ديسمبر 9, 2024 4:29 م
كاتب المقال : عبد الله المجالي
لحظة الانتصار كفيلة بأن تمحي كل المآسي مهما كانت قاسية ومهما استمر عصفها، لا لأن المآسي قد محيت فعلا، بل لأن كل التضحيات أثمرت ولم تذهب سدى.
في خضم المواجهة تكون الحسابات متغيرة والقراءات مختلفة، ويظل السؤال الحائر بين أبناء الشعب الواحد هو هل سيكون لكل هذه التضحيات معنى؟ هل يمكن أن تسفر عن شيء؟ ويظل التباين يتسع ويتسع، وتظل ثلة صامدة على الحق مصرة على المواجهة حتى يفتح الله عليها.
من كان يتوقع قبل أسبوعين أن يحدث كل هذا في سوريا؟ من كان يتوقع أن تنتهي مأساة الشعب السوري الذي تشرد في أصقاع الدنيا حزينا ذليلا؟ من يقول إنه توقع ذلك فهو على أقل تقدير يضحك على نفسه؟
أجل لقد قدمت الثورة السورية تضحيات كالجبال، ونالت من الظلم والقسوة والعنف والتشويه ما ناءت به جبال، واستحال الشام بحرا من الدماء لدرجة أن كثيرين حتى من أصدقاء الثورة وصلوا إلى قناعة بأن ما حدث منذ البداية كان خطأ، واستسلم كثيرون لتفوق الأسد وسطوته وسيطرته، وباتوا ينظرون بعين الألم والحسرة لما آل إليه وضع سوريا وشعبها، وباتوا يحلمون فقط بالهدوء حتى لو حساب انتصار الأسد.
أجل إن لحظة الانتصار هي اللحظة التي يشعر فيها الناس بأن تضحياتهم لم تذهب سدى، والتضحيات بالذات؛ حجمها وعائداتها، هي سبب الخلافات. لكنها حين تثمر نصرا فإن الجميع يرضخ للحقيقة “لا يضيع حق وراءه مطالب”.
كثيرون يرمقون الشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة التي تصر على مواجهة الاحتلال، وكثيرون حتى استكثروا تذكيرهم بالتضحيات التي قدمها الشعب الجزائري أو الشعب الفيتنامي أو الشعب الأفغاني في سبيل نيل حريته واستقلاله!! لقد وصل بهم اليأس لتبكيت كل من يرفع ويذكر بتجارب الشعوب المضطهدة وكيف نالت استقلالها، وأخذوا يتباكون على التضحيات التي يقدمها الشعب الفلسطيني في غزة، تماما كما كانوا يتباكون على التضحيات التي قدمها الشعب السوري خلال 13 عاما.
أجل ها هي تضحيات الشعب السوري تثمر نصرا واستقلالا، وها هي كل التضحيات تدخل دفة الذكريات، وهكذا سيكون مصير الشعب الفلسطيني يوما حتى لو كان عدوه الكيان الصهيوني الذي يدعمه العالم كله!
0 تعليق