مأزق «المديونير»

صحيفة عمان 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

كمشاهد أرهقتني كثيرًا شخصية جاسم «عادل الجساسي» المأزومة في مسلسل «المديونير» الذي يبثه تلفزيون سلطنة عُمان بعد صلاة المغرب مباشرة ليس لأنها انتهازية تسقط كل مرة بسهولة أمام سطوة المال والطموحات العالية بالثراء إنما لكونها لا تفكر خارج صندوق استغلال الآخر ولا تحاول الهروب من قعر السلبية.

ورغم الانتقادات التي توجه للمسلسل الذي يخرجه عارف الطويل على منصات التواصل الاجتماعي وهو يضم نخبة من نجوم الدراما العُمانية الكبار كفخرية خميس وصالح زعل ومحمد نور إلى جانب مجموعة من الممثلين الشباب، تلك الانتقادات التي تُظهر المجتمع بأنه غارق في العديد من الإشكالات التي تتمحور حول الاستغلال وعدم التورع في استخدام الوسائل للحصول على المال فإن المسلسل يناقش قضية واقعية لا مجال لإنكار وجودها وهي أن هناك مصاعب حياتية بات الجميع يبحث عن مخارج للفرار من الوقوع في قبضتها وإن كان ذلك بطرق غير مشروعة.

يذهب منتقدو «المديونير» إلى أن المسلسل يُقدّم المجتمع بصورة سلبية، فبطله انتهازي لا يفوّت فرصة دون استغلال من حوله، شاب فاشل يسعى للحصول على الثروة من خلال ابتزاز أصدقائه وأهله، قريبهم وبعيدهم، حتى أنه يخطط لبيع منزل والده الذي لا يزال على قيد الحياة.

في حيوات الشخصيات الأخرى في «المديونير» تظهر سمة الاستغلال والانتهازية بوضوح فالشابة الجميلة لا تتردد في استمالة المليونير الكبير في السن للاقتران به بمبرر أنها تتطلع إلى حياة فارهة توفر لها كل الكماليات.. والمرأة التي تحب زوجها لا يضيرها أن تستغل صديقتها بالتخطيط لزواج زوجها منها في محاولة للاستيلاء على ثروتها.

شخصية «جاسم» التي يقدمها الممثل القدير عادل الجساسي باقتدار ليست شخصية قادمة من الفضاء فهي شخصية مألوفة تعيش بيننا ولهذا تحملنا بؤسها وثِقل وطأتها وسلبيتها ونعيش صراعها كما لو كانت تعيش في الحي الذي نسكنه.

«المديونير» دراما اجتماعية تمثل حقيقة المرحلة التي تمر بها الكثير من المجتمعات وليس المجتمع العُماني وحده ولهذا لا ينبغي اعتباره مُوجّها ضد قِيم المجتمع وأعرافه فلم يخلق الله بعد مجتمعًا ملائكيًّا لا تُرتكب فيه الأخطاء والهنات حتى المجتمعات التي عاش فيها أنبياء الله ورسله لم تكن لتخلو من تجاوزات ووقوع جرائم استحقت تحذير الله سبحانه وتعالى من الاقتراب منها كالقتل والسرقة والربا والزنا والكذب والاحتيال وإلا فلماذا بُعث الأنبياء والرسل؟ ولماذا تنزلت الكتب السماوية والشرائع المقدسة؟

النقطة الأخيرة..

رغم أن «المديونير» دراما واقعية حاولت الاقتراب من قضية الانتهازية وجنوح الحياة المستمر نحو المادية، فإنها، ونحن في الحلقة الـ21، لم تخاطر ولو باستحياء بالتطرق إلى: لماذا تعيش هذه الشخصيات معاناتها تلك؟ وكيف يمكن حلحلة إشكالات تجذّرها، الذي سيكون خطرًا في المستقبل؟

عُمر العبري كاتب عُماني

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق