في تطور لافت يعكس تغيرات إقليمية متسارعة، أعلن مسؤول كبير في حزب الله، في تصريح خاص لوكالة "رويترز"، أن الحزب مستعد لمناقشة مسألة سلاحه مع رئيس الجمهورية اللبنانية، شريطة أن تنسحب إسرائيل من خمس نقاط حدودية في الجنوب وتوقف غاراتها على الأراضي اللبنانية.
تغير في موازين القوى بعد حرب 2024
هذا التصريح يأتي في ظل واقع جديد فرضته الحرب الأخيرة بين حزب الله وإسرائيل عام 2024، والتي تكبّد خلالها الحزب خسائر بشرية ومادية ضخمة، شملت مقتل قادة بارزين وآلاف المقاتلين، وتدمير أجزاء كبيرة من ترسانته الصاروخية. كما تلقى الحزب ضربة استراتيجية بعد سقوط حليفه السوري بشار الأسد، ما أثر على خطوط الإمداد من إيران.
الرئيس عون يفتح باب الحوار
الرئيس اللبناني، جوزيف عون، الذي تولى منصبه في يناير الماضي، أعلن عزمه فرض احتكار الدولة للسلاح. ووفق مصادر سياسية، فإن الرئاسة تنوي فتح حوار مع حزب الله بهذا الخصوص، في إطار استراتيجية شاملة لنزع السلاح خارج سلطة الدولة.
تسليم السلاح تدريجيًا وتحت شروط
مصادر مطلعة على تفكير الحزب قالت إن خيار تسليم بعض الأسلحة المتقدمة للجيش اللبناني مطروح على الطاولة، خصوصًا شمال نهر الليطاني، وتشمل طائرات مسيّرة وصواريخ مضادة للدروع. يأتي ذلك بالتزامن مع استمرار الضغوط الدولية، لا سيما من واشنطن، التي تطالب الجيش اللبناني بتنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، والذي ينص على تفكيك المنشآت العسكرية غير المرخصة ومصادرة الأسلحة جنوب الليطاني.
رفض التصعيد والرهان على الحوار
في المقابل، شدد نائب الأمين العام للحزب، في خطاب له يوم 29 مارس، على أن الحزب لا يحتفظ بسلاح في الجنوب، مؤكداً التزامه بوقف إطلاق النار، لكنه حذر من خيارات أخرى إذا استمرت الاعتداءات الإسرائيلية. وأضاف أن الحزب يضع الكرة في ملعب الدولة اللبنانية لإجبار إسرائيل على الانسحاب ووقف اعتداءاتها.
دعوات داخلية وجدول زمني مرتقب
في الداخل اللبناني، تتزايد الدعوات لتحديد جدول زمني لنزع السلاح. فقد أكد الوزير كمال شحادة، من حزب القوات اللبنانية، أن نزع السلاح يجب أن يتم خلال ستة أشهر، مستشهداً بتجارب سابقة بعد الحرب الأهلية. كما دعا البطرك الماروني بشارة الراعي إلى حصر السلاح بيد الدولة، محذرًا من أن "لبنان لا يحتمل حربًا جديدة".
المرحلة المقبلة: بين السياسة والدبلوماسية
مع فتح قنوات الاتصال مع رئيس مجلس النواب نبيه بري وبدء التحضير لحوار سياسي واسع، يبدو أن لبنان يقترب من استحقاق حاسم في تاريخه، قد ينقل حزب الله من لاعب عسكري إلى مكوّن سياسي خاضع لمنظومة الدولة، إذا توفرت الضمانات وشروط التهدئة.
0 تعليق