا بعد بشكل رسمي. لكن لا تقلق، فهذا لن يمنعنا من تخيل ما قد يحدث لو قررت هذه «الأليكسا»، وهي بالمناسبة جهاز صغير يستجيب للأوامر الصوتية، ألا تكتفي بانتظار أوامرك، بل تأخذ زمام المبادرة بنفسها!
القصة قد تصبح واقعاً قريباً، ففي بدايات مارس 2025 قادت أمازون حركة جريئة بتشكيل مجموعة جديدة في ذراعها السحابي AWS، بقيادة صاحب الاسم الذي ستقضي نصف النهار في محاولات فاشلة لنطقه: سوامي سيفاسوبرامانيان. طبعاً، الرجل لديه تاريخ طويل في التعامل مع الذكاء الاصطناعي، وربما أذكى من بعض الأشخاص الذين قابلتهم في حياتك. هذه المجموعة تهدف إلى تطوير ما يسمى بـ «الذكاء الاصطناعي المستقل» (Agentic AI)، الذي سيجعل المساعد الصوتي البسيط «أليكسا» يتحوّل إلى شخصية مستقلة بالكامل تتصرف وفق هواها الخاص، من حجز رحلات الطيران إلى اختيار وصفات الغداء، وأنت غارق في أحلامك السعيدة.
أمازون لا تمزح هذه المرة. فهي تريد أن يصبح الذكاء الاصطناعي كزميلك المتحمس في العمل الذي يأخذ الأمور بجدية مفرطة ويحب أن ينجز المهام دون أن يزعجك بالأسئلة. النظام الجديد يحمل لقب «Agentic AI»، ومعنى هذا الاسم الغريب باختصار أن هذه التكنولوجيا لن تنتظر أوامرك لتنجز مهامك اليومية. يعني باختصار، ذكاء اصطناعي «يمون» عليك.
تخيل أن يأتي يوم تقوم فيه «أليكسا بلس»، النسخة المطورة من مساعد أمازون الصوتي، بحجز سيارتك القادمة من «أوبر»، أو تنجز لك تسوقاً إلكترونياً من تلقاء نفسها، وربما تقرر أنها لا تحتاج رأيك السديد في نوع معجون الأسنان الذي تفضل. تقول الأخبار أيضاً إن رئيس AWS، مات غارمان، وصف المشروع في رسالة داخلية بأنه «فرصة بمليارات الدولارات». حسناً، مليارات من جيوبنا التي تتسابق أمازون للاستحواذ عليها، بموافقتنا أو دونها.
لكن، مهلاً، دعونا لا نظلم الشركة. فهي فقط تريد راحتك المطلقة، مثل والدتك التي تصر على ترتيب غرفتك «الفوضوية» دون أن تطلب منها، وتقرر فجأة أن تتبرع بنصف ملابسك لأنها «لا تناسب ذوقك». الفرق الوحيد هنا أن أمازون ستعتمد على نماذج لغة ضخمة، لتفهم أوامرك التي لم تقلها بعد. الأمر مريح ومخيف في الوقت ذاته، فبدلاً من أن تضيع وقتك الثمين في تنظيم حياتك بنفسك، سيتولى جيش من وكلاء الذكاء الاصطناعي هذه المهمة الشاقة.
ربما يكون المستقبل جميلاً ومريحاً حقاً مع تقنيات الذكاء الاصطناعي هذه، لكن لا تستغرب إذا استيقظت يوماً لتجد نفسك في رحلة استرخاء إلى المالديف، بينما بالكاد تجد ما تدفع به فاتورة الكهرباء نهاية الشهر. وقد تصلنا هذه التكنولوجيا قريباً، سواءً من أمازون أو من منافسيها، فتجهّز جيداً، لأن حياتك قد تصبح في يوم من الأيام «أذكى» مما تتحمله!
* خبير تقني
0 تعليق