قد يروج البعض لأفكار مفادها أن القرارات الحكومية يتم اتخاذها بغض النظر عن مدى اعتراض أعضاء مجلس النواب، ومثل هذه الأفكار استطاعت أن ترسخ قناعة لدى كثيرين بأن ما تريده الحكومة هو ما يتم إقراره أو تمريره، وأن المجلس التشريعي قد يعترض، لكنه في النهاية يرضى بالأمر الواقع الذي تريده الحكومة.كذلك الأمر بالنسبة للشارع، فقد يظن البعض الآخر أن الحكومة تتخذ قراراتها بعيداً عن رأي الشارع والمواطن، وأنها تعمل بمعزل عن الحالة الاقتصادية للمواطن وظروفه المعيشية، ومدى تأثره بتلك القرارات، وهو أمر غير واقعي أو حقيقي، وينفيه تماماً ما حدث في الأيام القليلة الماضية.فلقد تابعنا خلال شهر رمضان والناس صيام، ما يجري بشأن الميزانية من مداولات بين الحكومة وأعضاء مجلس النواب سواء في الغرف المغلقة أو ما تم الكشف عنه من بعض المقترحات، والتي كان الجميع يتخوف من تداعياتها لو أقرت، ولذلك شهدت المجالس الشعبية ووسائل التواصل الاجتماعي، نقاشات كثيفة حول تلك المقترحات، وأبدى نواب أيضاً اعتراضهم عليها، وبدا للجميع أنها أمر واقع لا مفر منه وسيتم تطبيقه.لكن تفاجأ الجميع بأن تلك المقترحات – التي تقدمت بها الحكومة – لم يتم إقرارها، وانتهى الجدل بشأن الميزانية لتعود الأمور، وتستقر ويطمئن الشارع البحريني بما انتهى إليه الأمر حيث تلاشت المخاوف من قرارات رفع الدعم عن الكهرباء والماء والبترول وأمور أخرى، بل إن الخبر عندما انتشر بشأن إلغاء تلك المقترحات كان مفاجئا للناس، ولم يصدقه البعض حتى تم الإعلان عنه بشكل رسمي في جلسة مجلس الشورى التي عقدت يوم الخميس الماضي لإقرار الميزانية.ترجمة هذا السيناريو الذي بدأ بمقترحات تخوف منها الناس، وصولاً إلى إلغائها والعودة للوضع الطبيعي، جاءت على لسان معالي وزير المالية والاقتصاد الوطني الشيخ سلمان بن خليفة آل خليفة بأن الميزانية التي أقرت، جاءت ثمرة «توافق وطني واسع» وأن الحكومة جعلت تحسين مستوى المعيشة أحد أهم أولوياتها في تقدير الميزانية.فالتوافق الوطني الواسع الذي ذكره الشيخ سلمان بن خليفة آل خليفة، كان أمراً واقعياً وترجمة لما حدث في تلك الفترة التي نوقشت خلالها الميزانية إلى أن أقرت، حيث كانت هناك نقاشات مع نواب الشعب، ومتابعة حثيثة لهواجس الناس وقراءة لردود أفعال خبراء الاقتصاد، إلى أن خلصت الحكومة في نهاية الأمر إلى «توافق وطني» جمع كل الآراء لتأتي الميزانية معبرة عن رأي الجميع وليس رأي جهة بمفردها.وعند هذه النقطة، أعود لما ذكرته في البداية، وما يروجه البعض بأن الحكومة تنفرد بالقرار، لأسأل أصحاب هذا التوجه.. هل وجدتم ما تقولونه حقيقي أم أنكم كنتم على خطأ؟.. هل الحكومة تتجاهل مصالح المواطنين أم أن المواطن هو الأولوية في كل قرار تتخذه؟.. أترك لكم الرد على ذلك.
هل وجدتم أنكم على حق أم كنتم مخطئين؟

هل وجدتم أنكم على حق أم كنتم مخطئين؟
0 تعليق