«اضطراب في المختبرات».. ما حقيقة «هجرة العقول» من أمريكا؟

عكاظ 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

في تقرير مثير للجدل نشرته مجلة Nature العلمية الشهيرة، كشف عدد من العلماء في الولايات المتحدة عن نيتهم الجادة لمغادرة البلاد، هرباً من «بيئة بحثية مضطربة» ألقت بظلالها على المشهد العلمي منذ عودة الرئيس دونالد ترمب إلى البيت الأبيض في يناير 2025، ويعزو الباحثون هذا القرار إلى السياسات الفيدرالية التي أدت إلى تقليص التمويل، وإلغاء مشاريع حيوية، وتسريح العاملين في مجالات العلوم والبحث.

ووفقاً لما أورده العلماء للمجلة، فإن إدارة ترمب الجديدة أعادت إحياء نهجها السابق في الولاية الأولى، إذ وجهت ضربات قوية للمؤسسات العلمية من خلال خفض الميزانيات المخصصة لوكالات مثل المعاهد الوطنية للصحة (NIH) ووكالة حماية البيئة (EPA)، مؤكدين أن «هذه التخفيضات، التي تصل إلى مئات الملايين من الدولارات، أوقفت آلاف المشاريع البحثية» ما دفع العديد منهم إلى البحث عن بدائل خارجية.

وأعرب بعض العلماء عن إحباطهم مما وصفوه بـ«المناخ غير المستقر» الذي يعيق التقدم في مجالات حاسمة مثل الطب، والمناخ، والتكنولوجيا، وقال أحدهم «لم أعد أرى مستقبلًا واضحاً لعملي هنا، بينما تقدم أوروبا فرصاً واعدة مع احترام حقيقي للعلم».

ونقلت المجلة العلمية الشهيرة عن باحثة ما بعد الدكتوراه التي تدرس السرطان وعلم الجينوم في مؤسسة أمريكية مرموقة قولها: «لقد كنت شغوفة حقاً بعملي، لكن الوضع في الولايات المتحدة مرهق للغاية»، وهي باحثة من جنوب آسيا لكنها أمضت السنوات الأربع الماضية في الولايات المتحدة، وتتحدث الآن إلى زملائها في أوروبا حول الفرص، بصفتها شخصاً ليس مواطناً أمريكياً.

أخبار ذات صلة

 

لم تقتصر خطط العلماء على مجرد التفكير، بل بدأوا فعلياً في استكشاف فرص عمل في دول أوروبية مثل ألمانيا وفرنسا، وكذلك في أستراليا ودول آسيوية مثل سنغافورة واليابان، ويرى هؤلاء الباحثون أن هذه الدول تقدم بيئة أكثر استقراراً ودعماً للأبحاث، حيث تزداد استثماراتها في العلوم بينما تتراجع الولايات المتحدة في هذا المجال.

وحذر التقرير من أن هجرة هذه العقول قد تُفقد الولايات المتحدة مكانتها كمركز عالمي للابتكار العلمي، وهي المكانة التي بنتها على مدى عقود، ومع تزايد الشعور بالإحباط بين الباحثين، يخشى المراقبون من أن تتحول هذه الخطوات الفردية إلى موجة جماعية، خصوصاً إذا استمرت السياسات الحالية في تقويض البنية التحتية للأبحاث. ويضيف التقرير أن هذا التوجه قد يعزز منافسة الدول الأخرى في جذب الكفاءات، ما يضع أمريكا أمام تحدٍ غير مسبوق.

لم يقتصر الأمر على النوايا فقط، بل رفع بعض العلماء صوتهم عالياً ضد ما يصفونه بـ«الحرب على العلم» وفي ظل هذا الواقع، يبقى السؤال معلقا: هل ستتمكن الولايات المتحدة من استعادة ثقة علمائها، أم أنها ستشهد نزيفاً في عقولها يصعب تعويضه؟ يبدو أن الإجابة تعتمد على الخطوات القادمة لإدارة ترمب، التي تواجه الآن ضغوطاً متزايدة لإعادة النظر في سياساتها العلمية.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق