حزمة ترامب الجمركية قد تشعل تضخم الاقتصاد الأمريكي وركوده

مصدرك 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

حذّر بنك «غولدمان ساكس» من تداعيات اقتصادية خطيرة على الاقتصاد الأمريكي، مع اقتراب الرئيس دونالد ترامب من الكشف عن حزمة تعريفات جمركية جديدة، تحت مسمى «يوم التحرير» في الثاني من إبريل/ نيسان، ووفقاً للبنك، فإن هذه السياسة، قد تؤدي إلى تصاعد معدلات التضخم بشكل غير مسبوق، ما يهدد استقرار الاقتصاد الأمريكي.

تضخم متصاعد

ذكر كبير الاقتصاديين في البنك، يان هاتزيوس، في مذكرة للعملاء، أن ارتفاع التعريفات الجمركية من شأنه أن يعزز أسعار المستهلكين، ونتيجة لذلك، قام هاتزيوس برفع توقعاته لمعدل التضخم الأساسي لمؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي إلى 3.5% على أساس سنوي، بزيادة قدرها 0.5 نقطة مئوية عن تقديراته السابقة.

وهذا التعديل يعكس ارتفاع توقعات هاتزيوس بشأن معدل التعريفات، حيث توقع الآن زيادة متوسط التعريفة الجمركية في الولايات المتحدة بمقدار 15 نقطة مئوية، خلال العام الجاري، مقارنة بتوقعاته السابقة التي قدرت الزيادة ب 5 نقاط فقط.

تباطؤ النمو

في ما يتعلق بالنمو الاقتصادي، خفّض هاتزيوس توقعاته لنمو الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي، لعام 2025، إلى 1% فقط، وهو انخفاض بمقدار 0.5% عن تقديراته السابقة. وعلاوة على ذلك، رفع احتمالية دخول الاقتصاد الأمريكي في حالة ركود، خلال الأشهر ال 12 المقبلة إلى 35%، مقارنة ب 20% في تقديراته السابقة.

وأوضح هاتزيوس أن هذا التعديل، يأتي نتيجة تراجع ثقة الأسر والشركات بشكل حاد، إلى جانب تصريحات من مسؤولين في البيت الأبيض تشير إلى استعدادهم، لتحمل ضعف اقتصادي قصير الأجل في سبيل تنفيذ سياساتهم.

وأضاف: «على الرغم من أن ثقة السوق لم تكن مؤشراً دقيقاً للنشاط الاقتصادي، خلال السنوات الأخيرة، إلا أننا نرى أن التراجع الأخير في المعنويات مقلق، بسبب ضعف الأساسيات الاقتصادية مقارنة بالسنوات السابقة».

توتر الأسواق

أثارت مخاوف السوق، بشأن هذه التعريفات موجة اضطرابات في «وول ستريت»، حيث انخفض مؤشر «داو جونز» الصناعي بمقدار 716 نقطة، الجمعة، مسجلاً تراجعاً بنسبة 1.7%.

كما هبط مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بنحو 2%، فيما خسر مؤشر «ناسداك المركب» نحو 2.7% من قيمته. وحتى الآن، انخفض مؤشر «أس أند بي 500» بنسبة 5%، منذ بداية العام، متجهاً نحو أسوأ ربع له منذ سبتمبر/ أيلول 2022.

ردود فعل

لم تتأخر الدول المستهدفة عن الرد على هذه الإجراءات، حيث أعلنت الصين فرض تعريفة بنسبة 15% على واردات أمريكية، تشمل الدجاج والقمح والذرة والقطن، إضافة إلى رسوم إضافية بنسبة 10% على الذرة، وفول الصويا، ولحوم البقر، والمأكولات البحرية، والفواكه، والخضروات، ومنتجات الألبان. في المقابل، أعلنت كندا فرض رسوم جمركية بنسبة 25% على واردات أمريكية بقيمة 30 مليار دولار كندي.

