منذ إطلاق شات جي بي تي، أصبحت أوبن أي واحدة من الشركات الرائدة في مجال الذكاء الاصطناعي التوليدي، حيث قدّم النموذج التفاعلي المبتكر تحولًا في كيفية تفاعل المستخدمين مع الآلات باستخدام اللغة والتفاعلات الطبيعية، وقد ارتبط اسم شات جي بي تي ارتباطًا وثيقًا بالثورة التكنولوجية التي نشهدها اليوم في مجالات مثل خدمة العملاء، الكتابة التلقائية، والتعليم.
لكن مع إعلان الصين دخولها بقوة في هذا المجال من خلال نموذجها الجديد "ديب سيك"، بدأت تظهر تحديات جديدة قد تغير قواعد اللعبة، حيث إن ديب سيك الذي تم تطويره في الصين، يتمتع بقدرات ضخمة ومدعوم من التكنولوجيا الصينية المتطورة، ودخل السوق الدولي في وقت حساس للغاية، حيث بدأ الذكاء الاصطناعي يحتل مكانة مهمة في الاقتصاد العالمي.
ما هو ديب سيك؟
"ديب سيك" هو نموذج ذكاء اصطناعي صيني، جرى تطويره من قِبل شركة ناشئة تحمل الاسم نفسه، مدعومة من شركات تكنولوجيا كبرى في الصين، حيث يهدف إلى تقديم تجربة مشابهة أو منافسة لـشات جي بي تي، مع التركيز على دعم اللغة الصينية والإنجليزية، ومعالجة النصوص، وتوليد المحتوى، والبرمجة، والترجمة، وغيرها.
واحدة من أبرز نسخ النموذج تُعرف باسم DeepSeek-V2، وقد تم تدريبها على مئات المليارات من الرموز والمعطيات اللغوية، مما يمنحها مرونة وذكاءً في الحوار والتفاعل.
نقاط القوة في ديب سيك
دقة لغوية قوية بالصينية
ديب سيك يتفوق على معظم النماذج الغربية عندما يتعلق الأمر باللغة الصينية، ويُظهر فهمًا عميقًا للثقافة والسياق المحلي، مما يجعله مفضلًا لدى المستخدمين الصينيين.
دعم البرمجة والتحليل
يمتلك النموذج قدرة جيدة على تحليل التعليمات البرمجية وكتابتها، ويُستخدم في مهام التعليم والتطوير البرمجي تمامًا كما هو الحال مع شات جي بي تي.
تطوّر سريع
منذ الإعلان عنه، شهد ديب سيك قفزات تقنية متتالية، مع إطلاق نماذج أكبر وأكثر ذكاءً خلال فترات قصيرة نسبيًا، ما يعكس ضخامة الاستثمارات الصينية في هذا المجال.
التحديات التي تواجه ديب سيك
الهيمنة الغربية في المحتوى والتقنيات
رغم تفوقه في اللغة الصينية، لا يزال شات جي بي تي يتصدر عالميًا من حيث قاعدة البيانات،و القدرات متعددة اللغات، وتجربة المستخدم الشاملة.
القيود المحلية والتنظيمية
الذكاء الاصطناعي في الصين يخضع لرقابة صارمة، ما قد يؤثر على حريّة تطوير النماذج أو استخدامها في بعض السياقات، على عكس نظيراتها في الغرب.
قلة التوسع خارج الصين
حتى الآن، لم يُحقق ديب سيك حضورًا واسعًا خارج الصين كما فعل شات جيبيتي، مما يُقلل من تأثيره العالمي.
المقارنة بين ديب سيك وشات جي بي تي
عندما نتحدث عن اللغة الصينية، فإن ديب سيك يتفوق بوضوح، كونه مصمم خصيصًا لفهم السياقات اللغوية والثقافية المحلية في الصين، أما شات جي بي تي، فرغم دعمه للصينية، إلا أن إتقانه لا يرقى إلى دقة النموذج الصيني.
في المقابل، يُعد شات جي بي تي الأقوى من حيث اللغة الإنجليزية، حيث يتميز بثقة لغوية عالية وقدرة على معالجة نصوص معقدة بسهولة، بينما يقدم ديب سيك أداءً جيدًا، لكنه لا يزال بحاجة إلى المزيد من التطوير في هذا الجانب ليوازي النموذج الأمريكي.
أما من حيث تعدد اللغات، فإن شات جي بي تي يحتل الصدارة بلا منازع، إذ يدعم العديد من اللغات العالمية ويُستخدم من قبل ملايين المستخدمين في مختلف الدول لذا فإن ديب سيك، حتى الآن، يركز بشكل أكبر على الصينية والإنجليزية، ويُعد محدود الانتشار على الصعيد اللغوي.
وفي البرمجة والتحليل التقني، يتمتع كل من ديب سيك وشات جي بي تي بقدرات متقدمة، لكن شات جي بي تي لا يزال الأكثر شمولًا، خاصة بفضل دعمه الواسع للأكواد متعددة اللغات وتكامله مع أدوات تطوير حديثة.
من ناحية الانفتاح العالمي، يظهر الفرق بشكل واضح فشات جي بي تي منتشر عالميًا ويُستخدم في المؤسسات التعليمية والشركات والمشاريع الفردية على نطاق واسع، أما ديب سيك، فلا يزال انتشاره محدودًا خارج الصين، الأمر الذي يُقلل من تأثيره في السوق العالمية حتى الآن.
أخيرًا، من حيث التفاعل الثقافي، يُظهر ديب سيك براعة في فهم الثقافة الصينية وسياقها الاجتماعي، ما يجعله الخيار المثالي للمستخدم المحلي في المقابل، يُظهر شات جي بي تي فهمًا أعمق للثقافة الغربية، ويُجيد التفاعل مع موضوعاتها بدقة وسلاسة
هل كسر ديب سيك هيمنة شات جي بي تي؟
حتى اللحظة، الإجابة هي لا بالكامل، ولكن ديب سيك قادم بقوة فهو يُعد خطوة استراتيجية ضخمة للصين في مجال الذكاء الاصطناعي، كما أنة بالفعل يُشكل تهديدًا للمنافسين في الأسواق الآسيوية، وقد يكون منافسًا شرسًا عالميًا إذا استمرت وتيرة التطوير بهذا الشكل.
أما شات جي بي تي فلا يزال يحتفظ بالصدارة بفضل الانتشار الواسع، وتعدد الاستخدامات، وسهولة الوصول، وقوة مجتمع المطورين.
0 تعليق