نتنياهو كذب على ماكرون وأخفى عنه خطة الضم

الغد 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

loading ad...

عاموس شوكن    25/4/2025

قبل أسبوعين، أعلن الرئيس الفرنسي عمانويل ماكرون (بتغريدة باللغة العبرية في شبكة "أكس") بأن "موقف فرنسا واضح: نعم للسلام، نعم لأمن إسرائيل، نعم لدولة فلسطينية بدون حماس. هذا الأمر يقتضي تحرير جميع المخطوفين ووقف نار دائما واستئنافا فوريا للمساعدات الإنسانية والدفع قدما بحل سياسي يقوم على دولتين. لا يوجد أمر آخر إلا الحل السياسي. أنا أصمم على الحقوق القانونية للفلسطينيين في دولة وفي سلام، بالضبط مثلما أصمم على حق الإسرائيليين بالعيش بأمن وسلام، في الوقت الذي تحظى فيه الدولتان بالاعتراف من جيرانهما".اضافة اعلان
بنيامين نتنياهو رد على ذلك، وقال: "الرئيس ماكرون يخطئ بشكل كبير عندما يواصل الدفع قدما بفكرة الدولة الفلسطينية في قلب بلادنا، والتي كل طموحاتها هي تدمير دولة إسرائيل. نحن لن نعرض وجودنا للخطر بسبب أوهام مفصولة عن الواقع". وعندما كتب نتنياهو هذه الأقوال، فإنه كان يعرف أنها كذب. محمود عباس يتحدث منذ سنوات عن إقامة الدولة الفلسطينية في الأراضي التي احتللناها في 1967، التي هي أقل من الأراضي التي خصصت للدولة العربية في خطة التقسيم للأمم المتحدة في العام 1947، والتي وافق زعماء الصهيونية عليها. أيضا منظمة التحرير الفلسطينية اعترفت بدولة إسرائيل، وليست لها أي نية لتدميرها. وعندما تم انتخاب عباس كرئيس، قال إنه يعارض الإرهاب، وإن الدبلوماسية فقط هي الأداة لتحقيق أهدافه. رجال حماس كانوا ينوون تدمير إسرائيل كما تبين من خططهم، لكن نتنياهو أيد هذه المنظمة على طول الطريق حتى 7 تشرين الأول (أكتوبر) كي يستطيع تجاهل السلطة الفلسطينية ومحمود عباس بذريعة أنها لا تمثل جميع الفلسطينيين.
من المؤسف أن سياسة نتنياهو منذ عاد إلى منصب رئيس الحكومة في 2009 كانت معاكسة لتجربة سلفه في هذا المنصب، ايهود أولمرت، الذي عمل على الدفع قدما باتفاق مع السلطة الفلسطينية. لا شك أنه لو واصل نهج أولمرت وأنشأ مع عباس الدولة الفلسطينية، حتى لو فقط في الضفة الغربية، فإنه لما كان أمام حماس أي خيار إلا الانضمام للسلطة على أساس الاتفاقات التي عقدتها مع إسرائيل، وكنا سنتجنب حدوث المذبحة في 7 تشرين الأول (أكتوبر). يصعب التصديق أنه خلال السنوات الـ15 لحكمه لم يبادر نتنياهو إلى إجراء أي لقاء مع رئيس السلطة الفلسطينية التي تشكلت بقوة الاتفاق مع إسرائيل، والتي توجد على بعد نصف ساعة سفر من المقر في شارع بلفور. ولكنه أدار له ظهره بشكل كامل.
نتنياهو ليس فقط كذب على الرئيس ماكرون بخصوص نوايا السلطة الفلسطينية، بل أخفى عنه السبب الحقيقي لمعارضة الدولة الفلسطينية: نية حكومة إسرائيل، ضم المناطق المحتلة وجعلها جزءا من دولة إسرائيل ومواصلة تجاهل وجود ملايين الفلسطينيين، وإخراج طردهم من المناطق التي يريد اليهود أن يكونوا فيها إلى حيز التنفيذ والدفع قدما بتهجيرهم إلى دول أخرى. هذه العملية تحدث الآن، بما في ذلك جهد لزيادة المستوطنات غير القانونية في المناطق.
عمانويل ماكرون يعرف قرار مجلس الأمن 2334 الصادر في كانون الأول (ديسمبر) 2016، الذي أيدته فرنسا، ونص على أنه يجب عدم امتلاك الأراضي عن طريق الاحتلال بالقوة، وعدم إقامة مستوطنات للمواطنين الإسرائيليين في المناطق المحتلة، وأنه محظور هدم بيوت الفلسطينيين وطردهم إلى أماكن أخرى. القرار أيضا طالب إسرائيل بإخلاء المستوطنات التي بنيت بعد 2001. حكومات إسرائيل تجاهلت هذا القرار وكأنه غير موجود. وحكومة نتنياهو تعمل بشكل مخالف له: تشجع على هدم بيوت الفلسطينيين وتسمح بطردهم من مناطق كثيرة. لذلك، فإن المطلوب الآن هو قرار دولي، يمكن لماكرون الدفع به قدما ردا على سلوك حكومة إسرائيل.
نظام الابرتهايد الذي تفرضه إسرائيل على الفلسطينيين في الضفة منذ 58 سنة، والآن نتنياهو يريد توسيعه أيضا ليشمل غزة، غير مبرر تجاه الفلسطينيين الذين يستحقون تقرير المصير ودولة خاصة بهم، ولن يكون قائما من دون التسبب بـ(مقاومة) فلسطينية وإشغال الجيش الإسرائيلي في حرب معها، هكذا فإنه يضر وسيضر بأمن إسرائيل. الحرب تجري ليس فقط في غزة، بل في الضفة الغربية بأشكال مختلفة، ويقتل فيها الفلسطينيون بأرقام غير مسبوقة. نتنياهو يقوم بتنمية الأمل في اليمين المتطرف بأنه سيكون هناك تهجير للفلسطينيين من غزة ومن الضفة الغربية إلى دول أخرى، وهكذا هو سيمنع (المقاومة) ضد الإسرائيليين. ورغم أن إسرائيل تنغص طوال الوقت حياة الفلسطينيين، وبذلك تخالف القانون الدولي، فإنه من غير المعقول أن يكون هناك ترانسفير كبير.
الدولة الفلسطينية، إذا قامت، ستلغي (المقاومة) والحاجة إلى محاربة عناصرها، فهي ستقوم على أساس اتفاقات مع إسرائيل في شؤون الأمن والتعليم والاقتصاد للشعبين، وفي مجالات أخرى لها صلة بالدول التي لها حدود مشتركة معهما. هذا الاتفاق سيؤدي إلى زخم مهم للدولتين أكثر مما جلبه اتفاق السلام مع مصر.
هذه الخطوة من قبل إسرائيل ستعزز موقفها في أوساط الدول العربية في المنطقة وفي أوساط دول كثيرة في العالم تؤيد حل الدولتين. وهي ستؤدي إلى انضمام دول عربية أخرى إلى اتفاقات إبراهيم، مثل السعودية ولبنان وسورية، وسيصعب على تركيا وايران رؤية إسرائيل كعدوة. وهي ستغير كليا نظرة الفلسطينيين مواطني إسرائيل للدولة، وستقلب مواقف المحتجين الشباب ضد إسرائيل في الجامعات في العالم إلى دعم إسرائيل، وستمكن اليهود الديمقراطيين في العالم، الذين الآن هم يتحفظون من إسرائيل، من دعمها. كل ذلك سيعزز أمن إسرائيل أكثر من أي عملية أخرى.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق