كيف أصبح البابا فرنسيس أيقونة موضة غير متوقعة؟ - الأول نيوز

cnn 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- قد لا تكون الموضة أول ما يتبادر إلى الذهن عند التفكير بالموروثات البابوية، غير أنّ البابا فرنسيس، الذي توفي الإثنين، يتمتّع بأسلوب شخصي فريد ابتعد عن السترة البيضاء من بالينسياغا ضيقة الخصر (التي كانت من صنع الذكاء الاصطناعي)، ليختار زيًا بسيطًا من أثواب طويلة كريمية اللون وأحذية جلدية سوداء عملية. 

إطلالة البابا فرنسيس
Credit: Franco Origlia/Getty Images

فبعد 24 ساعة على انتخابه في العام 2013، أشارت "نيويورك تايمز" لأول مرة إلى أنّه "يُغيّر بشكل كبير الأسلوب البابوي" بأحذيته السوداء، التي قيل إنّها من صنع صديق له في مسقط رأسه بوينس آيرس، وساعته العادية.

وسرعان ما أصبح معروفًا بأزيائه البابوية البسيطة وغير المزخرفة في الغالب، وذلك بخلاف سلفه البابا بنديكتوس السادس عشر، الذي اختار صلبان صدر مرصعة بالأحجار الكريمة، وأحذية مصممة باللون الأحمر اللامع.  من بينها كامارو من المخمل والعرعار التقليدي الذي لفت الانتباه بسبب شبهه بقبعة سانتا. 

إطلالة البابا فرنسيس
Credit: Filippo Monteforte/AFP/Getty Images

وتتالت الثناءات على أسلوب فرنسيس بسرعة منها إعلان "ذا كات" أنّ فرنسيس هو "بابا النورمكور" (الأزياء المألوفة) في العالم بسبب نهجه البسيط وغير المتكلف في ارتداء الملابس. كما أصبح أول بابا يظهر على غلاف رولينغ ستون، ولقبته إسكواير بأفضل "الرجل الأكثر أناقة" للعام 2013. وبعد فترة وجيزة ظهرت الميمات العديدة والمنتجات غير المرخصة على إتسي، وصولًا إلى طبع صورة فرنسيس على العديد من القمصان والسترات والساعات في تصاميم مزيفة تعود إلى التسعينات. 

وكتب ماكس بيرلينغر في إسكواير أنه "فيما مرّ كل من برادلي كوبر، وكريس باين، وجوزيف غوردون-ليفيت بسنوات متميزة، فإن اختياراتهم في الموضة تبدأ وتنتهي عند السجادة الحمراء المجازية" . "في المقابل، تشير قرارات البابا فرنسيس في الموضة بشكل خفي إلى عصر جديد (وللكثيرين، أمل متجدد) للكنيسة الكاثوليكية".

حقّق هذا المقال من إسكواير أعلى القراءات لشهور، وفقًا لما قاله بيرلينغر، الذي تمت دعوته لاحقًا للظهور في برامج أخبار صباحية عديدة لشرح قراره المثير للجدل (لكنه رفض).

وقال في مقابلة هاتفية مع CNN: "كنت أعتقد أنه كان أمرًا رائعًا ويستحق الذكر. البابا الذي قبله كان يرتدي ملابس فاخرة ومعقدة. (فرنسيس) كان يزور السجون، ويغسل أرجل السجناء. أتذكر أنني فكرت أن هذا كان جزءًا من تحوّل أكبر، وأن ملابسه كانت تجسيدًا بصريًا لذلك".

الفروق العملية

قبل مجمع البابوية في العام 2013، لم يكن فرنسيس، الذي وُلد باسم خورخي ماريو برغوليو، يُعتبر حتى بين الكرادلة الثلاثة الأوائل في المنافسة على المنصب. كان يظهر بتواضع، وكان متواضعًا إلى حد كبير، ويتجنب الأضواء. لكن هذا السلوك المتواضع، الذي اختلف بشكل كبير عن سلفه أثار الاهتمام. كتب مارك بينيلي في قصة رولينغ ستون على غلافها: "كأسقف في بوينس آيرس، لم يكن برغوليو متحدثًا عامًا بارعًا، لكن الآن بعدما أصبح البابا فرنسيس، فإن إنسانيته التي لا يمكن إنكارها تبدو ثورية بشكل إيجابي". 

رغم أنّ أسلوب فرنسيس كان يُقرأ غالبًا على أنه تعبير عن تواضعه أو زهده، قالت كارول ريتشاردسون، مؤرخة فنية ودينية في جامعة إدنبرة، إن الفروق في ملابس الباباوين تمثّل اختلافات أعمق في آرائهما حول أدوارهما كقائدين للكنيسة الكاثوليكية.

وأوضحت لـCNN: "كان بنديكتوس السادس عشر يعكس فترات زمنية مختلفة من خلال ما كان يرتديه"، مضيفة أنه كـ"محافظ كان يؤكد على استمرارية البابوية التاريخية".

من خلال ظهوره في الأثواب الطويلة الخاصة بالمسيحية المبكرة (وهي زي خارجي بلا أكمام يُرتدى أثناء القداس) و"الباليوم" الروماني القديم (شريط قماشي يلتف حول الرقبة)، كان يؤكد على "رابط غير منقطع" من السيد المسيح إلى القديس بطرس، أول بابا، وصولًا إلى بنديكتوس ذاته، بحسب ريتشاردسون.

أما فرنسيس، كأول بابا يسوعي، فقد كان يبدو أن لديه أولويات مختلفة، برأي ريتشاردسون، التي لاحظت أن اليسوعيين (الذين كانوا يعرفون في الأصل باسم "مجتمع يسوع") يميلون إلى "دراسة اللغات والفلسفة واللاهوت والتاريخ والبلاغة، كل ما يتعلق بالممارسة والآلية كيف تكون كاهنًا في العالم"، كما شرحت. "لذلك هناك تطبيق عملي، يتفوق على أي اهتمام نظري أو تاريخي". 

تحليل الأسلوب

رغم تقليل فرنسيس للرمزية، إلا أن ملابسه البيضاء بالكامل كانت ذات معنى. فالأبيض والأحمر هما اللونان الرئيسيان في ملابس البابا، حيث يمثل الأبيض النقاء وعمل الخير، فيما يمثل الأحمر التعاطف والتضحية.

لا توجد متطلبات بابوية للون الحذاء، رغم أنّ الجوارب تقليديًا كانت بيضاء أو حمراء أيضًا. (فرانسيس كان يرتدي الأسود؛ بنديكتوس، الأبيض النقي). الأسود، لون حذائه، لا يحمل رمزًا رسميًا، رغم أن ريتشاردسون أشارت إلى أن الرهبان الفرنسيسكان، الذين يكرزون بالفقر وعمل الخير، معروفون بارتداء الأحذية السوداء والصنادل. وعلّقت أنها "ربما هي فقط الأحذية التي كان سيرتديها ككاهن".

إطلالة البابا فرنسيس
تم إنشاء الصورة بواسطة الذكاء الاصطناعي باستخدام أداة تسمى Midjourney.Credit: Midjourney

عندما انتشرت صورة مولدة بواسطة الذكاء الاصطناعي لفرنسيس مرتديًا ملابس تواكب صيحات الموضة، كانت الصورة غير منطقية بشكل خاص لقائد ديني، ناهيك لشخص يتمتع بأسلوب متواضع جدًا. 

إلا أن ريتشاردسون رأت لمحة من الحقيقة في سبب تفاعل مستخدمي الإنترنت مع تلك الصورة المزيفة كما فعلوا، لافتة إلى أنه "رغم أنها زائفة، إلا أنها كانت تكملة لطيفة لبابا يتبع التقليد.. لكن أيضًا الحقيقة أنهم كهنة في العالم كما هو اليوم".

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق