
السبيل-
تفاقمت معاناة سكان غزة مع دخول قرار الاحتلال الإسرائيلي بإغلاق معابر القطاع أسبوعه الثاني، حيث أدى ذلك إلى انقطاع غاز الطهي وانعدام البدائل المتاحة، مما دفع الأهالي إلى اللجوء مجدداً لاستخدام الحطب والألواح الخشبية للطهي.
ووجدت العائلات الغزية نفسها مجبرة على إشعال النار يومياً لإعداد وجبات الإفطار والسحور، رغم المشقة الكبيرة التي تواجهها النساء اللواتي يضطررن للوقوف لساعات طويلة أمام النيران، ما يعرضهن لحروق وتسلخات مؤلمة.
رحلة البحث عن الحطب تبدأ مع الفجر
ينطلق الرجال والأبناء منذ ساعات الصباح الباكر في رحلة البحث عن الأخشاب، حيث يجمعونها من الأشجار اليابسة ثم يحملونها على الدواب أو العربات لنقلها إلى المنازل أو الخيام. بعد ذلك، يقومون بتقطيعها إلى قطع صغيرة تناسب إشعال النار. تستغرق هذه العملية ساعات طويلة وتمتد حتى منتصف النهار، وتتطلب جهداً كبيراً وتعاوناً بين أفراد الأسرة.
في المقابل، يجد البعض صعوبة في توفير الوقت والجهد اللازمين لهذه المهمة، ما يدفعهم إلى شراء الحطب من الأسواق، حيث انتشرت “البسطات” التي تبيع الأخشاب و”جفت الزيتون” بأنواعه المختلفة.
ازدهار تجارة الحطب في ظل الأزمة
يفترش الشاب يحيى القطروسي بلاط السوق في مخيم النصيرات، حيث يعرض إلى جانب العشرات من الباعة أنواعاً مختلفة من الأخشاب والحطب. وعن الأسعار، يقول: “نبيع الكيلو الواحد من خشب الحمضيات بثلاثة شواكل، بينما يبلغ سعر كيلو خشب الزيتون سريع الاشتعال شيكلين، أما خشب الكينيا الذي يصدر كميات كبيرة من الدخان، فسعره شيكل واحد. أما جفت الزيتون (بقايا الزيتون بعد عصره)، فيصل سعر الكيلو منه إلى أكثر من خمسين شيكلاً”. (سعر صرف الشيكل مقابل الدولار 3.5).
وأضاف: “أهالي غزة لم يجدوا بديلاً سوى النار والحطب بعد انقطاع غاز الطهي بسبب إغلاق المعابر. يومياً، يأتينا زبائن من مختلف الفئات، من مواطنين عاديين إلى أصحاب محال تجارية ومبادرات خيرية ومطابخ تطوعية”.
مشاريع تتوقف وأفران الطين تعود للحياة
أجبرت أزمة غاز الطهي العديد من أصحاب المشاريع الرمضانية، مثل محال بيع الحلويات والقطايف، على الإغلاق، بينما اضطر آخرون إلى تقليص حجم الإنتاج ورفع الأسعار.
ويقول يحيى أبو ندا، صاحب أحد محال بيع القطايف في دير البلح: “كنت أمتلك ثلاثة فروع لبيع القطايف مع إخوتي، وهي مهنة ورثناها عن والدنا منذ عشرين عاماً، لكن بسبب أزمة الغاز قررنا الإبقاء على فرع واحد فقط، بحيث يحصل كل واحد منا على يوم عمل ليعتاش منه”.
بالتزامن مع ذلك، عادت أفران الطين للعمل بكثافة، بعد أن توقفت معظم مخابز القطاع عن إنتاج الخبز بسبب شح الغاز واستمرار إغلاق المعابر.
أزمة غذائية خانقة وتحذيرات أممية
أكد برنامج الغذاء العالمي أنه لم يتمكن من إدخال أي مساعدات غذائية إلى قطاع غزة منذ الثاني من آذار/مارس الجاري، نتيجة إغلاق الاحتلال الإسرائيلي لجميع المعابر أمام الإمدادات الإنسانية والتجارية.
وأشار البرنامج إلى أن أسعار المواد الغذائية التجارية تشهد ارتفاعاً حاداً، حيث زادت أسعار بعض السلع الأساسية، مثل الدقيق والسكر والخضروات، بنسبة تتجاوز 200 بالمئة، وفق ما نقله موقع “أخبار الأمم المتحدة”.
وأضاف أن البرنامج يدعم حالياً 33 مطبخاً في مختلف أنحاء غزة، تقدم يومياً 180 ألف وجبة ساخنة، إلى جانب دعم 25 مخبزاً. إلا أنه، في 8 آذار/مارس الجاري، اضطرت ستة من هذه المخابز إلى التوقف عن العمل بسبب نقص غاز الطهي.
0 تعليق