تم في الشهر الماضي إطلاق مشروع تحت مسمى «مرصد الطاقة المتجددة العالمي»، وهو أول أطلس رقمي تفاعلي يوفر بيانات دقيقة حول مواقع محطات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح حول العالم.
ويعتمد هذا الأطلس على صور أقمار صناعية حديثة تغطي الفترة ما بين عامي 2018 إلى نهاية عام 2024، ولذا فإنه يُمَكِّن المستخدمين من تتبع تطور مشاريع الطاقة المتجددة خلال السنوات، بالإضافة إلى رصد التغيرات في استخدام الأراضي.
وإن مما يميز هذا الأطلس أيضاً أنه متاح للجميع، ويشكّل مرجعاً علمياً مبيناً على بيانات تعتمد على دقة الخوارزميات المستخدمة، والتي سوف تتطور دقتها مع الوقت.
ويُظهِر الأطلس أن المساحات المخصّصة للطاقة الشمسية قد تضاعفت بنحو ثلاث مرات خلال السنوات السبع الماضية. حيث تتصدّر آسيا هذا النمو بنسبة 61% من إجمالي المساحات العالمية، وقد بلغ إجمالي الطاقة الشمسية المركبة عالمياً 886.67 غيغاوات.
أما في مجال طاقة الرياح فقد ارتفع عدد التوربينات البرية إلى أكثر من 375 ألف توربين حتى منتصف عام 2024، وتتوزّع هذه التوربينات بشكل رئيس بين الصين والولايات المتحدة من حيث العدد الإجمالي، في حين تتصدّر الدول الأوروبية من حيث الكثافة النسبية.
وعلى الرغم من هذا النمو، فإن بيانات الوكالة الدولية للطاقة المتجددة تشير إلى أن تحقيق أهداف اتفاقية باريس يتطلب مضاعفة عدد المشاريع المتجددة سنوياً. فالزيادة الحالية -رغم أهميتها- لا تزال غير كافية للحد من ارتفاع درجات الحرارة العالمية دون 1.5 درجة مئوية.
وبالأخص أن التقارير الأخيرة لوكالة الطاقة الدولية تشير إلى أن الطلب العالمي على الطاقة في عام 2024 شهد ارتفاعاً بنسبة 2.2%، متجاوزاً متوسط النمو في العقد الماضي.
وكانت الزيادة الأكبر من نصيب قطاع الكهرباء الذي سجل نمواً بنسبة 4.3%، وذلك بسبب ارتفاع درجات الحرارة حول العالم، والتوسّع في التطبيقات الكهربائية، بالإضافة إلى زيادة الاعتماد على التقنيات الرقمية والذكاء الاصطناعي.
أما من حيث التوزيع الجغرافي على الطلب على الكهرباء، فقد جاءت أكثر من 80% من الزيادة في الطلب من الاقتصادات الناشئة والنامية. وتتصدّر الصين المشهد كصاحبة أعلى زيادة مطلقة في الطلب على الطاقة، وتليها الهند في المرتبة الثانية، حيث فاق نمو الطلب فيها إجمالي الزيادة المسجلة في جميع الاقتصادات المتقدمة مجتمعة.
ويتضح مما سبق أن بيانات المرصد المتعلقة بزيادة الاستثمارات في الطاقة المتجددة في القارة الآسيوية تتسق مع ما ورد في تقارير الوكالة الدولية للطاقة، والتي تشير إلى تصدّر الاقتصادات النامية -وعلى وجه الخصوص الصين والهند- لنمو الطلب على الكهرباء.
وتشير الوكالة إلى أن هذا النمو في الطلب جاء مصحوباً بارتفاع مساهمة مصادر الطاقة المتجددة، والتي شكلت 38% من إجمالي الزيادة في إمدادات الطاقة العالمية، وهو أيضاً الأمر المتسق مع مرصد الطاقة.
ولذا فإن المرصد باعتماده على صور الأقمار الصناعية بإمكانه تأكيد أو دحض أي فرضية تطرحها الوكالات الدولية، حيث إنه يمثل أداة مستقلة للتحقق من الأرقام المنشورة في قطاع الطاقة المتجددة، وهو الأمر الذي سيفتح الباب للعديد من التطبيقات المستقبلية التي سوف تسهم في دعم الجهود الدولية لمراقبة التقدم في مشاريع الطاقة المتجددة بشكل داعم للأجندات البيئية.
* مدير برنامج الطاقة والبيئة - مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة «دراسات»
0 تعليق