كواليس تحديات واجهت استضافة كُبرى الفعاليات الاستثمارية والتقنية
رسّخت المملكة مكانتها كوجهة رائدة لاستضافة المؤتمرات والفعاليات العالمية، مستفيدة من موقعها الاستراتيجي وبنيتها التحتية المتطورة، وبفضل رؤية 2030 الطموحة، أصبحت المملكة مركزًا دوليًا لجذب المستثمرين والخبراء في مختلف المجالات، حيث تستضيف سنويًا فعاليات كبرى تغطي قطاعات الاقتصاد، التكنولوجيا، الطاقة، الرياضة، وغيرها، مما يعزز دورها الريادي على الساحة العالمية.
مبادرة مستقبل الاستثمار من أهم 3 مؤتمرات استثمارية في العالم
وحول مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار، قال محافظ صندوق الاستثمارات العامة، ياسر الرميان، في برنامج "حكاية وعد" على قناة "MBC1"، إنه خلال نقاشه مع ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، الأمير محمد بن سلمان، وضع لنا هدف لمبادرة مستقبل الاستثمار لتكون واحدة من أهم ثلاثة مؤتمرات اقتصادية في العالم.
وأضاف الرميان أنه شعر بالدهشة في البداية، متسائلًا عما إذا كانت المملكة قادرة على ذلك لتكون المبادرة ضمن المؤتمرات العالمية، مشيرًا إلى أن ولي العهد قدّم جميع الإمكانات اللازمة لإنجاح المبادرة، مما مكّن المملكة من التخطيط الجيد وتنظيم هذا الحدث الاقتصادي العالمي.
وأضاف المحافظ الرميان أن المنظومة الاستثمارية بالمملكة خططت بدعم من القيادة الرشيدة إلى بلوغ هذا الهدف، حيث سُخرت جميع الإمكانيات له ومن أبرزها الكوادر المعنية بإدارة المؤتمر وتنظيمه، لتصبح مبادرة مستقبل الاستثمار التي جرى إطلاقها خلال المؤتمر واحدة من أهم 3 مؤتمرات استثمارية واقتصادية في العالم، والتي تطمح المنظومة إلى جعلها أهم مؤتمر استثماري عالمي.
فيما أشار رئيس مجلس إدارة الاتحاد السعودي للأمن السيبراني والبرمجة والدرونز م. فيصل الخميسي، إلى أن المبادرة أصبحت الفعالية الأولى على مستوى العالم، قياساً بالفعاليات التي تجمع أكبر عدد من المستثمرين، ورؤساء البنوك، والشركات الاستثمارية، لافتاً إلى صعوبة ترتيب المواعيد نظرًا لضيق الوقت وكثرة الشخصيات المهمة الحاضرة، والتي قد لا تتاح فرصة لقائها في أي مكان آخر.
وأضاف م. الخميسي بأن هناك العديد ممن يحرصون بشدة على الحصول على دعوة لحضور هذا الحدث، نظرًا لأنه يضم نخبة من الشخصيات البارزة التي لا يمكن أن تجتمع في أي مكان آخر في العالم، حيث يشعر زائر المؤتمر المقام في الرياض وكأنه يسير في وول ستريت، حيث تلتقي النخبة الاقتصادية والاستثمارية، وبعضهم يجتمع للمرة الأولى هنا، فضلاً عن كمية الصفقات الهائلة التي تُبرم خلال هذه اللقاءات ، مما يجعله الحدث الأول عالميًا في مجاله.
كما تحدث عن تجربته الشخصية مع التحديات التي واجهها في الوصول إلى العملاء والشركاء في شركته، فبدلًا من زيارة كل جهة على حدة، كان يعتمد على الفعاليات المتخصصة كوسيلة فعالة للتواصل وبناء العلاقات، حيث استشهد بتجربته في مؤتمر GSM Congress بمدينة برشلونة، الذي كان يُعد أكبر فعالية في مجال الاتصالات وتقنية المعلومات آنذاك. حينها، كانت مشاركة شركته بجناح خاص تتيح له فرصة أسهل لمقابلة جهات سعودية، حيث يكون الجميع متفرغين دون انشغالات أخرى، مما ساعده على إنشاء شراكات جديدة والتعرف على جهات مختلفة من المنطقة، وهو ما أدى إلى بناء علاقات عمل مثمرة انطلقت من هناك.
بناء فعاليات وطنية تنافس على مستوى العالم
ورغم ذلك، كان يتساءل دائمًا: لماذا نضطر إلى السفر؟ ولماذا لا تُقام مثل هذه الفعاليات في المملكة؟ ومع انطلاق رؤية السعودية 2030، بدأت فكرة إنشاء فعاليات محلية مماثلة، تهدف إلى جمع المستثمرين والشركات في بيئة تدعم الابتكار والتواصل المباشر، حيث لم يكن الهدف مجرد استضافة أحداث عالمية، بل بناء فعاليات وطنية تنافس على مستوى العالم، وتوفر فرصًا حقيقية لرواد الأعمال والمستثمرين داخل المملكة، ومن هنا جاءت فكرة إقامة وتنفيذ مؤتمر ليب التقني بالرياض.
وذكر الخميسي موقفًا طريفًا عندما عرضت إحدى الفعاليات التقنية الكبرى أن تصبح المملكة مقرًا لفعاليتها الإقليمية، لكن بشروط غير عادلة؛ إذ طلبوا دفع مبالغ ضخمة على مدى 3 سنوات، بينما تكون حقوق الملكية الفكرية (IP) والمداخيل لهم بالكامل، بمعنى آخر، كانوا يمنّون على المملكة باسمهم، بينما يستحوذون على كل شيء. ولذلك، رفض هذا العرض رفضًا قاطعًا، وقرر أن يكون للمملكة فعالياتها الخاصة، قائلاً: "نحن رجال وهم رجال، فلماذا لا نبادر؟".
وحول مؤتمر ليب، كشف وزير الاتصالات وتقنية المعلومات م. عبدالله السواحة، كواليس أكبر التحديات التي واجهها مؤتمر ليب التقني، حيث واجه قطاع المعارض والفعاليات تحديات عديدة، أبرزها دخول هذا المجال ضمن رؤية 2030 خلال السنوات السبع الماضية، رغم أن تطوير البنية التحتية والخدمات اللوجستية عادةً ما يتطلب عقودًا لمعالجة مشكلات مثل الازدحام المروري وجاهزية المرافق، حيث تم توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي لإنشاء غرفة عمليات تهدف إلى تحسين تجربة التنقل وتسهيل حركة الحضور، مشيراً إلى ظهور بعض العقبات خاصة في اليوم الأول.
وأضاف الوزير السواحة أنه التقى بأحد المشرفين على صندوق استثماري ضخم يبلغ حجمه 10 تريليونات دولار، ممسكاً بصحيفة مكتوبة بالصينية، حيث تبيّن أنه يتحدث عن شراكة صينية- أمريكية سوف تُبرم في فعالية ما في ليبيا، فهذا يدل على أن الفعاليات السعودية أصبحت فعاليات عالمية.
وعقّب م. الخميسي بقوله: إن من أبرز التحديات التي واجهت مؤتمر ليب التقني كان اتصال نائب وزير الداخلية د. ناصر الداود بالمسؤولين عن المؤتمر في اليوم الأول له، حيث أقيمت الفعالية في واجهة الرياض على طريق المطار، وتم التنسيق عبر مجموعة مشتركة تعمل كغرفة عمليات لمتابعة سير الحدث، إلا أنه وردت رسائل تحذر من زحام شديد وإغلاق بعض الطرق، مما أثار القلق بشأن وجود حادث مروري كبير.
كثافة الحضور في "ليب" أغلقت طرق الرياض
وتابع بأنه وعند وصوله إلى الفعالية، تلقى اتصالًا من وزير الاتصالات يستفسر عن حقيقة الحادث، ثم تبعه اتصال من نائب وزير الداخلية يتساءل عن الإجراءات المتخذة، إذ تبين أن طريق الثمامة وبعض الطرق الأخرى قد أُغلقت بسبب كثافة الحضور، حيث أدرك في تلك اللحظة حجم النجاح الذي تحقق، لكنه شعر في الوقت ذاته بحجم التحدي الذي يواجهه، حيث كان الموقف مزيجًا من الفرح والقلق، خاصة مع احتمالية تأخر البعض عن رحلاتهم الجوية بسبب الازدحام.
وأشار إلى أنه عند وصوله إلى موقع الفعالية، استغرق الأمر أكثر من ربع ساعة حتى تمكن من الدخول، وسط ازدحام غير مسبوق للسيارات، فقد كانت لحظة تاريخية، حيث أدرك الفريق مدى قوة السوق المحلي، وظهرت أمامهم فرص كبيرة لمشاريع مستقبلية يمكن تنفيذها. ومع نجاح النسخة الأولى من الفعالية، والتي تجاوزت التوقعات بأضعاف، وتأكد أن هذه البداية لم تكن سوى انطلاقة لسلسلة من الإنجازات القادمة.
0 تعليق