ضغوط لوقف الحرب قبل زيارة ترامب للمنطقة

الغد 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

loading ad...

عمان - في ظل توالي المقترحات من قبل الوسطاء للتوصل إلى اتفاق هدنة في غزة، وآخرها المقترح المصري-القطري الذي يواجه مصيرا غير واضح حالياً، تبرز أسئلة حول التوقيت والدوافع، وعلى مدى استعداد حماس لتقديم تنازلات غير مسبوقة (خاصة حول السلاح والإدارة)، مقابل استعداد الاحتلال لقبول دور للسلطة الفلسطينية في إدارة شؤون القطاع.اضافة اعلان
ومع تزايد الوضع الإنساني الكارثي في غزة والضغوط الدولية، تطفو على المشهد خلافات عميقة تجعل انهيار المقترح أو تحويله إلى مفاوضات طويلة الأمد أكثر احتمالاً، مع استمرار التصعيد العسكري أو انهيار الثقة بين الأطراف، الأمر الذي قد يؤدي إلى فشل المقترح، كما حدث مع مبادرات سابقة.
وكان آخر تلك المقترحات، مقترح وسطاء مصريين وقطريين تضمن صيغة جديدة لوقف الحرب في غزة، تتضمن هدنة تستمر بين 5 و7 سنوات، وإطلاق سراح جميع المحتجزين الإسرائيليين، مقابل إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية وإنهاء الحرب رسميا، والانسحاب الإسرائيلي الكامل من قطاع غزة.
ورأى مراقبون أن المقترح الأخير يعكس رؤية طموحة لإنهاء الحرب وإعادة إعمار القطاع، لكنه يواجه عقبات هيكلية تتعلق بمواقف حماس والاحتلال، والانقسام الفلسطيني، والتحديات الاقتصادية.
وقال هؤلاء في أحاديث منفصلة لـ"الغد"، إن المقترح يمثل فرصة لتحقيق تهدئة طويلة الأمد، لكنه يتطلب تنازلات كبيرة من كلا الطرفين، وهو أمر يصعب تنفيذه في ظل التوترات الحالية، وفي ظل وضع إنساني متدهور قد يكون العامل الحاسم الذي يدفع الأطراف نحو التسوية، لكن غياب الثقة المتبادلة يظل العائق الأكبر في التوصل لاتفاق هدنة.
وكان انهار آخر وقف لإطلاق النار قبل أكثر من شهر، عندما استأنف الاحتلال الصهيوني قصف قطاع غزة يوم 18 آذار (مارس) الماضي.
صيغة معدلة
وفي هذا الإطار، يرى الخبير العسكري والإستراتيجي نضال أبو زيد، بأن المبادرة المصرية التي بدأ الحديث عنها منذ صباح أمس، ليست جديدة وإنما صيغة معدلة عن مبادرة طرحتها المقاومة تتعلق بمفهوم التفاوض على مبدأ  "الرزمة" أو "الكل مقابل الكل"، بمعنى تسليم  كل الأسرى مقابل تطبيق كل شروط المرحلة الثانية التي تشمل الانسحاب الكامل من غزة، وتسليم عدد متفق عليه من السجناء الفلسطينين، ووقف كلي للقتال.
وأضاف أبو زيد: "جرى التعديل بتحديد مدة زمنية تتراوح من 5 – 7 سنوات،  فيما الطرح الصهيوني يأتي في سياق التفاوض على مبدأ (الكل مقابل لا شيء) بمعنى إطلاق سراح كل الأسرى الإسرائيليين مقابل لا شيء يقدم للفلسطينيين."
وتابع: "جاء هذا الطرح لسبب رئيسي وهو أن نتنياهو يدرك أن معادلة (الكل مقبل الكل) تخرج الصراع على مبدأ (لا غالب ولا مغلوب)، وفي مثل هذا النوع من الحروب غير التقليدية لا يجوز التعادل؛ لأن الجيش الأكبر والأكثر تسليحا، والمصنف رقم 18 على مستوى العالم، إذا لم ينجح بتحقيق أهداف الحرب على القوة الأصغر والأقل عدة وعتادا، فإن القوة الأصغر، وهي المقاومة، تكون قد حققت التفوق بالصمود على القوة الأكبر وهي جيش الاحتلال، الأمر الذي يعني خروج نتنياهو مهزوما عسكريا وسياسيا".
وزاد: "في ظل حالة الاستعصاء العسكري ومخاوف جنرالات الجيش من التورط بحرب الكمائن والعبوات الناسفة التي بدأت تظهر مؤشراتها منذ أسبوع، يضاف إلى ذلك حالة الإرباك السياسي الداخلي التي تواجه نتنياهو، والتراشق الإعلامي بين المعارضة والائتلاف الحاكم، يبدو أن الخطاب الإعلامي لحكومة نتياهو وتحركات الجيش أصبحت وتيرتها أكثر سرعة، ما يشير إلى أن الوقت أصبح ضاغطا على نتنياهو، ولذا يحاول الحسم أو تحقيق إنجاز قبل زيارة ترامب المقررة للمنطقة بداية أيار (مايو) المقبل،  الأمر الذي يعزز أن ترامب حدد لنتنياهو أثناء لقائه الأخير في واشنطن، ضرروة الحسم قبل نهاية الشهر الحالي، وقبل زيارته للمنطقة."
واستطرد: "ضمن المساقات التحليلية السابقة والمؤشرات على الأرض، يبدو أن فرص نجاح المبادرة الحالية أكبر من فشلها، الأمر الذي يشير إلى أن الحرب في غزة لا يمكن أن تحسم إلا بالخيار الدبلوماسي، والأسرى لا يمكن تحريرهم بالقوة بل على طاولة المفاوضات."
تصعيد لتحسين شروط التفاوض
من جهته، يرى عميد كلية القانون السابق في جامعة الزيتونة الدكتور محمد الغزو، أن هذا المقترح يأتي في ظل اتباع رئيس وزراء حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، ووزير دفاعه يسرائيل كاتس، إلى جانب غالبية وزراء الليكود، إستراتيجية الضغط المتدرج، على أمل أن تدفع حركة حماس مع مرور الوقت نحو تقديم تنازلات، ويرى هذا الفريق أن الهدف الأساسي من التصعيد هو تحسين شروط التفاوض بشأن الرهائن، فيما يبقى القضاء على حماس هدفا ثانويا."
ويضيف الغزو: "مقابل ذلك، يطالب وزراء حزب الصهيونية الدينية، بتسلئيل سموتريتش وأوريت ستروك، بإطلاق عملية عسكرية واسعة تهدف إلى حسم الحرب بشكل نهائي، مؤكدين أن إنهاء حكم حماس في غزة هو الأولوية القصوى."
وتابع: "يعكس المقترح المصري القطري رؤية طموحة لإنهاء الحرب في غزة وإعادة إعمار القطاع، لكنه يواجه عقبات هيكلية تتعلق بمواقف حماس وإسرائيل، والانقسام الفلسطيني، والتحديات الاقتصادية."
وبحسب الغزو، يمثل المقترح فرصة لتحقيق تهدئة طويلة الأمد، لكنه يتطلب تنازلات كبيرة من كلا الطرفين، وهو أمر صعب في ظل التوترات الحالية، وفي ظل وضع إنساني متدهور قد يكون العامل الحاسم الذي يدفع الأطراف نحو التسوية، لكن غياب الثقة المتبادلة يظل العائق الأكبر في التوصل لاتفاق هدنة.
وتابع: "السيناريوهات المحتملة لهذا المقترح، أولا، قبول جزئي مع تعديلات، إذ قد تقبل حركة حماس وإسرائيل المقترح بشروط معدلة، مثل هدنة أقصر (2-3 سنوات) أو تأجيل نزع السلاح إلى مراحل لاحقة، وهذا السيناريو يعتمد على ضغوط دولية قوية، خاصة من الولايات المتحدة، والنتيجة تهدئة مؤقتة، وإدخال مساعدات، وبدء إعادة إعمار محدودة، لكن دون حل جذري للصراع."
وزاد: "أما السيناريو الثاني، فيتمثل برفض حركة حماس شرط نزع السلاح أو رفض إسرائيل الانسحاب الكامل، ما يعني ذلك فشل المفاوضات، واستمرار الحرب أو تصعيدا عسكريا، خاصة في رفح، والنتيجة تفاقم الأزمة الإنسانية، مع احتمال تدخل إقليمي أوسع، في حين يتضمن السيناريو الثالث، هدنة مرحلية، حيث قد يتم الاتفاق على مرحلة أولى مثل هدنة 60 يوماً لتبادل الأسرى وإدخال المساعدات، مع تأجيل القضايا الشائكة مثل نزع السلاح، وإدارة القطاع إلى مرحلة لاحقة."
إسرائيل وقواعد اللعبة
بدوره، يقول المحلل السياسي الدكتور صدام الحجاحجة، إن المقترح المصري القطري للهدنة في قطاع غزة، الذي تبلور خلال زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى الدوحة، يمثل محاولة دبلوماسية طموحة لإنهاء الحرب على قطاع غزة، ومعالجة الأزمة الإنسانية المتفاقمة في القطاع، ويهدف إلى تحقيق تهدئة طويلة الأمد (5-7 سنوات)، وإطلاق سراح الأسرى والرهائن، وإعادة إعمار غزة، وإعادة تشكيل إدارة القطاع.
وأضاف الحجاحجة: "العوامل المساعدة على نجاح المقترح، تتمثل بالضغط الإنساني المتفاقم الذي قد يدفع الأطراف لتقديم تنازلات، فضلا عن الدعم العربي والدولي الذي يوفر إطاراً لتنفيذ المساعدات وإعادة الإعمار، وخبرة مصر وقطر في الوساطة قد تساعد في تقريب وجهات النظر".
وتابع: "تبادل الأسرى والرهائن وإدخال المساعدات يمكن أن يكونا نقطة انطلاق لتهدئة مؤقتة، ما يفتح الباب لمفاوضات لاحقة حول القضايا الشائكة مثل نزع السلاح وإدارة القطاع."
واستكمل: "جميع الاقتراحات، سواء كان المقترح المصري القطري أو غيره لن تقبله إسرائيل ما دام يؤدي إلى وقف إطلاق النار وإنهاء الحرب، إذ تريد إسرائيل تغيير الوضع الكلي في قطاع غزة بدون أي تحفظ، ليس فقط إزالة حركة حماس، بل تريد تغيير قواعد اللعبة كليا في القطاع، وبالنسبة لها نزع سلاح حماس واستسلامها هو واحد من أهداف الحرب، وليس كل الأهداف، كما أن استعادة الأسرى هدف آخر."
إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق