loading ad...
عمان- مع التطور التقني والتكنولوجي الذي يشهده العالم، برزت العديد من الظواهر الاجتماعية التي رافقت هذا التحول وأثرت بشكل مباشر على الاقتصاد وطرق التسويق.اضافة اعلان
ومن أبرز هذه الظواهر، مؤثرو السوشال ميديا "الإنفلونسرز"، الذين أصبحوا وجهة مفضلة للعديد من الشركات كوسيلة فعّالة للترويج ولتعريف الجمهور بالمنتجات والخدمات التي تقدمها.
وخلال السنوات الأخيرة، اعتمدت مؤسسات كثيرة على هؤلاء المؤثرين الذين وجدوا في هذه الإعلانات مصدر دخل مستمر. لكن، ومع ارتفاع أجور بعضهم والتطور السريع الذي يشهده العالم، بدأت الشركات تدرك أهمية مواكبة هذا التحول الرقمي بشكل جديد ومبتكر.
جذب المستهلكين عبر المنصات
واليوم، اختارت العديد من الشركات طريقا مختلفا لمواكبة التطور وجذب المستهلكين عبر منصات التواصل الاجتماعي، فبدأت بتوظيف "صانع محتوى" (Content Creator) واستحدثت هذا المنصب ضمن هيكلها الوظيفي.
وذلك بهدف أن يتولى هذا الشخص الترويج لمنتجاتها وخدماتها المتنوعة، دون الحاجة إلى الاستعانة بمؤثري السوشال ميديا، بما يحقق مصلحتها المباشرة. حيث تقع على عاتق صانع المحتوى مسؤولية إدارة الصفحات الرقمية للمؤسسة، وتنفيذ حملات إعلامية وتسويقية رقمية تعكس هوية المؤسسة ورؤيتها.
وبين إيجابيات وسلبيات هذا الاستحداث، يبقى السؤال مطروحا: كيف سيسهم هذا الدور الجديد في تغيير طرق التسويق الإلكتروني؟
ووفق مريش، من أبرز هذه الأسباب التحكم الكامل بالمحتوى وصناعته، إذ إن صانع المحتوى يعمل ضمن فريق المؤسسة، ما يمنحها قدرة أكبر على التحكم بجودة وتوقيت وأسلوب الرسائل التسويقية، بخلاف المؤثرين الذين يمتلكون طريقتهم الخاصة، وقد يبتعدون عن توجيهات العلامة التجارية.
أما السبب الثاني، فهو إنتاج محتوى دائم ومستمر، حيث يوفر صانع المحتوى تدفقا منتظما من المواد التسويقية مثل الصور، الفيديوهات، المقالات والمنشورات، وهو ما يتماشى مع خوارزميات المنصات الرقمية التي تفضل الحسابات النشطة باستمرار، بعكس الحملات الموسمية التي تنفذ عبر المؤثرين.
السبب الثالث، هو التفاعل السريع والآني، فوجود صانع محتوى داخل المؤسسة يتيح لها التفاعل الفوري مع الترندات أو الأزمات، من خلال الرد على التعليقات أو نشر محتوى مرتبط بالأحداث الجارية أو تنفيذ حملات طارئة، وهو أمر يصعب تنفيذه بسرعة عند الاعتماد على مؤثر خارجي.
أما السبب الرابع، فهو تقليل التكلفة على المدى البعيد، إذ رغم أن توظيف صانع محتوى قد يبدو مكلفا في البداية، إلا أنه يعد خيارا أكثر جدوى من الناحية الاقتصادية مقارنة بالحملات المؤقتة مع المؤثرين، خاصة في ظل الأجور المرتفعة التي يطلبها بعضهم، والتي لا تتناسب دائمًا مع العائد المتوقع.
وخامسا فهم أعمق للهوية البصرية والرسالة، فصانع المحتوى الداخلي يفهم رؤية وقيم وهوية المؤسسة بشكل أفضل، مما ينعكس في اتساق وتكامل الرسائل البصرية والمكتوبة، عكس بعض المؤثرين الذين قد لا ينقلون الرسالة بالشكل المطلوب.
سادسا، الاستفادة من أدوات وتقنيات التحليل، بما أن صانع المحتوى يعمل مع الفريق التقني والتسويقي، فإنه يستخدم أدوات تحليل الأداء (Analytics) لتحسين المحتوى بشكل مستمر، ما يساهم في رفع التفاعل وتحقيق أهداف الحملة بدقة.
خطوة تقنية ذكية بالمؤسسات
ووفقا لذلك يؤكد مريش أن استحداث هذا المنصب هو خطوة تقنية ذكية، تهدف إلى دمج الترويج الرقمي بالإبداع الداخلي للمؤسسة، مما يحقق استدامة في الإنتاج، ويمنح الفريق تحكمًا أكبر في الصورة الرقمية للعلامة التجارية.
ويقول مريش "بكل تأكيد يعد هذا الاستحداث الوظيفي خطوة ذكية وإستراتيجية تصب في مصلحة المؤسسات على عدة مستويات، ويدل على نضج رقمي ووعي تسويقي عالٍ لديها".
بالاضافة إلى ذلك، فهو استثمار طويل الأمد بحسب مريش، فبدل أن تدفع المؤسسة مبالغ كبيرة في حملات مؤقتة مع مؤثرين، فإن توظيف صانع محتوى يعني بناء فريق داخلي ينتج باستمرار، ويطوّر أسلوب العلامة التجارية على المدى الطويل.
وكما أن الاعتماد على صانع محتوى داخلي يمنح المؤسسة استقلالا رقميا، فهي لم تعد رهينة أجندة أو مزاج المؤثرين، بل تتحكم بما يقال، وكيف يقال، ومتى يُقال.
ويذكر مريش أن صانع المحتوى المندمج داخل المؤسسة يفهم ثقافتها وقيمها ومنتجاتها عن قرب، وبالتالي المحتوى الذي يُنتجه يكون أكثر أصالة واتساقا مع الهوية المؤسسية من محتوى خارجي سريع وعابر.
إلى جانب سرعة في التنفيذ والتعديل، فإن وجود موظف متخصص داخل الفريق يعني سرعة في الاستجابة للأحداث، وإمكانية إنتاج محتوى عاجل، أو تعديل محتوى سابق بدون الحاجة إلى مفاوضات أو وقت ضائع.
أما المردود، فهو أفضل مقابل الكلفة، صانع المحتوى يمكنه إنتاج أنواع مختلفة من المحتوى (نصوص، صور، فيديوهات، ريلز...) بشكل مستمر، وهذا يعطي المؤسسة مردودا عاليا مقابل كلفة أقل بكثير من حملات المؤثرين المنفصلة، وفق مريش.
وفقا لذلك، يبين مريش أن هذا الاستحداث الوظيفي سيؤثر على عمل مؤثري السوشال ميديا "الانفلونسرز"، بعدة طرق، أولها انخفاض في عدد الحملات المدفوعة، إذ إن بعض الشركات ستقلل اعتمادها على الإنفلونسرز، خاصة في الحملات اليومية أو الموسمية.
وذلك لأن لديها فريقا داخليا ينتج محتوى تسويقيا دائما، مما يعني تناقص الفرص الإعلانية، للإنفلونسرز مع بعض القطاعات.
ومن جهة أخرى سيتم إعادة تقييم الأجور، فمع توفر بدائل أكثر فعالية من حيث التكلفة (كصانع المحتوى الداخلي)، ستبدأ المؤسسات بمراجعة أسعار التعاون مع الإنفلونسرز، وقد تطلب نتائج أكثر دقة وقياسا مقابل الكلفة، ما قد يضغط على الإنفلونسرز لتقديم عروض أكثر واقعية.
التفاعل الحقيقي أهم من الأرقام
بالاضافه إلى التركيز على الجودة وليس فقط عدد المتابعين، فالمؤسسات بدأت تدرك أن التفاعل والمحتوى الحقيقي أهم من الأرقام، لذا ستبحث عن مؤثرين ذوي تأثير حقيقي، لا فقط أعداد متابعين ضخمة، ما قد يُقصي بعض الإنفلونسرز أصحاب "الضجة بدون تأثير".
ويرجح مريش أن تحول دور الإنفلونسر إلى شريك إستراتيجي، بدلا من مجرد نشر إعلان، قد تطلب المؤسسات من الإنفلونسر أن يكون جزءًا من حملة أوسع، بإشراف صانع المحتوى أو الفريق الداخلي، ما يعني أن الإنفلونسر لم يعد هو المخرج والممثل والمنتج بنفسه، بل هو جزء من فريق عمل.
ووفقا لذلك، تصبح فرصة للتخصص والتعاون، مع وجود صنّاع محتوى داخل المؤسسات، قد تظهر فرص جديدة للإنفلونسرز للتعاون معهم في حملات مشتركة، أو الظهور كوجه إعلاني ضمن محتوى من إنتاج الشركة نفسه.
ومن الناحية التسويقية يؤكد أن وظيفة صانع المحتوى (Content Creator) لها تأثير مباشر وفعّال على زيادة المبيعات وانتشار المؤسسات، خاصة في ظل التحوّل الرقمي وسلوك المستهلكين الجديد.
ويوضح أن ذلك يكون من خلال تعزيز الانتشار الرقمية (Digital Visibility)، فوجود صانع محتوى يُنتج محتوى جذاب ومتجدد يعني أن المؤسسة ستكون حاضرة يوميًا على المنصات الرقمية، ما يؤدي إلى زيادة الظهور في محركات البحث والمنصات الاجتماعية، ودخول المحتوى في الترندات أو المقترحات، ووصول أوسع إلى فئات جديدة من الجمهور. إلى جانب بناء الهوية والولاء للعلامة التجارية، من خلال أسلوب عرض موحد، وصور احترافية، وقصص حقيقية، وبهذا يساعد صانع المحتوى في ترسيخ هوية العلامة التجارية في أذهان المتابعين، "وكلما زاد الارتباط العاطفي بالمحتوى، زادت الولاءات الشرائية".
وصانع المحتوى يؤثر على تحفيز قرار الشراء (Conversion-Driven Content) فهو قادر على تصميم محتوى يُبرز مزايا المنتجات بطريقة ذكية ومقنعة، مثل مقارنات قبل و بعد، محتوى تجريبي، شهادات وتجارب من العملاء، وهذا النوع من المحتوى يُقنع المتابع بخطوة الشراء بطريقة غير مباشرة.
وكما له دور في تحليل الأداء وتحسين الحملات، على عكس الحملات التقليدية، صانع المحتوى يعمل جنبًا إلى جنب مع فريق التسويق ويستخدم أدوات تحليل الأداء (analytics)، مما يسمح له بقياس مدى نجاح كل نوع محتوى، معرفة ما يحب الجمهور وما يتفاعل معه، وتحسين المحتوى لتحقيق أهداف البيع والوصول.
ومن الجانب التقني يبين الرئيس التنفيذي والمؤسس لشركة "ستارت آبز" محمد خواجا، أن التحول الرقمي زاد اعتماد المؤسسات بشكل أكبر على "صانع المحتوى".
ويوضح أن هذا يعود لعدد أسباب منها: التحكم والمرونة، وذلك استحداث "صانع المحتوى" يمنح الشركة سيطرة تامة على الرسالة والمحتوى المتوافق مع الهوية الرقمية، مما يتيح سرعة تعديل الحملات استنادًا إلى البيانات الرقمية.
وثانيا تقليل التكاليف بحسب خواجا، مقارنةً بمؤثري السوشال ميديا ذوي الأجور المرتفعة، يوفر الموظف الداخلي تكلفة أقل وعائد استثماري أفضل على المدى الطويل نتيجة الاعتماد على شريحة أوسع من micro influencers والتي يكون التعامل معها شبه مجاني مقابل مكافات وأساليب تشجيعية.
مصداقية عالية بتجارب حقيقية للعملاء
تكامل البيانات، يوفر التنسيق مع فريق التسويق تحسين الأداء التسويقي وتكييف المحتوى بما يتوافق مع متطلبات السوق لحظة بلحظة والتجاوب مع الترندات بشكل سريع.
ويضيف خواجا أن المحتوى الذي ينشئه المستخدمون (UGC)، يضفي مصداقية على العلامة التجارية من خلال تجارب العملاء الحقيقية، خاصة عند التعاون مع الميكرو إنفلوينسرز الذين يشهدون تفاعلًا وثقة أكبر مع جمهورهم
ووفقا لذلك، يؤكد خواجا أهمية تسويق المحتوى اليوم، اذ يعد تسويق المحتوى حجر الزاوية في بناء الهوية الرقمية، زيادة التفاعل مع الجمهور، وتحسين معدلات التحويل والمبيعات، وهو عنصر حيوي في إستراتيجية النجاح الحديث.
ويتفق خواجا مع مريش بأن استحداث "صانع المحتوى" خطوة ذكية تمكّن الشركات من بناء علاقة أقوى مع العملاء، تحسين الأداء التسويقي، والاستفادة من المحتوى العضوي الذي ينشئه المستخدمون لتحقيق نمو مستدام وولاء أكبر للزبائن.
إن إضافة تخصص "الإنفلونسر" ضمن برامج الدراسة الأكاديمية يمكن اعتبارها خطوة تعكس اعترافا رسميا بتأثير هذه المهنة المتزايد على المجتمع، وتبرز الحاجة إلى توجيه وتطوير هذا المجال لضمان تقديم محتوى مسؤول وجيد مع تزايد دور الإنفلونسرز في تشكيل توجهات وسلوكيات الشباب والمجتمع ككل، وأصبح من المهم تقديم تعليم أكاديمي يعنى بمبادئ وأخلاقيات المحتوى الرقمي، والتسويق، والتأثير الإيجابي.
ومن أبرز هذه الظواهر، مؤثرو السوشال ميديا "الإنفلونسرز"، الذين أصبحوا وجهة مفضلة للعديد من الشركات كوسيلة فعّالة للترويج ولتعريف الجمهور بالمنتجات والخدمات التي تقدمها.
وخلال السنوات الأخيرة، اعتمدت مؤسسات كثيرة على هؤلاء المؤثرين الذين وجدوا في هذه الإعلانات مصدر دخل مستمر. لكن، ومع ارتفاع أجور بعضهم والتطور السريع الذي يشهده العالم، بدأت الشركات تدرك أهمية مواكبة هذا التحول الرقمي بشكل جديد ومبتكر.
جذب المستهلكين عبر المنصات
واليوم، اختارت العديد من الشركات طريقا مختلفا لمواكبة التطور وجذب المستهلكين عبر منصات التواصل الاجتماعي، فبدأت بتوظيف "صانع محتوى" (Content Creator) واستحدثت هذا المنصب ضمن هيكلها الوظيفي.
وذلك بهدف أن يتولى هذا الشخص الترويج لمنتجاتها وخدماتها المتنوعة، دون الحاجة إلى الاستعانة بمؤثري السوشال ميديا، بما يحقق مصلحتها المباشرة. حيث تقع على عاتق صانع المحتوى مسؤولية إدارة الصفحات الرقمية للمؤسسة، وتنفيذ حملات إعلامية وتسويقية رقمية تعكس هوية المؤسسة ورؤيتها.
وبين إيجابيات وسلبيات هذا الاستحداث، يبقى السؤال مطروحا: كيف سيسهم هذا الدور الجديد في تغيير طرق التسويق الإلكتروني؟
ووفق مريش، من أبرز هذه الأسباب التحكم الكامل بالمحتوى وصناعته، إذ إن صانع المحتوى يعمل ضمن فريق المؤسسة، ما يمنحها قدرة أكبر على التحكم بجودة وتوقيت وأسلوب الرسائل التسويقية، بخلاف المؤثرين الذين يمتلكون طريقتهم الخاصة، وقد يبتعدون عن توجيهات العلامة التجارية.
أما السبب الثاني، فهو إنتاج محتوى دائم ومستمر، حيث يوفر صانع المحتوى تدفقا منتظما من المواد التسويقية مثل الصور، الفيديوهات، المقالات والمنشورات، وهو ما يتماشى مع خوارزميات المنصات الرقمية التي تفضل الحسابات النشطة باستمرار، بعكس الحملات الموسمية التي تنفذ عبر المؤثرين.
السبب الثالث، هو التفاعل السريع والآني، فوجود صانع محتوى داخل المؤسسة يتيح لها التفاعل الفوري مع الترندات أو الأزمات، من خلال الرد على التعليقات أو نشر محتوى مرتبط بالأحداث الجارية أو تنفيذ حملات طارئة، وهو أمر يصعب تنفيذه بسرعة عند الاعتماد على مؤثر خارجي.
أما السبب الرابع، فهو تقليل التكلفة على المدى البعيد، إذ رغم أن توظيف صانع محتوى قد يبدو مكلفا في البداية، إلا أنه يعد خيارا أكثر جدوى من الناحية الاقتصادية مقارنة بالحملات المؤقتة مع المؤثرين، خاصة في ظل الأجور المرتفعة التي يطلبها بعضهم، والتي لا تتناسب دائمًا مع العائد المتوقع.
وخامسا فهم أعمق للهوية البصرية والرسالة، فصانع المحتوى الداخلي يفهم رؤية وقيم وهوية المؤسسة بشكل أفضل، مما ينعكس في اتساق وتكامل الرسائل البصرية والمكتوبة، عكس بعض المؤثرين الذين قد لا ينقلون الرسالة بالشكل المطلوب.
سادسا، الاستفادة من أدوات وتقنيات التحليل، بما أن صانع المحتوى يعمل مع الفريق التقني والتسويقي، فإنه يستخدم أدوات تحليل الأداء (Analytics) لتحسين المحتوى بشكل مستمر، ما يساهم في رفع التفاعل وتحقيق أهداف الحملة بدقة.
خطوة تقنية ذكية بالمؤسسات
ووفقا لذلك يؤكد مريش أن استحداث هذا المنصب هو خطوة تقنية ذكية، تهدف إلى دمج الترويج الرقمي بالإبداع الداخلي للمؤسسة، مما يحقق استدامة في الإنتاج، ويمنح الفريق تحكمًا أكبر في الصورة الرقمية للعلامة التجارية.
ويقول مريش "بكل تأكيد يعد هذا الاستحداث الوظيفي خطوة ذكية وإستراتيجية تصب في مصلحة المؤسسات على عدة مستويات، ويدل على نضج رقمي ووعي تسويقي عالٍ لديها".
بالاضافة إلى ذلك، فهو استثمار طويل الأمد بحسب مريش، فبدل أن تدفع المؤسسة مبالغ كبيرة في حملات مؤقتة مع مؤثرين، فإن توظيف صانع محتوى يعني بناء فريق داخلي ينتج باستمرار، ويطوّر أسلوب العلامة التجارية على المدى الطويل.
وكما أن الاعتماد على صانع محتوى داخلي يمنح المؤسسة استقلالا رقميا، فهي لم تعد رهينة أجندة أو مزاج المؤثرين، بل تتحكم بما يقال، وكيف يقال، ومتى يُقال.
ويذكر مريش أن صانع المحتوى المندمج داخل المؤسسة يفهم ثقافتها وقيمها ومنتجاتها عن قرب، وبالتالي المحتوى الذي يُنتجه يكون أكثر أصالة واتساقا مع الهوية المؤسسية من محتوى خارجي سريع وعابر.
إلى جانب سرعة في التنفيذ والتعديل، فإن وجود موظف متخصص داخل الفريق يعني سرعة في الاستجابة للأحداث، وإمكانية إنتاج محتوى عاجل، أو تعديل محتوى سابق بدون الحاجة إلى مفاوضات أو وقت ضائع.
أما المردود، فهو أفضل مقابل الكلفة، صانع المحتوى يمكنه إنتاج أنواع مختلفة من المحتوى (نصوص، صور، فيديوهات، ريلز...) بشكل مستمر، وهذا يعطي المؤسسة مردودا عاليا مقابل كلفة أقل بكثير من حملات المؤثرين المنفصلة، وفق مريش.
وفقا لذلك، يبين مريش أن هذا الاستحداث الوظيفي سيؤثر على عمل مؤثري السوشال ميديا "الانفلونسرز"، بعدة طرق، أولها انخفاض في عدد الحملات المدفوعة، إذ إن بعض الشركات ستقلل اعتمادها على الإنفلونسرز، خاصة في الحملات اليومية أو الموسمية.
وذلك لأن لديها فريقا داخليا ينتج محتوى تسويقيا دائما، مما يعني تناقص الفرص الإعلانية، للإنفلونسرز مع بعض القطاعات.
ومن جهة أخرى سيتم إعادة تقييم الأجور، فمع توفر بدائل أكثر فعالية من حيث التكلفة (كصانع المحتوى الداخلي)، ستبدأ المؤسسات بمراجعة أسعار التعاون مع الإنفلونسرز، وقد تطلب نتائج أكثر دقة وقياسا مقابل الكلفة، ما قد يضغط على الإنفلونسرز لتقديم عروض أكثر واقعية.
التفاعل الحقيقي أهم من الأرقام
بالاضافه إلى التركيز على الجودة وليس فقط عدد المتابعين، فالمؤسسات بدأت تدرك أن التفاعل والمحتوى الحقيقي أهم من الأرقام، لذا ستبحث عن مؤثرين ذوي تأثير حقيقي، لا فقط أعداد متابعين ضخمة، ما قد يُقصي بعض الإنفلونسرز أصحاب "الضجة بدون تأثير".
ويرجح مريش أن تحول دور الإنفلونسر إلى شريك إستراتيجي، بدلا من مجرد نشر إعلان، قد تطلب المؤسسات من الإنفلونسر أن يكون جزءًا من حملة أوسع، بإشراف صانع المحتوى أو الفريق الداخلي، ما يعني أن الإنفلونسر لم يعد هو المخرج والممثل والمنتج بنفسه، بل هو جزء من فريق عمل.
ووفقا لذلك، تصبح فرصة للتخصص والتعاون، مع وجود صنّاع محتوى داخل المؤسسات، قد تظهر فرص جديدة للإنفلونسرز للتعاون معهم في حملات مشتركة، أو الظهور كوجه إعلاني ضمن محتوى من إنتاج الشركة نفسه.
ومن الناحية التسويقية يؤكد أن وظيفة صانع المحتوى (Content Creator) لها تأثير مباشر وفعّال على زيادة المبيعات وانتشار المؤسسات، خاصة في ظل التحوّل الرقمي وسلوك المستهلكين الجديد.
ويوضح أن ذلك يكون من خلال تعزيز الانتشار الرقمية (Digital Visibility)، فوجود صانع محتوى يُنتج محتوى جذاب ومتجدد يعني أن المؤسسة ستكون حاضرة يوميًا على المنصات الرقمية، ما يؤدي إلى زيادة الظهور في محركات البحث والمنصات الاجتماعية، ودخول المحتوى في الترندات أو المقترحات، ووصول أوسع إلى فئات جديدة من الجمهور. إلى جانب بناء الهوية والولاء للعلامة التجارية، من خلال أسلوب عرض موحد، وصور احترافية، وقصص حقيقية، وبهذا يساعد صانع المحتوى في ترسيخ هوية العلامة التجارية في أذهان المتابعين، "وكلما زاد الارتباط العاطفي بالمحتوى، زادت الولاءات الشرائية".
وصانع المحتوى يؤثر على تحفيز قرار الشراء (Conversion-Driven Content) فهو قادر على تصميم محتوى يُبرز مزايا المنتجات بطريقة ذكية ومقنعة، مثل مقارنات قبل و بعد، محتوى تجريبي، شهادات وتجارب من العملاء، وهذا النوع من المحتوى يُقنع المتابع بخطوة الشراء بطريقة غير مباشرة.
وكما له دور في تحليل الأداء وتحسين الحملات، على عكس الحملات التقليدية، صانع المحتوى يعمل جنبًا إلى جنب مع فريق التسويق ويستخدم أدوات تحليل الأداء (analytics)، مما يسمح له بقياس مدى نجاح كل نوع محتوى، معرفة ما يحب الجمهور وما يتفاعل معه، وتحسين المحتوى لتحقيق أهداف البيع والوصول.
ومن الجانب التقني يبين الرئيس التنفيذي والمؤسس لشركة "ستارت آبز" محمد خواجا، أن التحول الرقمي زاد اعتماد المؤسسات بشكل أكبر على "صانع المحتوى".
ويوضح أن هذا يعود لعدد أسباب منها: التحكم والمرونة، وذلك استحداث "صانع المحتوى" يمنح الشركة سيطرة تامة على الرسالة والمحتوى المتوافق مع الهوية الرقمية، مما يتيح سرعة تعديل الحملات استنادًا إلى البيانات الرقمية.
وثانيا تقليل التكاليف بحسب خواجا، مقارنةً بمؤثري السوشال ميديا ذوي الأجور المرتفعة، يوفر الموظف الداخلي تكلفة أقل وعائد استثماري أفضل على المدى الطويل نتيجة الاعتماد على شريحة أوسع من micro influencers والتي يكون التعامل معها شبه مجاني مقابل مكافات وأساليب تشجيعية.
مصداقية عالية بتجارب حقيقية للعملاء
تكامل البيانات، يوفر التنسيق مع فريق التسويق تحسين الأداء التسويقي وتكييف المحتوى بما يتوافق مع متطلبات السوق لحظة بلحظة والتجاوب مع الترندات بشكل سريع.
ويضيف خواجا أن المحتوى الذي ينشئه المستخدمون (UGC)، يضفي مصداقية على العلامة التجارية من خلال تجارب العملاء الحقيقية، خاصة عند التعاون مع الميكرو إنفلوينسرز الذين يشهدون تفاعلًا وثقة أكبر مع جمهورهم
ووفقا لذلك، يؤكد خواجا أهمية تسويق المحتوى اليوم، اذ يعد تسويق المحتوى حجر الزاوية في بناء الهوية الرقمية، زيادة التفاعل مع الجمهور، وتحسين معدلات التحويل والمبيعات، وهو عنصر حيوي في إستراتيجية النجاح الحديث.
ويتفق خواجا مع مريش بأن استحداث "صانع المحتوى" خطوة ذكية تمكّن الشركات من بناء علاقة أقوى مع العملاء، تحسين الأداء التسويقي، والاستفادة من المحتوى العضوي الذي ينشئه المستخدمون لتحقيق نمو مستدام وولاء أكبر للزبائن.
إن إضافة تخصص "الإنفلونسر" ضمن برامج الدراسة الأكاديمية يمكن اعتبارها خطوة تعكس اعترافا رسميا بتأثير هذه المهنة المتزايد على المجتمع، وتبرز الحاجة إلى توجيه وتطوير هذا المجال لضمان تقديم محتوى مسؤول وجيد مع تزايد دور الإنفلونسرز في تشكيل توجهات وسلوكيات الشباب والمجتمع ككل، وأصبح من المهم تقديم تعليم أكاديمي يعنى بمبادئ وأخلاقيات المحتوى الرقمي، والتسويق، والتأثير الإيجابي.
0 تعليق