‏ذيل القرد: كيف تكشف طموحات نتنياهو نقاط ضعف إسرائيل

الغد 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
رمزي بارود*‏ - (كاونتربنش) 14/3/2025
‏ترجمة: علاء الدين أبو زينة

كان الهدف الأصلي من التركيز على مصر في حرب إسرائيل الفاشلة هو خلق مصدر إلهاء عن ساحة المعركة. لكن الإلهاء تحول في نهاية المطاف إلى تحريف: إلقاء اللوم على مصر في عدم قدرة إسرائيل على كسب الحرب أو تهجير سكان غزة.‏اضافة اعلان
*   *   *
‏"كلما صعد القرد أعلى، أظهر ذيله أكثر"، هكذا يحذر مثل صيني خالد. ومع ذلك، يبدو أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، لا يلتفت -لا إلى دروس التاريخ، ولا إلى الحكمة التي تقدمها مثل هذه الأقوال الشعبية.‏
‏من خلال قيادة حملة لتشويه السمعة ضد مصر، يزيد الزعيم الإسرائيلي أكثر من كشف نقاط ضعف بلده. وهذا مثال آخر إضافي على عجز إسرائيل عن تغيير الواقع السياسي في غزة، بعد 17 شهرًا من بدء حربها المدمرة على القطاع.‏
‏من خلال استهداف مصر، تهدف إسرائيل إلى إظهار صورة البراعة والقدرة، وقول إنها لا تخشى مواجهة حتى الدولة العربية الأكثر عددًا للسكان. ومع ذلك، يكشف سلوكها عن غير قصد عن نقاط ضعفها. ويتفق هذا السلوك تمامًا مع إرث نتنياهو المتميز في الهروب إلى الأمام.‏
قبل وقت طويل من حرب 7 تشرين الأول (أكتوبر) 2023، كان نتنياهو يركب ظهر موجة من النشوة السياسية. في ذلك الوقت، بدا صعوده غير المتواني إلى ارتفاعات أعلى مبررًا. كانت ‏‏دبلوماسيته‏‏ في الجنوب العالمي تعكس عقودًا من العزلة الإسرائيلية، ‏‏وقد أكسبه نجاحه‏‏ في الحصول على اعتراف دولي من دون دفع ثمن سياسي باهظ شعبية هائلة في الداخل.‏
و‏في داخل إسرائيل، استمر نتنياهو في الفوز في الانتخابات تلو الأخرى. وحصل ائتلافه اليميني المتطرف الأخير ‏‏على أغلبية مريحة في الكنيست في مواجهة القليل من المعارضة. وكان المتطرفون مستعدين لتحويل إسرائيل من الداخل، وإعادة تشكيل المنطقة -‏‏وبدعم‏‏ غير مشروط معتاد من الولايات المتحدة، وضع إسرائيل كقوة عالمية تحظى بالاحترام والسلطة.‏
ومع ذلك، كشف هجوم 7 تشرين الأول (أكتوبر) وفشل إسرائيل الذريع على جميع الجبهات عن ذيل نتنياهو كزعيم فاشل. وسرعان ما تجلت الأزمة في شكل غضب عالمي حين شنت إسرائيل حرب إبادة جماعية ضد الفلسطينيين، ‏‏أسفرت عن مقتل‏‏ وجرح أكثر من 160.000 شخص في غضون 15 شهرًا. ثم انكشف الذيل الإسرائيلي بشكل أكبر عندما ‏‏أصبح‏‏ الزعيم الذي كان واثقًا من نفسه، والذي ‏‏وعد‏‏ بلا كلل بإعادة تشكيل الشرق الأوسط ليتناسب مع أجندة إسرائيل، مجرمًا مطلوبًا للمحكمة الجنائية الدولية في 21 تشرين الثاني (نوفمبر)، بينما ‏‏واجهت‏‏ بلاده تحقيقات في ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية تجريها محكمة العدل الدولية.‏
ومع ذلك، صعد نتنياهو حتى إلى مستوى أعلى، وضاعف التركيز على مواصلة نهجه. وأصر على مواصلة الحرب في غزة، والحفاظ على وجود عسكري في لبنان، وتنفيذ حملات قصف متكررة ومكثفة في سورية.‏
‏وإذا وضعنا التبجح جانبًا، ما يزال نتنياهو يفشل في تحقيق أي من أهداف إسرائيل المعلنة من خلال الحرب المدمرة على غزة -وهي حرب ‏‏كلفت‏‏ إسرائيل أيضًا خسائر مادية وبشرية غير مسبوقة. وفي غضون ذلك، تتعمق ‏‏الانقسامات‏‏ بين النخب السياسية والعسكرية. وكان آخر مظهر من مظاهر ذلك هو ‏‏إقالة‏‏ العديد من كبار الضباط العسكريين وإعادة ترتيب الجيش ليتماشى مع طموحات نتنياهو السياسية.‏
كلما انكشفت نقاط الضعف الإسرائيلية أكثر، زاد نتنياهو وحلفاؤه تهديداتهم -ليس فقط ضد غزة ولبنان وسورية، ولكن أيضًا ضد مصر. في الحقيقة، أصبحت مصر، التي ليست طرفًا في الحرب وكانت واحدا من ثلاثة وسطاء في محادثات وقف إطلاق النار، ‏‏الهدف‏‏ الرئيسي ‏‏لاستراتيجية‏‏ إسرائيل الجديدة التي تهدف إلى التطهير العرقي لسكان غزة بإرسالهم إلى صحراء سيناء.‏
‏ولكن كيف حدث هذا؟‏
كانت مصر بالكاد عاملاً في الحرب الإسرائيلية على غزة. ومع ذلك، مع استمرار الحرب على غزة، ومع عدم وجود إمكانية لتحقيق "نصر كامل"، بدأ كبار المسؤولين الإسرائيليين في توجيه أصابع الاتهام إلى مصر.‏
كان وزير المالية المتطرف بتسلئيل سموتريتش هو الذي طرح لأول مرة فكرة الاستيلاء على ممر فيلادلفيا الذي يفصل مدينة رفح في جنوب غزة عن الحدود المصرية. وسرعان ما بدأ آخرون، ‏‏بمن فيهم‏‏ نتنياهو نفسه، في ترديد الكلمات نفسها.‏
‏في وسائل الإعلام، اتخذت اللغة منعطفًا أكثر خطورة، حيث ‏‏اتهم‏‏ البعض مصر بتسليح "حماس"، أو بعدم القيام بما يكفي لوقف تدفق الأسلحة إلى المقاومة الفلسطينية.‏
‏وعندما ‏‏رفضت‏‏ مصر الاتهامات الإسرائيلية ورفضت استيعاب رغبة إسرائيل في التطهير العرقي لغزة، بدأ القادة الإسرائيليون يتحدثون عن ‏‏تهديد‏‏ عسكري مصري، زاعمين أن مصر تحشد قوات على حدودها مع إسرائيل.‏
كان الهدف الأصلي من إشراك مصر في حرب إسرائيل الفاشلة هو خلق مصدر إلهاء عن ساحة المعركة. لكن الإلهاء تحول في نهاية المطاف إلى تحريف: إلقاء اللوم على مصر في عدم قدرة إسرائيل على كسب الحرب أو تهجير سكان غزة.‏
‏إلى حد ما، نجح نتنياهو في جعل مصر جزءًا من الحوار حول غزة. مع اقتراح الرئيس الأميركي دونالد ترامب مرارًا وتكرارًا تهجير الفلسطينيين ‏‏والاستيلاء‏‏ على غزة، شعر الزعيم الإسرائيلي أن لديه أخيرًا التزامًا أميركيًا واضحاً بتصدير مشاكل إسرائيل إلى أماكن أخرى.‏
وحتى زعيم المعارضة الإسرائيلية، يائير لبيد، ‏‏استخدم‏‏ مصر لصرف الانتباه عن فشله في تشكيل تحد خطير لحكم نتنياهو. في 25 شباط (فبراير)، ‏‏اقترح‏‏ أن تشرف القاهرة على القطاع لسنوات عدة في مؤتمر في واشنطن.‏
‏في حين رد الفلسطينيون والعرب ‏‏وغيرهم‏‏ بغضب على مخططات التطهير العرقي الإسرائيلية الأميركية، لم ينتبه سوى القليلين إلى حقيقة أن إسرائيل، تاريخيًا، لم تسع أبدًا للحصول على إذن للقيام بالتطهير العرقي للفلسطينيين. كان هذا صحيحًا خلال ‏‏نكبة‏‏ العام 1948 كما هو حاله اليوم. ويشكل الضغط على الدول العربية للذهاب إلى خطط التطهير العرقي الإسرائيلية أقوى علامة على ضعف إسرائيل حتى الآن.‏
إذا وضعنا عن الكلام القاسي والتهديدات جانبًا، فإن إسرائيل تجد نفسها في وضع أكثر ضعفًا من أي وقت مضى في تاريخها. ومن الواضح أن إسرائيل تستخدم الآن العرب لإخفاء نقاط ضعفها. وعلى الرغم من أن القرد يستمر في التسلق، إلا أن ذيله لم يكن مكشوفًا في أي وقت كما هو حاله اليوم.‏

*رمزي بارود Ramzy Baroud: كاتب وصحفي فلسطيني ومحرر صحيفة "وقائع فلسطينية" Palestine Chronicle، وهو مؤلف لستة كتب عن فلسطين، منها: "أبي كان مقاتلاً من أجل الحرية"  My Father was a Freedom Fighter، و"الأرض الأخيرة "The Last Earth، و"هذه السلاسل سوف تُكسر: قصص فلسطينية عن النضال والتحدي في السجون الإسرائيلية" These Chains Wil Be Broken: Palestinian Stories of Struggle and Defiance in Israeli Prisons، (منشورات كلاريتي، أتلانتا).
آخر كتبه كمحرر مشارك مع إيلان بابيه، هو "رؤيتنا للتحرير‏: قادة ومفكرون فلسطينيون منخرطون يتحدثون علنًا" Our Vision for Liberation: Engaged Palestinian Leaders and Intellectuals Speak Out. وبارود باحث غير مقيم في مركز الإسلام والشؤون العالمية (CIGA)، جامعة إسطنبول زعيم، وفي "مركز الشرق الأوسط الأفريقي" (AMEC) ومقره جوهانسبرغ.
*نشر هذا المقال تحت عنوان: The Monkey’s Tail: How Netanyahu’s Ambitions Expose Israel’s Vulnerabilities

أخبار ذات صلة

0 تعليق