عدم اليقين

في ظل هذه التطورات، حذر غاري كوهن، المدير السابق للمجلس الاقتصادي الوطني ونائب رئيس مجلس إدارة «آي بي إم»، من أن الأسواق المالية تعتمد على الاستقرار والوضوح.

وقال في مقابلة مع «ياهو فاينانس»: «إن الغموض هو العدو الأول للأسواق. عندما تخلق الشركات أو الحكومات حالة من عدم اليقين بشأن السياسات الضريبية أو التعريفات الجمركية، فإن الأسواق تعيد تسعير نفسها وفقاً لذلك».

الفيدرالي يتوقع

يتوقع «غولدمان ساكس» أن يصل معدل التضخم الأساسي باستثناء الغذاء والطاقة إلى 3.5%، عام 2025، وهو ما يتجاوز هدف الاحتياطي الفيدرالي البالغ 2%. ويرافق هذا التضخم تباطؤ النمو الاقتصادي، حيث يتوقع أن يبلغ معدل النمو السنوي 0.2% فقط، في الربع الأول من عام 2025، و1% لكامل العام، وهو انخفاض بمقدار 0.5 نقطة مئوية عن التقديرات السابقة.

كما يتوقع البنك ارتفاع معدل البطالة إلى 4.5%، بزيادة 0.3 نقطة مئوية عن التقديرات السابقة، ما يعزز المخاوف من دخول الاقتصاد الأمريكي في مرحلة «الركود التضخمي»، وهي حالة اقتصادية تجمع بين تباطؤ النمو وارتفاع التضخم، شبيهة بما حدث في أواخر السبعينات وأوائل الثمانينات، عندما اضطر بنك الاحتياطي الفيدرالي بقيادة بول فولكر إلى رفع أسعار الفائدة بشكل كبير، ما أدى إلى دخول الاقتصاد في حالة ركود.

خفض الفائدة

على الرغم من هذه التحديات، لا يتوقع «جولدمان ساكس» أن يلجأ الاحتياطي الفيدرالي إلى رفع أسعار الفائدة، كما حدث في الماضي، بل على العكس، يتوقع البنك أن يقوم الفيدرالي بخفض الفائدة ثلاث مرات، خلال عام 2025، بمقدار 0.25% في كل مرة، لتصل إلى نطاق 3.5% و3.75%، بحلول نهاية العام، مقارنة بالمستوى الحالي البالغ 4.25% و4.50%.

تفاقم الوضع

على الرغم من أن نطاق التعريفات الجديدة لم يُكشف عنه بعد، أفادت صحيفة «وول ستريت جورنال» بأن ترامب يدفع فريقه لاتخاذ إجراءات أكثر صرامة، مع احتمال فرض رسوم جمركية موحدة بنسبة 20% على جميع الشركاء التجاريين للولايات المتحدة.

فائزون وخاسرون

يعتمد إيمان ترامب القوي بالتعريفات الجمركية على رؤيته للعالم، من منظور الفائزين والخاسرين، واعتقاده أن الولايات المتحدة تعرضت للاستغلال من قبل القوى الأوروبية والآسيوية، التي تحمي صناعاتها.

وقال ترامب للصحفيين، الأسبوع الماضي: «سنفرض رسوماً على الدول التي تمارس الأعمال التجارية في بلادنا، وتأخذ وظائفنا، وثروتنا، والعديد من الأشياء الأخرى، التي أخذوها على مر السنين. لقد أخذوا الكثير من بلادنا، سواء كانوا أصدقاء أو أعداء».

وعلى الرغم من أن السياسة الجمركية قديمة قدم الولايات المتحدة نفسها، فإن العديد من الاقتصاديين يلقون باللوم على الحمائية التجارية في تفاقم الكساد الكبير في الثلاثينات، ومنذ نهاية الحرب العالمية الثانية، شهدت التجارة العالمية انخفاضا تدريجياً في الحواجز التجارية، قبل أن تدخل مرحلة تحول جذري، مع بداية القرن الحادي والعشرين.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق