بقرارات سيادية حازمة.. المملكة تطوي صفحة "الإخوان المسلمين"

الغد 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

loading ad...

عمان - في خطوة وُصفت بأنها الأكثر حسماً منذ أعوام، اتخذت الحكومة الأردنية سلسلة إجراءات قانونية وإدارية، لإنهاء الوجود المؤسسي لجماعة الإخوان المسلمين المنحلة بالمملكة، تحت ما يوصف بانه "تحول إستراتيجي" يعكس تبدلاً في طبيعة العلاقة بين الدولة والجماعة.اضافة اعلان
ويأتي هذا الإنهاء للجماعة، بعد أن إعلان دائرة المخابرات العامة منذ أيام، ضبط "خلية صواريخ"، تضم 16 شخصا، كانت تعمل على استهداف الأمن القومي بأنشطة تخريبية، ما يجعل خطوة الحكومة، فيما اتخذته من قرارات سيادية بشأن هذه الخلية، منضويا تحت سياستها التي تستند إلى "الاجتثاث والمحاسبة" للجماعة، ذاك ان هناك ارتباطا بين الخلية والجماعة، وهو ما يشير الى أن هذه السياسة تأتي بدلا عن "الاحتواء والمراقبة"، التي كانت متبعة مع الجماعة في فترات ماضية.
قرارات حاسمة
وشدد إعلان وزير الداخلية مازن الفراية أمس، على اعتبار أي نشاط لجماعة الإخوان المسلمين المنحلة، أياً كان نوعه، مخالفا للقانون، كما دعا لتسريع عمل لجنة الحل المكلفة بمصادرة ممتلكاتها، وحظر الانتساب لها، وكذلك حظر الترويج لأفكارها، وإغلاق مكاتبها ومقارها حتى لو كانت بالتشارك مع جهات أخرى، ومنع التعامل أو النشر عنها أو لها.
تنظيم عابر للحدود
قال نقيب المحامين الأردنيين السابق مازن رشيدات، إن الحكومة باتت تتعامل مع الجماعة، على أنها تنظيم عابر للحدود، يتلقى تمويلا وتوجيهات خارجبة، ما يعد إقرارا ضمنيا بطبيعتها الدولية، لرغم عدم الاعتراف الرسمي بذلك.
وأشار رشيدات إلى أن الحكم القضائي الصادر في العام 2020 بحل الجماعة لم ينفذ على نحو فوري، نتيجة ظروف داخلية وخارجية معقدة، من بينها التوترات التي أعقبت موجة "الربيع العربي"، وصعود الإسلاميين للحكم في دول مثل: مصر وتونس والمغرب، ما عزّز حضور الجماعة محليا ومنحها شعورا بالقوة والتمدد.
وأضاف رشيدات، إن الساحة القانونية شهدت خلافا واضحا بين الجماعة المنحلة، التي لم تكن مسجلة رسميا، وجبهة العمل الإسلامي التي حصلت على ترخيص قانوني، موضحا بأن الجماعة الأصلية كانت تعمل منذ سنوات طويلة، بناء على قرار حكومي قديم من مجلس الوزراء، دون أن يكون لها كيان قانوني مسجل، ما خلق فراغا تنظيميا استغل لاحقا لإعادة الهيكلة عبر الجمعية الجديدة.
وأكد أن الأنشطة التي تنسب للجماعة اليوم تعتبر غير قانونية، استنادا على القوانين المعدلة حديثا، ومنها قانونا الأحزاب والانتخاب، اذ شددا على أن أي عمل سياسي، لا يجري عبر أحزاب مرخصة يعد خرقا للقانون، ويعرض مرتكبيه للمساءلة القضائية، وفي حال ثبت وجود أبعاد أمنية أو صلة بالتنظيمات الإرهابية، فإن القضية تتحول تلقائيا إلى محكمة أمن الدولة.
وثائق وأملاك "الإخوان" قيد التتبع
وتحدث رشيدات عن معطيات تفيد بأن الجماعة أتلفت وثائق داخلية تحتوي على أسماء منتسبين ومعلومات عن ممتلكاتها، التي يرجح بأنها مسجلة بأسماء أفراد منتمين إليها وليس باسمها كمؤسسة، موضحا أن ممتلكات لها سُجلت بأسماء أشخاص، بعضهم توفّوا، ما أدى لفقدانها السيطرة على هذه الأصول، نتيجة رفض الورثة الاعتراف بها كأموال تنظيمية.
وأشار رشيدات إلى أن القوانين، وعلى رأسها قانون الجرائم الإلكترونية، أصبحت أكثر صرامة بالتعامل مع أي من أشكال الترويج أو الدعم للجماعة، أكان عبر وسائل التواصل الاجتماعي أو المنابر الإعلامية.
ويواجه المخالفون لهذه القوانين، عقوبات تصل لـ5 سنوات سجنا وغرامات مالية تصل لـ5000 دينار أردني، ما يعد خطوة إضافية لتجفيف منابع التأثير الإعلامي للجماعة.
مستقبل "الجبهة" على المحك
وحول مستقبل حزب جبهة العمل، الذراع السياسية المعروفة للجماعة، لفت رشيدات لوجود حالة ترقب في الأجهزة الرسمية تجاه الحزب، في ظل وجود عناصر داخله، يعتقد بانتمائهم المباشر للجماعة، متوقعا بأن يطلب من الحزب لاحقا اتخاذ إجراءات بحق هؤلاء، عبر تجميد أو إنهاء عضويتهم، على غرار ما حدث في حالات سابقة.
واعتبر رشيدات أن الجمعية المرخصة رسميا، والتي تحمل اسم جمعية جبهة العمل الإسلامي، ستشكل البديل القانوني عن الجماعة الأصلية، وقد سعت الجمعية منذ تأسيسها لبسط نفوذها، ومطالبة بمقرات وممتلكات، مثلما حصل في قضية العقبة، حينما وقع نزاع قانوني بين الجمعية والحزب، حول أحد المقرات، واعتبر الادعاء حينها غير مستند على وثائق قانونية سليمة.
وخلُص رشيدات إلى أن الجماعة، لم تعد قادرة على العمل لا تحت مظلة قانونية ولا حتى بغطاء ديني، إذ بات أعضاؤها معروفون للجهات الرسمية، وتحركهم محاط برقابة مشددة، معتبرا بأن المرحلة المقبلة ستشهد تصعيدا قانونيا ضد كل من يحاول إعادة إحياء التنظيم بصورته القديمة أو تحت أسماء مستعارة.
وأضاف "أعتقد بأن الدولة قررت إنهاء هذا الملف نهائيا، وتفكيك كل ما تبقى من نفوذ أو حضور للجماعة، سواء عبر القانون أو المؤسسات".
إعادة ترتيب المشهد
 السياسي الداخلي
أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الألمانية الأردنية د. بدر الماضي، قال إن ما جاء على لسان وزير الداخلية، يعكس تحولا نوعيا في تعاطي الدولة مع الجماعة، ويؤشر لدخول الأردن مرحلة جديدة من إعادة ترتيب المشهد السياسي الداخلي، ضمن أطر قانونية ومؤسسية واضحة.
وأكد الماضي في تصريح لـ"الغد" أن الدولة الأردنية، انتهجت في السنوات الماضية سياسة متأنية تجاه الجماعة المنحلة، منحت خلالها فرصا عديدة لإعادة تقييم مواقفها وتصحيح مسارها، أملا في بناء أرضية مشتركة للحوار والتفاهم.
وأضاف "يبدو أن الجماعة، أو - على الأقل- شريحة من قياداتها، اختارت مسارا مغايرا، يتجاوز التفاعل الطبيعي مع الدولة إلى محاولة لعب دور موازٍ برسم السياسات العامة، وتوجيه القرار السياسي والإداري في البلاد، ما اعتبر تجاوزا للثوابت الوطنية".
متابعات قانونية دقيقة
ورجح الماضي بأن تترك هذه القرارات الحكومية بصمتها على عدة مستويات، بما في ذلك الجوانب السياسية والاجتماعية والمهنية، منوها بأن "الجماعة المنحلة لها امتدادات في النقابات المهنية، وممثلون في بعض الأحزاب، فضلا عن حضورها في جمعيات خيرية واجتماعية"، معتبرا بأن "هذه الامتدادات ستكون مستهدفة بمتابعة قانونية دقيقة، وفق ما يراه المشرع مناسبا لضمان عودة الأمور لنصابها".
وتشير مصادر إلى أن المنابر الإعلامية والسياسية التي كانت متاحة للجماعة أو مناصريها، لم تعد خيارا متاحا في المرحلة المقبلة، وذلك في إطار سحب الغطاء الرسمي عن نشاطها العام.
وقال الماضي، إن الدولة تحمّل الجماعة مسؤولية ما وصفته بـ"الانحراف في التوجه"، ليس فقط نتيجة سلوكيات داخلية تراكمت على مدى أعوام سابقة، بخاصة في العام الأخير، بل أيضا بسبب ارتباطات خارجية لها مع فصائل أو دول خارج الإطار السيادي، مؤكدا أنها "ارتباطات، تعتبر بتقدير الدولة، مهددة لأمن واستقرار المملكة".
وقال إنه على الجماعة بخاصة القيادات التي "اختطفت قرارها"، تحمل مسؤولياتها السياسية والقانونية، بما يتناسب مع مقتضيات السيادة الوطنية والحفاظ على أمن الأردن.
تطويق الجماعة
وقال المحلل السياسي د. منذر الحوارات، إن الأردن انتقل من سياسة المراقبة والاحتواء تجاه الجماعة إلى نهج جديد يقوم على الإغلاق والملاحقة القانونية، ما ينذر بتداعيات واسعة تشمل الجانب القانوني والسياسي والاجتماعي. موضحا بأن الحكومة بصدد تنفيذ أحكام قضائية بحقها، تشمل مصادرة ممتلكاتها كما صرّح وزير الداخلية.
ولفت الحوارات، إلى أن هذه الإجراءات قد تطال مقار تابعة لحزب جبهة العمل، وجمعيات خيرية ومراكز تعليمية وثقافية ترتبط بها، بشكل مباشر أو غير مباشر، ما يعني التأثير على أصول عقارية ذات أهمية كبيرة، تعود ملكيتها لجهات محسوبة على التنظيم.
وأشار إلى أن الدولة تتجه نحو إغلاق شامل لأي كيان له صلة تنظيمية بالإخوان، حتى وإن كان يعمل تحت غطاء الشراكات مع جهات أخرى، ومؤسسات ونقابات عديدة، كان لها تعامل مباشر أو تأثر بالجماعة، قد تتعرض للملاحقة أو سحب التراخيص.
وأكد الحوارات أنه فُرضت قيود على النشر الإعلامي المتعلق بالجماعة، في خطوة تهدف لتقويض المنابر التي كانت تُستخدم لنشر خطابها السياسي والديني.
إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق