أكد خبير واستشاري بالتربية الخاصة ومدير مركز معا للتربية الخاصة أسامة مدبولي أهمية دمج ذوي الاحتياجات الخاصة في احتفالات العيد، وتحويل هذه المناسبة إلى فرصة حقيقية للتعلم والتفاعل الاجتماعي، وتعزيز شعورهم بالانتماء والمواطنة.
وقال الاستشاري مدبولي إن "الأعياد تحل حاملةً معها عبق الفرح والبهجة، وتتزين الشوارع والبيوت بألوان الاحتفال، وتعم الابتسامات وجوه الكبار والصغار. ولكن، هل فكرنا يوماً في كيفية استقبال هذه المناسبة السعيدة من قبل ذوي الاحتياجات الخاصة؟ هل نأخذ بعين الاعتبار احتياجاتهم وخصوصياتهم لضمان مشاركتهم الكاملة في هذه الأجواء الاحتفالية".
وأضاف أن "هناك تحديات تواجه ذوي الاحتياجات الخاصة في العيد، فعلى الرغم من أن العيد يمثل مناسبة سعيدة للجميع، إلا أن ذوي الاحتياجات الخاصة قد يواجهون بعض التحديات التي تحد من قدرتهم على الاستمتاع الكامل بهذه الأجواء".
وأوضح مدبولي أنه من أبرزها "التحديات الاجتماعية والنفسية، حيث قد يعاني البعض من انخفاض الثقة بالنفس والخوف من الرفض الاجتماعي، بالإضافة إلى الشعور بالعزلة بسبب صعوبة التفاعل مع الأقران في الأنشطة والاحتفالات التقليدية".
وعن التحديات المادية واللوجستية، بين أن "هناك صعوبة التنقل والوصول إلى أماكن الاحتفالات بسبب عدم تهيئة البنية التحتية، وعدم توفر بيئة مناسبة ومهيأة لاحتياجاتهم الخاصة في الأماكن العامة، بالإضافة إلى نقص المرافق والتسهيلات اللازمة لمشاركتهم في فعاليات العيد بشكل كامل".
وفيما يتعلق بالتحديات المتعلقة بالوعي المجتمعي، قال إن "هناك عدم فهم احتياجاتهم الخاصة من قبل المجتمع بشكل صحيح، وقلة الوعي بكيفية التعامل معهم وإشراكهم في الأنشطة الاجتماعية".
وأكد مدبولي أنه كي نحول العيد إلى فرصة للتعلم والتفاعل لدمج ذوي الاحتياجات الخاصة وتعزيز مشاركتهم، يمكن اتباع بعض الاستراتيجيات الفعالة، ومن بينها: التكيف والشمولية عبر تهيئة الاحتفالات لتناسب احتياجاتهم الخاصة، مثل توفير منحدرات للكراسي المتحركة ودورات مياه مجهزة إن لم تكن موجودة، واستخدام لغة الإشارة والتقنيات المساعدة للصم والمكفوفين لضمان مشاركتهم الكاملة، وتصميم أنشطة تراعي قدراتهم المختلفة وتشجع على المشاركة".
ودعا أيضاً إلى "التعلم من خلال التجارب عبر تعزيز التجارب الحسية عبر تذوق الأطعمة التقليدية وسماع الأناشيد، وقراءة القصص المتعلقة بالعيد وشرح التقاليد باستخدام الصور والرسوم التوضيحية، وتنظيم أنشطة إبداعية كالرسم وصنع البطاقات لتنمية المهارات الحركية".
وأكد "ضرورة تعزيز التفاعل الاجتماعي من خلال تشجيع الزيارات العائلية والمشاركة في الفعاليات المجتمعية، وتنظيم ألعاب جماعية تعزز مهارات التواصل والتعاون، وإشراك الأطفال في أعمال الخير والتطوع لتعزيز الشعور بالمسؤولية الاجتماعية".
ولم يفت الاستشاري مدبولي تقديم نصائح للعائلات تتضمن التخطيط المسبق للأنشطة مع مراعاة احتياجات الطفل، وتوفير بيئة مريحة وداعمة، مع تجنب الازدحام والضوضاء المفرطة، وتشجيع استقلالية الطفل ومنحه مسؤوليات صغيرة تناسب قدراته، وتنظيم أنشطة متنوعة ومناسبة بينها أنشطة حسية وحركية: ألعاب بالرمل الملون، والرسم على الرمل، وألعاب التصويب، وأنشطة تعليمية: ألعاب لتعليم الاتجاهات والأرقام والتعرف على الأشياء، وألعاب ترفيهية: البلياردو المنزلية، والمتاهات، وتصويب البالونات، وأنشطة إبداعية: تلوين رسومات العيد، وصنع الزينة.
وأوضح أن "المهم من هذه الأنشطة هو ضمان مشاركة أبنائنا من ذوي الاحتياجات الخاصة بكل الطرق والأساليب. بها دور المجتمع في دعم ذوي الاحتياجات الخاصة، إذ لا تقتصر مسؤولية دمج ذوي الاحتياجات الخاصة في احتفالات العيد على الأسرة فحسب، بل يقع على عاتق المجتمع بأكمله دور هام في تهيئة بيئة داعمة وشاملة".
وشدد على ضرورة "خلق جو من القبول والاحترام لجميع الأطفال بغض النظر عن قدراتهم، وتوفير فرص متساوية للمشاركة في أنشطة العيد والتفاعلات الاجتماعية، وتنظيم برامج صداقة تجمع بين الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة وأقرانهم، وعقد ورش عمل توعوية لأفراد المجتمع حول احتياجات وحقوق الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، وتنظيم فعاليات مجتمعية تعزز الفهم والتعاطف تجاه هؤلاء الأطفال وأسرهم، والعمل مع المدارس والمنظمات المحلية لتوسيع نطاق الأنشطة والخدمات المقدمة.
وخلص مدبولي إلى القول إن "العيد فرصة ذهبية لترسيخ قيم التسامح والتعاطف والاندماج في مجتمعنا، ولإظهار دعمنا وتقديرنا لذوي الاحتياجات الخاصة. فلنجعل من هذا العيد مناسبة استثنائية تملأ قلوبهم بالفرح والأمل، وتمنحهم شعورًا حقيقيًا بالانتماء والمواطنة".
0 تعليق