باحث فلكي: لا نرى سوى 5% من الكون.. والمادة المظلمة تتحكم في المجرات

الايام 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
كشف الباحث في برنامج علوم الفلك والفضاء الإثرائي، مصعب الشريف، لـ ”اليوم“، عن جوانب أحد أعظم ألغاز الكون المعاصر والمتمثل في ”المادة المظلمة“.
وأوضح أن هذه المادة الغامضة، التي لا تتفاعل مع الضوء ولا يمكن رؤيتها مباشرة، تمثل الجزء الأكبر من إجمالي كتلة الكون، وتلعب دوراً محورياً في التحكم بسلوك المجرات والنجوم من خلال تأثير جاذبيتها الهائل.
باحث فلكي: لا نرى سوى 5% من الكون.. والمادة المظلمة تتحكم في المجرات

كون مجهول

وأشار الشريف إلى أن كل المادة العادية التي نعرفها ونرصدها في الكون، من كواكب ونجوم ومجرات، لا تشكل سوى حوالي 5% فقط من إجمالي مكوناته، أما النسبة الساحقة المتبقية، فتبقى مجهولة وغامضة، وتتصدرها المادة المظلمة والطاقة المظلمة.
وأضاف أنه على الرغم من عدم قدرتنا على رؤية المادة المظلمة، إلا أن تأثير جاذبيتها هو ”الغراء الكوني“ الذي يحافظ على تماسك النجوم داخل المجرات ويمنعها من الانفلات والتبعثر، وهو ما يتعارض مع التوقعات المبنية على حساب جاذبية المادة المرئية وحدها وفقاً لقانون نيوتن.
132

مصعب الشريف


وحول كيفية الاستدلال على وجودها، أفاد الشريف بأن العلماء لاحظوا أن النجوم الموجودة في الأطراف الخارجية للمجرات تدور بسرعات عالية جداً لا يمكن تفسيرها بكمية المادة المرصودة في تلك المجرات.
فوفقاً للحسابات التقليدية، كان يجب أن تتغلب سرعة هذه النجوم على جاذبية المجرة وتنفلت منها، وهذه الظاهرة غير المتوقعة دفعت العلماء بقوة إلى افتراض وجود كمية هائلة من ”مادة“ خفية وغير مرئية توفر الجاذبية الإضافية اللازمة لتفسير هذه السرعات العالية والحفاظ على بنية المجرة.
باحث فلكي: لا نرى سوى 5% من الكون.. والمادة المظلمة تتحكم في المجرات

توازن كوني

ونبه الباحث الفلكي إلى ضرورة التمييز بين المادة المظلمة والطاقة المظلمة، موضحاً أنهما قوتان متضادتان رغم تشابه الاسم.
وأشار إلى ـن المادة المظلمة تعمل كقوة جاذبة تحاول تجميع أجزاء الكون، بينما تعمل الطاقة المظلمة، التي تشكل النسبة الأكبر من محتوى الكون «حوالي 69%»، كقوة طاردة تتسبب في تسارع تمدد الكون، مبينًا أن التوازن الدقيق بين هاتين القوتين هو ما يحدد مصير الكون.
وتطرق الشريف، إلى نظرية مثيرة للاهتمام تربط المادة المظلمة بنشأة الثقوب السوداء الهائلة في بدايات الكون، قائلاً إن بعض الدراسات تشير إلى احتمال أن تكون المادة المظلمة قد عملت كـ ”وقود خفي“ ساهم في تسريع نمو هذه الثقوب بعد الانفجار العظيم، ما قد يفسر أحجامها الضخمة التي يصعب تفسيرها بالاعتماد على عمر الكون فقط.
باحث فلكي: لا نرى سوى 5% من الكون.. والمادة المظلمة تتحكم في المجرات

ورغم كل هذه التأثيرات والأدلة غير المباشرة، أكد الشريف أن الطبيعة الحقيقية للمادة المظلمة لا تزال لغزاً علمياً كبيراً. فبينما تُعتبر جسيمات النيوترينو مرشحاً محتملاً، إلا أنها لا تمتلك الكتلة الكافية لتفسير كل التأثيرات المرصودة. ولهذا، يواصل العلماء البحث عن جسيمات افتراضية أخرى مثل ”الويمبس“ «WIMPs» أو ”الأكسيونات“ «Axions»، والتي لم يتم اكتشافها بعد.
واختتم مصعب الشريف حديثه لـ ”اليوم“ بالتأمل في محدودية المعرفة البشرية أمام اتساع الكون وغموضه، قائلاً: ”كلما تقدمنا في فهم الكون، نكتشف أن ما نعرفه ليس سوى قطرة في محيط. فالمادة المظلمة مثال حي على مدى عمق هذا الغموض الكوني، وعلى أن لكل سر عظيم خالق أعظم.“
إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق