عهد الإمام ناصر بن مرشد إلى واليه على مدينة لوى وما حولها

صحيفة عمان 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
No Image
روضة الصائم

23 مارس 2025

محمد بن عامر العيسري

وثائق من نصوص التراث

محمد بن عامر العيسري

23 مارس 2025

وقفنا في المقالة السابقة عند عهد الإمام ناصر بن مرشد اليعربي (1034-1059هـ) إلى أحد وُلاته، وذلك العهد وثيقة نُقِلت في كتاب من كتب الفقه، وبالمثل فإن الفقيه عبدالله بن محمد بن عامر الخراسيني النزوي (ق11-12هـ) قد نقل في كتابه (فواكه العلوم في طاعة الحي القيوم) جملة من عهود الأئمة اليعاربة، ونقل كذلك رسائل متبادلة بين أهل عمان وأهل المغرب أيام اليعاربة، إلى جانب بعض السِّيَر في التاريخ وفي السياسة الشرعية، مما جعل الكتاب مصدرًا مهمًا في البحث التاريخي لتلك الحقبة.

ومما نقله صاحب (فواكه العلوم) عهد الإمام ناصر بن مرشد اليعربي إلى واليه أبي الحسن علي بن أحمد بن عثمان النزوي، وقد جاء في أوله: «فأقول يا أبا الحسن: إني قد وليتُك على قرية لوى من الباطنة وما حولها وما اشتمل عليها من بلدان الباطنة، وحتّى، وديار الحدّان، والجو، ودما، وما تشتمل عليه هذه القرى والبلدان، وما فيها وما بينها من المزارع والأطوى وجميع الأماكن». والعجيب أن هذه الرقعة الكبيرة من البلدان التي شملتها تلك الولاية أشبه ما تكون بمساحة بعض المحافظات اليوم، ولعل ذكر «دما» يبعث السؤال عن حقيقتها أهي السيب أم غيرها، إذ يبعد أن تكون السيب لبعد المسافة بينها وبين تلك البلدان، وللفاصل بينهما من مدن ساحلية عديدة.

وقد مضى الإمام ناصر بن مرشد في عهده في توجيه الوالي إلى ما يلزمه من مهام وواجبات، بين العدل والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، إلى جانب بعض ما أوصاه به من مهارات قيادية عليه أن يتمثلها، وممارسات اجتماعية تربوية ينبغي أن يكون بها قدوة بين الرعية. ومثلما جعل من مهام ولاته الآخرين عمارة الأرض وإصلاح الأفلاج، نجد أنه كذلك في هذا العهد قد أوصى واليه بذلك، وهو ما يؤكد أن بعض تلك القرى كانت عامرة بالأفلاج، ولعلها القرى الداخلية البعيدة عن الساحل، إذ معلوم أن إقليم الباطنة من عُمان توجد فيه الأفلاج في الشق الجبلي المعروف عند العامة بالحجور، على خلاف البلدان الساحلية، وهو ما يوحي كذلك بأن بلدان الحدّان المذكورة في النص معنيّة أيضًا ضمن القرى العامرة بالأفلاج. ثم أقرّ الإمام بعض مهام الوالي مثل استثمار الأراضي الزراعية وقبض غلتها ووضعها في موضعها، والإنفاق على شؤون الولاية وإعطاء الشراة (العسكر) أجورهم، وإنفاذ الأحكام بِرَدِّ الحقوق وتنفيذ الحبس لمن لزمه. كما أقرّ الإمام من مهام الوالي: إطعام الضيف النازل، وحماية البلاد، وألزم الإمام أهل تلك القرى طاعة الوالي وحَجَر عليهم عصيانه ما أطاع الله ورسوله فيهم. وتاريخ العهد كما ورد في آخره عَشيّة الأحد 25 من ذي الحجة سنة 1050هــ، وهذا يعني أن تلك الولاية كانت في النصف الثاني من عصر الإمام الذي حكم نحو 25 سنة.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق