نحن والكربون

الوطن البحرينية 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
د. مها الصباغ

وضعت معظم دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية تحقيق الحياد الكربوني هدفاً لها بحلول عام 2060 أو قبله. وتشير الدراسات إلى إمكانية تحقيق هذا الهدف الطموح باستخدام التقنيات المختلفة وعن طريق وضع السياسات المناسبة، غير أن ذلك يتطلب أيضاً تغيير سلوك العامة لتسريع عملية التحول إلى اقتصاد منخفض الكربون وصولاً إلى الحياد الكربوني.

تشكل عملية تغيير السلوك والعادات اليومية تحدياً إزاء تحقيق السلوك البيئي المستدام بشكل عام والسلوك منخفض الكربون بشكل خاص، بالرغم من أن المستهلك هو المستفيد الأول من عملية تغيير السلوك هذه. وتوضح الدراسات أن تغيير السلوك يتطلب وقتاً طويلاً نسبياً لتنفيذه، كما ويحتاج إلى خطة متكاملة، وإلى توفير البدائل المستدامة بيئياً. وتبين الدراسات أيضاً أن تغيير العادات اليومية البسيطة التي لا تحتاج إلى بذل الجهد أو المال أو التخطيط المسبق، هو الأسهل نسبياً، مثل إغلاق المصابيح والمكيفات عند مغادرة الغرف وإغلاق صنابير المياه عند تنظيف الأسنان. وفي المقابل، فإن السلوكيات الأكثر استدامة مثل استخدام المواصلات العامة، أو فرز المخلفات، أو تغيير النظام الغذائي، قد تكون أقل تطبيقاً كونها تتطلب تغييراً جذرياً في نمط الحياة، وفي عملية اتخاذ القرارات الفردية والأسرية.

وفي ذات السياق، أوضحت الدراسات وجود فروقات في تبني الممارسات البيئية بحسب النوع، إذ يختلف الذكور والإناث في مدى تطبيقهم لهذه الممارسات. وتؤكد النتائج الأولية لدراسة يتم إجراؤها حالياً بمركز الدراسات البيئية والحيوية بجامعة الخليج العربي وجود هذه الفروقات لدى عينة الدراسة من مواطني دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية. فعلى سبيل المثال، تشير النتائج إلى تبني الذكور لممارسات منخفضة الكربون تتعلق باستهلاك الكهرباء أكثر من الإناث، إذ إن الذكور أكثر متابعة لكمية الكهرباء المستهلكة، وشراء الأجهزة الموفرة للطاقة، بالإضافة إلى مشاركة خيارات خفض الاستهلاك مع دائرة المعارف. وفي المقابل، فإن الإناث ضمن عينة الدراسة كن يتبعن ممارسات أكثر استدامة فيما يتعلق بإدارة المخلفات، إذ يقمن بالتخلص بشكل مستدام من بقايا وجبات الطعام، بالإضافة إلى قيامهن بفرز المخلفات بنسبة أكبر وذلك لإعادة تدويرها.

تعتبر نتائج مثل هذه الدراسات مهمة لعملية صنع السياسات البيئية في دول المجلس، إذ إنها لا تحدد الممارسات المستهدف تغييرها فحسب، وإنما تحدد أيضاً الفئة المستهدفة، مما يساعد في عملية تصميم السياسات المناسبة، كما أنها تساعد في تقييم فعالية تنفيذ السياسات الموضوعة سابقاً. وفي الختام، فإن هدف تحقيق الحياد الكربوني لا يعني فقط خفض انبعاث غازات الدفيئة، وإنما يعني أيضاً تحسين جودة الهواء، وتحسين الصحة العامة، بالإضافة إلى تعزيز رفاه الإنسان وجودة الحياة.

*رئيسة مركز الدراسات البيئية والحيوية - الأستاذ المشرف على كرسي الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان في مجال العلوم البيئية بجامعة الخليج العربي

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق