وقف التمويل الأميركي.. كيف يصنع الأردن فرصته الغذائية؟

الغد 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

loading ad...

عمان- غداة التحذيرات التي أطلقها برنامج الأغذية العالمي بشأن وقف التمويل الأميركي وتأثيره الكارثي على الأمن الغذائي في 14 دولة، بما فيها الأردن، رأى خبراء زراعيون أن أمام الأردن فرصة سانحة لتعزيز استقلاليته الغذائية وتعزيز شراكاته الإستراتيجية بعيدًا عن الاعتماد على مصدر تمويلي واحد.اضافة اعلان
وقال هؤلاء الخبراء لـ"الغد" إنه على الأردن أن يعمل على تنفيذ برامج وإستراتيجيات وطنية لتحقيق الأمن الغذائي وتعزيز القدرة على الصمود، من خلال تنويع مصادر التمويل، وتعزيز دور المنظمات الإقليمية والدولية غير الأميركية.
ضغط على الموارد
الخبير الدولي في مجال الأمن الغذائي الدكتور فاضل الزعبي يرى أن تعليق المساعدات الأميركية عبر الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID) أثر بشكل كبير على قطاعات حيوية مثل الصحة والتعليم والمياه، ما يزيد الضغط على الموارد الوطنية سيما وأنه يستضيف حوالي 1.3 مليون لاجئ سوري، ما يزيد من الأعباء الاقتصادية ويؤثر على قدرة المملكة على تحقيق الأمن الغذائي.
وقال الزعبي إن الحكومة أطلقت إستراتيجية لتعزيز الأمن الغذائي من خلال تحسين الإنتاج المحلي، وتقليل الهدر الغذائي، وتعزيز التعاون الإقليمي والدولي بالتعاون مع منظمة الأغذية والزراعة (FAO) ومنظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية (UNIDO)، كما أطلق الأردن برنامجًا لتحويل النظام الزراعي والغذائي نحو مزيد من الاستدامة والصمود.
وأضاف إن هذا البرنامج يركز على تطوير سلاسل القيمة الزراعية وزيادة شمولية النساء والشباب واللاجئين، ويعمل مجلس الأمن الغذائي على تنفيذ خطة عمل 2025-2027 التي تشمل إنشاء نظام مراقبة وتقييم لأداء وتأثير التحول في النظم الغذائية، بالإضافة إلى تعزيز قدرات الحكومة لتكرار هذه العمليات في قطاعات.
وبين أن الأردن يسعى لتعزيز التعاون مع دول الخليج ومؤسسات التمويل الدولية لجذب الاستثمارات ودعم البنية التحتية الزراعية والمائية. 
ورأى أن الخيارات المتاحة أمام الأردن تتمثل بتعزيز الإنتاج المحلي عن طريق الاستثمار في تقنيات الزراعة الحديثة مثل الزراعة المائية والزراعة الذكية مناخيًا، وتحسين إدارة الموارد المائية لتقليل الفاقد وزيادة كفاءة الري، وتنويع مصادر التمويل وتعزيز الشراكات مع الدول المانحة الأخرى والمؤسسات الدولية، فضلا عن جذب الاستثمارات الخاصة لدعم القطاع الزراعي، وإشراك النساء والشباب واللاجئين في المشاريع الزراعية والغذائية لتعزيز الإنتاجية وتحقيق العدالة الاجتماعية.
كما اقترح إنشاء مركز إقليمي للاستجابة الإنسانية بالتعاون مع برنامج الأغذية العالمي، بحيث يلعب دورا مهما في تعزيز قدرة المملكة على مواجهة الأزمات الطارئة.
تقييم الأثر
من جهته، قال وزير الزراعة الأسبق سعيد المصري إن وقف التمويل للمساعدات الغذائية الطارئة يهدد برامج برنامج الأغذية العالمي التي يعتمد عليها آلاف اللاجئين والمجتمعات المضيفة، حيث تتزامن هذه الخطوة مع مساعي الأردن لتنفيذ إستراتيجيته الوطنية للأمن الغذائي (2021-2030)، ما يستدعي تقييمًا دقيقًا للأثر واستكشاف خيارات بديلة.
وأضاف المصري إن الأثر المباشر على اللاجئين السوريين سيتمثل في تقليص الحصص الغذائية، وتفاقم سوء التغذية، وارتفاع نسب التسرب المدرسي.
وزاد: "أما الأثر على المجتمعات المضيفة فسيكون بزيادة الضغط على البنية التحتية، وتولد احتكاك مجتمعي محتمل بسبب التنافس على الموارد المحدودة."
وتابع: "في حين سيتمثل الأثر الاقتصادي الكلي بالضغط الإضافي على موازنة الدولة، وبالتحديات التمويلية أمام الاستمرار في الدعم الإنساني."
وقال إن خيارات الأردن الإستراتيجية يجب أن تتمثل في تنويع مصادر التمويل عن طريق التعاون مع دول مانحة بديلة (أوروبا، الخليج، آسيا)،  وتعزيز دور المنظمات الإقليمية والدولية غير الأميركية.
كما دعا للاستثمار في الزراعة المحلية من خلال دعم المزارعين المحليين، والتوسع في الزراعة الذكية مناخياً (تقنيات التحريج، الزراعة المغلقة، الخ).
واقترح تطوير برامج الحماية الاجتماعية عن طريق تحويل الدعم الغذائي إلى دعم نقدي مشروط، ودمج اللاجئين في برامج العمل والإنتاج الزراعي، وتحفيز الشراكات مع القطاع الخاص من خلال إنشاء صناديق استثمارية للأمن الغذائي، ودعم مبادرات التصنيع الغذائي المحلي والتخزين الإستراتيجي.
وأكد أن وقف التمويل الأميركي يمثل تحدياً خطيراً لكنه قد يكون أيضًا فرصة للأردن لتقوية استقلاليته الغذائية وتعزيز شراكاته الإستراتيجية بعيدًا عن الاعتماد على مصدر تمويلي واحد.
بدائل أردنية
من جهته، يرى رئيس جمعية التمور الأردنية والمختص بالشأن الزراعي، أنور حداد، أنه بالرغم من أن الأردن ليس من الدول الأكثر تضررا من قرار وقف التمويل، لكن من شأن ذلك أن يؤثر بصورة مباشرة وغير مباشرة عليه، خاصة وأنه جزء من شبكة دول تعتمد بدرجات مختلفة على الدعم الدولي لضمان أمنها الغذائي، خصوصاً في ظل الضغوط الاقتصادية العالمية.
وأضاف حداد إن تلك الضغوط نتجت عن مجموعة من الأزمات العالمية، منها على سبيل المثال لا الحصر، أزمة كورونا، والأزمة السورية، وحرب غزة، واستمرار تداعيات الأزمة العراقية، والأزمة الأوكرانية، وأخيرا أزمة الجمارك الأميركية، وهو ما سيرتب ضغطا إضافيا على المنظومة الإنسانية في المملكة، خصوصا اللاجئين السوريين، وسينخفض مستوى الدعم العيني والنقدي في المخيمات. 
ورأى أن الدول المستهدفة من هذا القرار كاليمن والصومال وسورية والسودان وتشاد وغيرها، أصلا تعاني من أزمات مركبة كالجفاف والفقر والأوبئة والانهيارات الاقتصادية، ما سيؤدي إلى تعميق الفقر والمجاعات، وسيضطر برنامج الغذاء العالمي إلى التركيز أكثر على تلك المناطق.
وقال إن الأردن لا يزال يملك مجموعة من الأدوات والسياسات التي يمكن استخدامها، كتعزيز الإنتاج المحلي خصوصا منتجات العجز، وتحسين سلاسل التزويد والتخزين، من خلال مراكز لوجستية ذات كفاءة عالية، وخفض الاستيراد والتوسع في محاصيل القيمة العالية والزراعة المحمية والمائية، وتعزيز استخدام الزراعة الذكية وتقليل الفاقد الغذائي، وتحسين جودة التخزين ودعم صغار المزارعين.
واقترح العمل على تنويع مصادر الدخل والتمويل والدعم الغذائي عبر شراكات دولية مع الاتحاد الأوروبي ودول الخليج والصين وكوريا،  والتوسع في البحث العلمي في المراكز البحثية والجامعات ودعم الابتكار والتطوير، مؤكدا وجوب أن يتمثل ذلك بإعداد خطة طارئة قصيرة المدى وأخرى طويلة المدى للأمن الغذائي في حال اشتداد الأزمة، ودعم المخزون الإستراتيجي.
ودعا لزيادة دعم وحماية الإنتاج المحلي خصوصا في مناطق الإنتاج التي تتمتع بمزايا نسبية كالأغوار، إضافة إلى التوسع في شبكات الأمان الاجتماعي، والعمل على تأمين بدائل التمويل الأميركي للبرنامج، مبينا أنه يقع على عاتق مجلس الأمن الغذائي مسؤولية كبيرة في هذا الإطار.
من جهته، بين رئيس الجمعية الأردنية لمصدري ومنتجي الخضار والفواكه مازن حمارنة أن العنصر الأساسي في موضوع الأمن الغذائي يقضي بأن يكون لدينا مزارع قوي، جنبا إلى جنب مع تاجر ومصدر قوي.
وأوضح حمارنة أن ما تقوم به الحكومة من تشجيع على تصنيع الغذاء ودعمه هو خطوة ممتازة، مبينا أن الجمعيّة التي يمثلها تعمل مع شركات دولية لتوفير عقود مسبقة لزراعة أصناف مطلوبة دوليا وذات أسعار عالية، لتحل محل الإنتاج التقليدي، خصوصا أنها ذات استهلاك أقل للماء.
وأكد أن الأردن من السباقين في موضوع الأمن الغذائي والتعامل مع الظروف الصعبة، معاودا التشديد على أن الهدف الأساسي الذي يجب التركيز عليه للتغلب على التحديات هو الاعتناء بالمزارع والمصدر لضمان تعزيز الأمن الغذائي.
إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق