الحكومة: تقليل الغرامة يُفقِدها هدف الردع
يناقش مجلس الشورى في جلسة الأحد المقبل مشروع قانون المادة (56) من قانون المرور التي تنص على إنهاء المخالفات المرورية بالتصالح، والمطالبة بتخفيض مبلغ التصالح إلى نصف الحد الأدنى للغرامة خلال ثلاثين يوماً المقررة للتصالح، وإلغاء مدة السبعة أيام.
وبعد مراجعة المادة المذكورة في القانون، فإن مبالغ الحد الأدنى تبدأ من 20 ديناراً، ولا تتجاوز 100 دينار تجاه المخالفات المرورية المنطوية تحت بنود هذه المادة (56) من قانون المرور لعام 2014.
ويتضمّن مشروع القانون المُعدّ بناءً على الاقتراح بقانون مقدم من مجلس النواب، قيام المتهم الذي يقبل التصالح بدفع مبلغ يعادل نصف الحد الأدنى للغرامة المقررة للجريمة في ميعاد أقصاه 30 يوماً من تاريخ عرض التصالح عليه.
ويهدف مشروع القانون إلى مراعاة مرتكب المخالفة المرورية في ظل موجة ارتفاع الأسعار التي تجتاح العالم، وما لها من تأثير كبير على المواطنين في تدبير أحوالهم المعيشية وضعف إمكانياتهم المادية، وتشجيع مرتكبي المخالفات المرورية على قبول التصالح، وما شأنه في تقليل عدد القضايا لدى محكمة المرور وتخفيف العبء على القضاة وتفريغهم للقضايا الأكثر أهمية.
من جانبها، طالبت الحكومة بإعادة النظر في مشروع القانون، كون الهدف من التجريم ليس مجرد مجازاة الجاني عن الجريمة التي اقترفها فحسب، وإنما يهدف كذلك إلى منع الجريمة قبل وقوعها، وردع الغير عن ارتكاب مثلها، وعليه كان لكل فعل مجرم عقوبة، إما مالية أو سالبة للحرية.
وأكدت الحكومة بأن تقليل قيمة الغرامة المالية أو التأخير في سدادها، يُفقِد المخالفة المرورية قيمتها، ويجعل من العقوبة عبثاً لا طائل منها، ذلك أن غاية العقوبة هي الوصول إلى نهاية حاسمة للمخالفة بما يعكس قوة القانون ويحقق الردع.
وأوضحت بأن المادة (56) من قانون المرور تطرّقت إلى جواز إنهائها بالتصالح، مع منح الإدارة العامة للمرور سلطة إنهاء الدعوى قبل إحالتها إلى النيابة العامة، وباعتبار أن مبلغ التصالح هو بديل للعقوبة الجنائية فإنه يكون واجب الأداء دون تأخير.
ولفتت إلى أحد بنود المادة المذكورة التي تخفف على المخالف، وهي أنه على المتهم الذي يقبل التصالح أن يدفع مبلغاً يعادل الحد الأدنى للغرامة المقررة للجريمة في ميعاد أقصاه ثلاثون يوماً من تاريخ عرض التصالح عليه، فإذا بادر المتهم بالسداد خلال سبعة الأيام التالية لعرض التصالح خُفض مبلغ التصالح المذكور إلى النصف.
وأوضحت الحكومة إلى أنه وبعد انتهاء مدة التصالح، وإحالة القضية إلى النيابة العامة، يجوز للأخيرة أن تعيد عرض التصالح على المتهم، فإذا قبله كان عليه أن يسدد مبلغًا لا يقل عن ربع الحد الأقصى للغرامة المقررة للجريمة.
وعلى الصعيد ذاته، أكدت الإدارة العامة للمرور بوزارة الداخلية من أن مشروع القانون يُفقِد العقوبة المقررة معقوليتها وغايتها من تحقيق الردع بنوعيه العام والخاص، ويخالف مبدأ التدرج في التصالح، الذي وضعه المشرّع في نص المادة (56).
وشدّدت على أن النزول بمبلغ التصالح من الحد الأدنى للغرامة إلى نصف الحد الأدنى للغرامة خلال كامل مدة الثلاثين يوماً المقررة للتصالح، يُمثّل إهداراً لمبدأ الردع العام.
ولاقى المشروع بقانون رفض لجنة الشؤون الخارجية والدفاع والأمن الوطني، كون قانون المرور في المادة (56) المتعلقة إنهاء المخالفات المرورية بالتصالح في جرائم معينة مبينة في المواد (45)، (47)، (48)، (49)، (50)، (52) من القانون ذاته.
ومَنح الإدارة العامة للمرور سلطة إنهاء الدعوى قبل إحالتها للنيابة العامة، لغاية تحفيز مرتكب المخالفة على دفع مبلغ التصالح، حيث يهدف التصالح إلى تخفيف الضغط على المحاكم والنيابة العامة في نظر القضايا المرورية التي لا يستدعي الأمر فيها اتخاذ الإجراءات المتبعة للسير في الدعوى الجنائية.
وأكدت بأن مشروع القانون يرمي إلى تخفيض مبلغ التصالح إلى نصف الحد الأدنى في الجرائم المتصالح بشأنها، وذلك بدلاً من دفع الحد الأدنى للغرامة المقررة للجريمة محل التصالح.
كما حذف المشروع عبارة «فإذا بادر المتهم بالسداد خلال السبعة أيام التالية لعرض التصالح خفض مبلغ التصالح المذكور إلى النصف»، لغاية تكمن في مراعاة مرتكب المخالفة المرورية، على اعتبار أن مدة سبعة الأيام هي مدة قليلة يصعب فيها على مرتكب المخالفة تدبير نصف مبلغ التصالح، على الرغم من جسامة المخلفات التي قد يكون ارتكبها والتي أجاز القانون التصالح فيها.
ومن ضمن المخالفات التي يسمح التصالح فيها، تجاوز الإشارة الضوئية التي نصت عليها المادة (48)، وقيادة المركبة بما يجاوز الحد الأقصى للسرعة المقررة بمقدار (30%) التي نصت عليها المادة (50) من القانون ذاته.
وأشارت اللجنة إلى أن العقوبة المالية جزء لا يتجزأ من السياسة العقابية المنتهجة في أي نظام عقابي، يهدف من خلالها المشرّع إلى دفع المخالف لتصحيح سلوكه الخاطئ البسيط قبل أن يتطور أو تنتج عنه مخالفات جسيمة أو جرائم تستدعي سلب حريته.
ولفتت اللجنة إلى أن مشروع القانون يتعارض مع مبدأ التدرج وسرعة استجابة المتهم للتصالح، كما جاء ليلغي مدة سبعة الأيام على النحو الذي يمس بمبدأ التدرج في التصالح، الذي نصت عليه الفقرتان الثالثة والرابعة من المادة (56) محل التعديل، والذي يحقق التوازن بين الردع والتصالح.
ولم يغِب عن اللجنة ما تواجه المملكة من زيادة مطردة في عدد المركبات والإزدحامات المرورية، والسلوكيات الخاطئة التي باتت محل استياء مستخدمي الطرق، وهي مشكلة تواجهها البحرين التي تُعدّ من الدول المتقدمة مرورياً لكنها تواجه هذه الإشكاليات كغيرها من الدول، مما يستدعي إيجاد الحلول اللازمة ودراسة مدى تحقيق العقوبات الحالية لغاياتها، لا مراعاة مرتكبي المخالفات المرورية والتخفيف عن كاهلهم كما جاء في مشروع القانون الماثل.
0 تعليق