عرابو النجاح

الوطن البحرينية 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

هل سمعت يوماً عن تلك الأسرار التي يخفيها الأغنياء عن عامة الناس، والتي تجعلهم يزدادون غنى وثراء كل يوم؟ أو هل سمعت عن تلك الخطوات العشر البسيطة التي تجهلها تماماً والتي ستجعل منك أكثر ذكاءً لو طبقتها حرفياً؟ أو ربما تنامى إلى سمعك ذلك اليوم أن هناك مَن يحقق مدخولاً شهرياً يزيد عن 10 آلاف دولار وهو نائم؟هل رأيت يوماً هذه العناوين الرنانة التي تباغتنا كل يوم على مواقع التواصل الاجتماعي؟ كم هائل من الخبراء انضموا لمواقع التواصل الاجتماعي، ونصبوا أنفسهم (عرابي النجاح) هدفهم الوحيد في هذه الحياة هو مساعدتك لتصل لذلك المكان العالي الشاهق الصعب الذي لن تستطيع الوصول إليه بدونهم.حكى لي أحد الأصدقاء يوماً قصته مع أحد عرابي النجاح، فقال «لقد تعبت من ضغوط الوظيفة، تعبت من الروتين الذي أعيشه كل يوم بلا جدوى فما أتقاضاه كل شهر لا يكاد يكفي احتياجات المنزل، بت أشعر وكأنني إنسان آلي أستيقظ كل صباح أذهب للعمل، وأعود للمنزل أمسك هاتفي، وأبحث فيه عن مخرج للوضع المتأزم الذي أعيشه».ذات مساء لفت نظري فيديو لأحد الخبراء، وهو يحكي كيف استطاع باستخدام هاتفه فقط أن يحقق مدخولاً شهرياً يتجاوز 3 آلاف دولار، كلامه الواثق وعرضه لحسابات البنك تثبت أن هذا الشخص استطاع تحقيق ما لم أستطع أنا تحقيقه، قلت في نفسي «إن الله أخيراً استجاب لدعواتي، ووضع في طريقي هذا الفيديو ليكون بداية الخير والفرج» بت أحلم وأنا أشاهد الفيديو، وأرى كيف يتضاعف حسابي البنكي كل يوم وأراني أسافر مع أسرتي وأجوب العالم، واشتري أغلى السيارات وأرقى الماركات.أنهيت الفيديو ورحت أبحث في حساب الخبير لأتعلم كيف أستطيع أن أحقق الحلم، فوجدت رابطاً أستطيع من خلاله الاشتراك في إحدى الدورات التدريبية التي سيعلمنا فيها كل الأسرار، لم أتردد بسرعة انتهزت الفرصة فهناك عرض مدته ساعة فقط لأحصل على الكورس بنصف السعر وقمت بشرائه ببطاقة الائتمان التي احتفظ بها لحالات الطوارئ، قلت حينها «أن ما سأتعلمه في البرنامج سيجعلني بلا شك استرجع هذا المبلغ مضاعفاً» لم أضيع الوقت بدأت مباشرة في مشاهدة الفيديوهات التعليمية، لم تمضِ ساعة، وانتهت الدورة التدريبية.. وانتهت معها أحلامي.لم أستفد منها شيئاً سوى أنه لخص فيها مئات الفيديوهات المنتشرة في كل مكان بشكل منمق، الأدهى أنه في نهاية البرنامج طلب من المتدربين الراغبين في التعمق أكثر والاستفادة أكثر أن يبادروا بشراء البرنامج التدريبي المطور التالي، أغلقت هاتفي وأنا أشعر بالألم تساءلت «لم يتلاعب هؤلاء بأحلام الناس، ويبيعونهم الوهم بحجة مساعدتهم في تحقيق مالم يحققونه هم؟».ما حدث مع صديقي وما يحدث كل يوم مع غيره من الشباب ما هو إلا استغلال للوضع النفسي الذي يعاني منه الكثيرون في محاولة منهم للبحث عن وسيلة لتحسين حياتهم، فهؤلاء الذين نصبوا أنفسهم (عرابي النجاح) إن نجحوا في شيء فهم نجحوا في استغلال هذه الحاجة، لا أتحدث هنا عن ذوي العلم وأصحاب الخبرة والأعمال الذين ضاعت مجهوداتهم بين هؤلاء، بل أقصد بشكل مباشر كل من سولت له نفسه أن يدعي ما ليس له به من علم واستباح المتاجرة بحاجات الناس واستغلال نقاط ضعفهم وباعهم الوهم بحجة أنه يريد أن يرشدهم إلى طريق النجاح الذي لا يعرف هو نفسه مكانه.الخلاصة: إن كنت تريد أن تغير من واقعك، وتحسن من حياتك، فاسلك القنوات الصحيحة لذلك، الخبراء لا يبيعونك العلم باستخدام عناوين رنانة تشعرك بعجزك وضعفك، الخبراء الحقيقيون يستخدمون لغة بسيطة واضحة مباشرة، الدورات التدريبية والمساعدون النفسون لن يستغلوا ضعفك في سبيل بيع برنامج تدريبي أو استشارة مدفوعة، هؤلاء ستجدهم أحرص الناس على سلامتك النفسية ستجدهم في حديثهم داعمين لا مدمرين ستراهم ينشرون العلم والمعرفة في كل مكان بهدف نشر العلم، وإن كنت ستلجأ لهم يوماً فهو رغبة في تعلم المزيد، وليس رغبة في تعلم الأسرار الخفية التي لا يعرفها إلا عرابو النجاح.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق