ما لم يقله زامير للقيادة السياسية عن “أورانيم الكبرى”

السبيل 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

أبريل 14, 2025 6:36 م

حازم عياد

حازم عياد

رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، إيال زامير، أَعرب عن قلقه من النقص الكبير في عدد المقاتلين، مُحذّرًا من أن الأهداف السياسية التي تضعها الحكومة بشأن قطاع غزة لا يمكن تحقيقها بالوسائل العسكرية الحالية فقط، بحسب ما نقلته صحيفة يديعوت أحرونوت اليوم الإثنين.
تصريحات إيال زامير جاءت مُتزامنة مع تصاعد الحراك الداخلي في الكيان الإسرائيلي، وتراجع القدرة التعبوية لجيش الاحتلال التي عبّر عنها زامير خلال اجتماعه اليوم الإثنين مع القيادة السياسية بالقول: إن نسبة التعبئة في الوحدات القتالية منخفضة، مُشيرًا إلى أن استمرار الاعتماد على الجيش فقط دون تحرك سياسي مُكمّل سيُبقي سيطرة حركة حماس قائمة في القطاع، لافتًا إلى أن قوات الاحتياط قد تواجه إنهاكًا في حال استمرار العمليات بالوتيرة الحالية، في وقت لا تزال حماس تحتفظ بقدراتها العسكرية الأساسية.

زامير بذلك يُشكّك بقدرة الجيش على تحقيق الأهداف السياسية التي وضعها نتنياهو للحرب وللعملية العسكرية المحدودة للضغط على المقاومة، والتي أطلق عليها “أورانيم الصغيرة” (أشجار الصنوبر)، أُسوة بالعملية التي قادها شارون خلال اجتياح جنوب لبنان والتي تطوّرت إلى “أورانيم الكبرى” باجتياح بيروت. فزامير بات مُقتنعًا بصعوبة واستحالة الذهاب إلى عملية “أورانيم الكبرى” باحتلال كامل القطاع، أو حتى التلويح بها في وجه المقاومة والوفد الفلسطيني الموجود اليوم في القاهرة بقيادة خليل الحية.

هذه الحقيقة تفتح الباب لمُناقشة خيارات نتنياهو والمستوى السياسي الذي لا زال يُراوغ ويُحاول إطالة أمد الحرب دون جدوى، أو موارد حقيقية كونها آخذة بالتآكل نتيجة اتساع نطاق المعارضة للحرب داخل الكيان الإسرائيلي وتراجع الدعم الأميركي لها، المُترافق مع انشغالات عالمية للإدارة الأميركية ورغبة مُلِحّة لديها بعقد صفقات مع دول المنطقة العربية وعلى رأسها السعودية خلال زيارة ترامب المُرتقبة والمتوقعة للمنطقة، التي سيُعلن فيها عن صفقات كبرى أبرزها (تصدير التكنولوجيا النووية الأميركية) ما ألمح إليه وزير الطاقة الأميركي “كريس رايت” يوم أمس الثلاثاء خلال زيارته للعاصمة السعودية الرياض.

خيارات نتنياهو تتقلص، ومساحة المناورة لديه كذلك، ومُسارعته لعقد اتفاق اليوم ستكون أفضل من الغد، كما الأسبوع المقبل، خصوصًا أن المُراهنة على إمكانية توسعة الحرب لتشمل إيران من خلال استهداف برنامجها النووي تراجعت وتكاد تتلاشى مع تقدم المفاوضات الأميركية الإيرانية وانتقالها إلى روما السبت المقبل، وإجباره على التخلي عن طموحاته في سوريا بالجلوس على الطاولة مع تركيا، وأخيرًا تراجع الحماسة للحرب وأهدافها داخليًا، في مقابل تعاظم الحماسة لوقفها تحت مبرر وغطاء من استعادة الأسرى الذي تتدثّر به المعارضة السياسية والقوى الاقتصادية والأمنية المُعارضة للحرب واستمرارها.

نقطة الانكسار لدى نتنياهو في المفاوضات مُتصلة إلى حد كبير بتوافر الضمانات الأميركية للانتقال إلى المرحلة الثانية من المفاوضات، والوقف الشامل للحرب المُقرون بانسحاب الاحتلال الكامل من قطاع غزة، الأمر الذي ترتكز عليه الحوارات اليوم الإثنين في القاهرة بين وفد حركة حماس المُفاوض والوسيط المصري المُمثل بجهاز المخابرات، وهي حوارات قطعت شوطًا كبيرًا بتأكيد من القيادي في حركة حماس “حسام بدران” الذي قال يوم أمس الأحد لصحيفة العربي الجديد: “إن عدم الوصول إلى اتفاق حتى الآن لا علاقة له بالتبادل ولا بأعداد المحتجزين، وإنما برفض نتنياهو أي مقترح بسبب حساباته السياسية والحزبية”.

الاتفاق بات قاب قوسين أو أدنى، ولكنه يتطلب تدخّلًا أميركيًا مباشرًا وسريعًا بتوفير الضمانات للانتقال للمرحلة الثانية، وإجبار نتنياهو على المُضي قدمًا في الاتفاق بعد أن أصبح الرأي العام الإسرائيلي مُهيّأ له، وداعمًا للتوصّل إليه، وبعد أن أصبح المُضي في الحرب والذهاب إلى “أورانيم الكبرى” بمثابة انتحار سياسي وعسكري وانكشاف استراتيجي للاحتلال الإسرائيلي، فـ”أورانيم الصغرى” تُعاني من مشاكل لوجستية، فكيف سيكون الحال بـ”أورانيم الكبرى” التي سترتد على شكل كارثة سياسية وأمنية واقتصادية؟

في الختام، يمكن القول إن خيارات نتنياهو نَفِدت، الأمر الذي عبّر عنه رئيس أركان الاحتلال زامير بتحذيره من فقدان الزخم والقدرة على الذهاب نحو عملية عسكرية برية واسعة، وضرورة الذهاب إلى عملية سياسية تُنهي الحرب وتُبعد حركة حماس عن واجهة المشهد في قطاع غزة كنتاج لـ”أورانيم الصغرى”، لكن ما لم يقله زامير أن “أورانيم الكبرى” ستُفضي بالضرورة إلى إقصاء وإبعاد نتنياهو عن المشهد السياسي في الكيان وبشكل نهائي، الأمر الذي لا زال نتنياهو يُقاومه بكل الوسائل المُتاحة، وعلى رأسها تعطيل الاتفاق والتعلّق بأمل توسعة الحرب نحو إيران.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق