ندوة تحليلية حول الرواية والشخصيات في "يدا القادمة من القفقاس"

الغد 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

loading ad...

عمان – في إطار فعاليات منتدى الرواد الكبار نظمت ندوة نقاشية حول رواية "يدا القادمة من القفقاس" للروائية هزار الكيلاني، التي تسلط الضوء على رحلة الهجرة والتشرد لشعب القوقاز من خلال قصة البطلة "يدا".اضافة اعلان
أدار النقاش الدكتور سليمان الأزرعي، بمشاركة كل من: الروائي محمد أزوقة والدكتورة دلال عنبتاوي. تطرقت الندوة إلى تفاصيل الحكاية وتعمقت في تحليل الشخصيات وأبعاد الرواية الثقافية والاجتماعية، من خلال تسليط الضوء على الرحلة الشاقة لبطلة الرواية عبر قارات وثقافات مختلفة، وحجم التحديات التي واجهتها في سعيها لبناء مكانتها الاجتماعية في بيئة جديدة.
ومديرة المنتدى هيفاء البشير، "نستضيف في هذه الندوة التي تتناول رواية "يدا"، الكاتبة هازار الكيالي، وتروي فيها قصة وسيرة امرأة قدمت إلى الأردن من بلاد الشيشان، وتعرض حكايتها بأسلوب روائي قائم على الوصف واستخدام التقنيات الروائية. حيث وظفت الروائية الحكاية بشكل جيد، وسعت إلى إقناع المتلقي بأهمية توثيق تلك المراحل التي مرت بها بطلة الرواية يدا بأسلوب روائي يعتمد على السرد.
من جهتها قالت دلال عنبتاوي: "إن اسم "يدا" يحمل دلالات عدة في الفكر التراثي الشيشاني، فهو اسم له قيمته المجتمعية والتراثية. أولا، هو اسم لأنثى باللغة الشيشانية ويحمل معنى "الفتاة المدللة"، كما أوضحت لي الكاتبة. ولكن العنوان لم يأت منفردا، بل أتبعته الكاتبة بعبارة "القادمة من القفقاس"، ليكتشف القارئ أن الرواية هي عن المرأة "يدا"، وهي ليست مجرد اسم فقط، بل إن "يدا" ذاتها تحمل حكاية مهمة جدًا. ومعروف أن الحكاية، أي حكاية، لها جذورها الاجتماعية والثقافية، ولها ارتباط خاص في عالم الأدب والسرد، فهي سيرية ورمزية في الوقت ذاته".
وحول أسلوب الوصف في رواية "يدا"، رأت عنبتاوي أن الرواية هي نص سردي تعد الحكايةُ نواته، وتتميز بلغة تثير اللذة والإحساس بالجمال، يدخلها القارئ ويتجول في أرجائها، ثم يغادرها ليعيد بناءها بحسب تصوراته وخلفيته الثقافية. ومن عناصر الرواية الوصف، الذي سعى الكتاب الروائيون إلى توظيفه، حيث لا يخلو أي عمل روائي من هذا العنصر. وقد تتبعت عنبتاوي الوصف في هذه الرواية فوجدته ينحاز إلى الطبيعة تارة، وإلى الأشخاص والأمكنة تارة أخرى.
وقالت عنبتاوي: "إن الكاتبة تصف الطبيعة في مدخل الرواية قائلة في الصفحة 9: "كان الشتاء رائعًا، الثلج يغطي مساحات واسعة حول البلدة التي نعيش فيها. وتبدو الغابة خلابة بأشجارها الباسقة التي تتعالى فوق المسطحات الثلجية البيضاء، التي تعزز في داخلي براءة الطفولة. كانت لعبتي المفضلة أن أقوم بجمع الحراب الجليدية المتدلية من أغصان السرو والأرز، لامعة وشفافة، وإذا داعبتها شعاعات الشمس الهاربة من بين الغيوم، كانت تتلألأ تيها كالثريا الكريستالية الفاخرة التي طالما وصفها جدي -رحمه الله- حين كان يروي لنا حكاياته الغامضة عن قصر القيصر".
وخلصت عنبتاوي إلى أنها حاولت دراسة الوصف في الرواية، مركزة على آلياته الأكثر بروزا وفاعلية في النص. وتتبعت الكاتبة وصفها بدقة وأبدعت فيه أيما إبداع، بدءا من بداية التهجير من القفقاس، مرورا بالكثير من الأمكنة، وانتهاء بعمان. وقد لاحظت أن توازن الوصف والحديث عن الأمكنة في هذه الرواية كان متفاوتا، إذ إن الحديث عن الأمكنة التي سردتها الراوية أخذ تقريبًا نصف الرواية. أما الباقي، فقد تم فيه الحديث عن عمان والمناطق التي حولها مثل السلط وصويلح وغيرهما.
من جهته، تحدث الروائي محمد أزوقة عن مجريات وأحداث الرواية من خلال البطلة "يدا" ورحلة تنقلها بين الدول قائلا: "تأخذنا هذه الرواية المؤثرة الممتعة في رحلة طويلة، تروي لنا عبرها امرأة على مدى سبعة عقود، من قرية شيشانية وادعة إلى جورجيا، ثم إلى السلطنة العثمانية، مقاطعة تركيا، عابرة سورية، لتحط بها الرحال في عمان الحبيبة. حيث تنتقل بنا الحكاية التي تصفها الطفلة "يدا"، من الانبهار إلى الفضول، ثم الخوف والحزن، حتى توصلنا إلى حافة اليأس. لكن قوة عزيمتها، رغم انقطاعها عن أهلها وعشيرتها وهي لم تتجاوز سنتها الثانية عشرة، تتغلب على كل الصعاب التي لم يكن أقلها الاغتراب التام وعدم معرفة اللغة العربية، لتبني لنفسها مكانة اجتماعية مرموقة، وسط إحدى أعرق العائلات العربية الأردنية."
ورأى أزوقة أن الحكاية تبدأ في "اشخويل يورت"، حيث تستمتع الطفلة "يدا" بأوقاتها، بدءًا من اللعب مع صديقاتها، والتجول في الحقول والأحراش، ثم العودة إلى البيت، حيث روى لها الجد "وقادادا" الروايات الممتعة عن العادات والتقاليد والبطولات التي لا تخلو من الأساطير. تعلمت "يدا" احترام كبار السن وخاصة النساء، منذ بواكير طفولتها، ثم آداب الحديث التي تحرم عليها أن تباشر بالكلام في حضرة الكبار إلا إذا سئلت. ثم تسعد بحضور زفاف في القرية، حيث يقوم الشباب والصبايا بإحياء احتفال الزفاف التراثي "اللاوزر" تحت إشراف الكبار والوجهاء. تدخل إلى غرفة العروس لتجدها واقفة، لم تلاحظ أن العروس لم تجلس طيلة أيام العرض، ولا تجلس إلا إذا أمرتها سيدة كبيرة بالسن بالجلوس، لكنها تعاود الوقوف لدى دخول امرأة مسنة أخرى.
وقال أزوقة: "نشأت "يدا" وهي معجبة بأبيها مصطفى (مستفي)، وكانت إحدى الجلسات التي حضرها رجل يسمى 'المريد". جاء الرجال من حلقة الكار، وبدأوا ينشدون ويتمايلون، رجال الدين هؤلاء درسوا الشريعة الغراء في إسطنبول. وكان هناك حديث عن كون المدينة عاصمة للمسلمين، وأن السلطان هو خليفة المسلمين، وأن خير ما يقدمه السلام هو الهجرة إلى بلاد الإسلام. ما لم يقله الكتاب هو أن العثمانيين كانوا بحاجة إلى مزارعين لزيادة محصول القمح والحبوب الأخرى، وكذلك المقاتلون لرفد جيوشهم. وكان الشيشانيون يلبون هاتين الحاجتين، لذا كان المريدون يحددون للمهاجرين المكان الذي يتوجب عليهم الهجرة إليه، وكان "الشام شريف" هو الوجهة المقررة في حالة قرية "يدا"، ثم عمان".
وخلص أزوقة إلى أن رحلة الهجرة الشاقة، حيث النساء يحضرن المؤونة من لحوم مقدسة وغيرهما، ثم انطلقت القافلة. وعبرت الحدود إلى بلاد الشيشان، حيث استغرقت الرحلة شهرًا ونصف. بعدها، عبروا جورجيا في حالة من القلق الشديد والحذر من مهاجمة الجورجيين، مما اضطر الرجال إلى تكثيف الدوريات والحراسة. ومع بلوغهم حدود الدولة العثمانية، تم احتجازهم في معسكرات الاعتقال، حيث عاملهم الجنود بخشونة. عانى المهاجرون من البرد والجوع والعطش ونقص الحاجات الأساسية، مما أسفر عن وقوع وفيات بين كبار السن.
من جانبها، شكرت الكاتبة المحاضرين على ما قدموه من كلمات حول الرواية، مشيرة إلى أن الرواية تتناول سيرة جدتها، وتعرض فيها حياة الشيشان وهجرتهم إلى أماكن متعددة. كما تناولت الرواية الأعراق القريبة من الشيشان مثل الشركس، حيث يوجد العديد من أوجه التشابه في العادات والتقاليد.
إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق