loading ad...
عمان- أكد سفير مملكة هولندا لدى الأردن هاري فيرفاي تقدير بلاده للجهود الأردنية في معالجة القضايا المضطربة التي تعانيها المنطقة، وأهمية استمرارية دعم الأردن للسلام العادل والدائم للحفاظ على الهدوء والثقة في المنطقة.اضافة اعلان
وشدد فيرفاي، في مقابلة خاصة مع "الغد"، بمناسبة العيد الوطني الهولندي، يوم الملك، والذي صادف موعده أمس وتحتفل به السفارة الهولندية في عمّان اليوم، على الرؤية المشتركة بين الأردن وهولندا، نحو السلام والتعاون متعدد الأطراف.
وقال السفير إن هذه الرؤية هي ما يجعل هولندا والأردن شريكين قويين، مضيفا أن تعاوننا يمتد إلى مجالات عديدة، اقتصادية وإنسانية وبيئية، ويرتكز على الثقة المتبادلة والالتزام المشترك بالقانون الدولي والحوار.
وأشار إلى التزام هولندا بدعم جهود الأردن، الذي وصفه بأنه ليس شريكا رئيسا لهولندا فقط، بل لأوروبا ككل باعتباره ركيزة أساسية للاستقرار في منطقةٍ مليئةٍ بالتحديات، وخاصة في مجالات المياه، والاستثمارات، والتصنيع الزراعي، والأدوية، والطاقة الخضراء والاقتصاد الدائري.
وبهذا الخصوص، أعلن فيرفاي عن التزام هولندا بالتوقيع مؤخرا على منحة بقيمة 31 مليون يورو لمشروع "الناقل الوطني لتحلية ونقل المياه بين العقبة وعمان"، لافتا إلى أن هذا الاستثمار الكبير يبرز الدعم الهولندي لأمن المياه في الأردن، وهو أولوية وطنية، "ويعكس التزامنا المشترك بالحلول المستدامة من خلال الابتكار والشراكة".
السياسة الخارجية
وفي التفاصيل، أكد السفير الهولندي تقدير بلاده الكبير إزاء الدور الحيوي والبنّاء للسياسة الأردنية الخارجية في "منطقة مضطربة"، وخاصة في تعزيز السلام والاستقرار، مشيرا إلى أنها سياسة "متوازنة ووفق نهج معتدل ومُتّسق".
وقال: "نرى ذلك مُنعكساً في قيادة جلالة الملك عبد الله الثاني، وجهوده في دعم قضايا المنطقة، وفي جهوده للحفاظ على الاستقرار الإقليمي"، مضيفا " أن دعم الأردن المستمر للسلام العادل والدائم أمر أساسي للحفاظ على الهدوء والثقة في المنطقة".
وعن الشراكة الوثيقة بين الأردن وهولندا في تحقيق أهداف السياسة الخارجية الشاملة في المنطقة، قال السفير إن الأردن يلعب دورا حيويا في تعزيز الاستقرار الإقليمي والحفاظ عليه.
وتابع: " تعد هولندا الأردن شريكا رئيسا في تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة، وتُقدّر دور الأردن الإنساني في استضافة اللاجئين"، مشيرا إلى مشاركة هولندا للأردن قلقه إزاء الوضع الإنساني في غزة، حيث تواصل هولندا دعوتها إلى حماية المدنيين والاحترام الكامل للقانون الإنساني والدولي.
وحول موقف هولندا نحو إمكانية التوصل للاستقرار في المنطقة، أكد فيرفاي أن هولندا "تواصل دعم حل الدولتين، وتقدّر عاليا مشاركة الأردن في هذه القضية، علنا وخلف الكواليس، بصفته محاورا رئيسا في الدبلوماسية الدولية".
وزاد: "هذه الرؤية المشتركة للسلام والتعاون متعدد الأطراف هي ما يجعل هولندا والأردن شريكين قويين، إذ يمتد تعاوننا إلى مجالات عديدة، اقتصادية وإنسانية وبيئية، ويرتكز على الثقة المتبادلة، والالتزام المشترك بالقانون الدولي والحوار".
العلاقات الثنائية
وبخصوص اتفاقية الشراكة الإستراتيجية الشاملة الموقعة أخيرا بين الأردن والاتحاد الأوروبي، قال السفير إن الأردن ليس شريكا رئيسا لهولندا فقط، إنما لأوروبا ككل، مجددا التأكيد أن الأردن يمثّل ركيزة أساسية للاستقرار في منطقة مليئة بالتحديات.
وأبدى تقديره لدور الأردن من خلال التزامه الراسخ بالسلام والأمن، إقليميا وعالميا، إلى جانب كرمه اللافت في استضافة ملايين اللاجئين، لافتا إلى ترحيب هولندا ترحيبا حارا باتفاقية الشراكة الإستراتيجية الشاملة بين الاتحاد الأوروبي والأردن، باعتبارها "خطوة قيّمة في تعزيز أهدافنا المشتركة وتعاوننا".
وبخصوص أولويات التعاون الثنائي بين البلدين، أكد السفير أن هولندا تفخر بكونها أحد أهم شركاء الأردن التجاريين الأوروبيين، مشيرا إلى أن العلاقات التجارية الثنائية، تشهد نموا مستمرا، لا سيما في قطاعات مثل الزراعة والآلات والأدوية.
وقال إنه اعتبارا من تشرين الثاني (نوفمبر) العام الماضي 2024، أصبحت هولندا الوجهة الأوروبية الأولى للصادرات الأردنية، حيث بلغت قيمة الصادرات الأردنية 80 مليون دينار، مسجلةً نموا سنويا بنسبة 9.6 %، "ما يعكس بوضوح قوة ومتانة العلاقات الاقتصادية بين بلدينا".
كما رحّب فيرفاي بإستراتيجية الأردن لتشجيع الاستثمار، إذ تعد هولندا شريكا ذا أولوية في أوروبا لجذب الاستثمار الأجنبي المباشر، معتبرا أن ذلك "يمثّل فرصة عظيمة لتعميق تعاوننا الاقتصادي بشكل أكبر، وسط تطلعاتنا لمواصلة تعزيز شراكتنا التجارية والاستثمارية في السنوات المقبلة".
وحول أهم فرص الاستثمار الصناعي التي يمكن الاستفادة منها وتعزيز حضورها في كلّ من الأردن وهولندا، بين السفير أن القطاع الصناعي الأردني أظهر مرونة وقدرة ملحوظتين على التكيف في التعامل مع الأسواق العالمية، بالإضافة لما توفره شبكة الأردن الواسعة، من اتفاقيات التجارة الحرة من أساس متين لمزيد من النمو والتعاون الدولي.
وتابع: "في رأيي، تشمل بعض فرص الاستثمار الصناعي الواعدة التي يمكن تطويرها وتعزيزها بين الأردن وهولندا، كلا مما يلي؛ الأدوية والأجهزة الطبية، والتصنيع الزراعي وتكنولوجيا الأغذية، والطاقة الخضراء، والاقتصاد الدائري، وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات والتصنيع الذكي، والمنسوجات والملابس".
وبخصوص الأدوية والأجهزة الطبية، أوضح فيرفاي، أن الأردن يتميز بواحدة من أكثر الصناعات الدوائية تقدمًا في المنطقة، ما يوفر إمكانات كبيرة للتعاون في البحث والتطوير وضمان الجودة والتصدير إلى الأسواق الأوروبية.
وبين أن الخبرة الهولندية تتكامل في تكنولوجيا الرعاية الصحية والأنظمة التنظيمية بشكل جيد مع هذا القطاع، ويتلقى القطاع بالفعل دعمًا من هولندا، من خلال مؤسسة التمويل الدولية.
تكنولوجيا الأغذية
أما في قطاع التصنيع الزراعي وتكنولوجيا الأغذية، فشدد السفير على المجال الواسع للمشاريع المشتركة في مجال تصنيع الأغذية، والتغليف، والخدمات اللوجستية لسلسلة التبريد، وخاصة مع الإمكانات الزراعية الهائلة للأردن، والريادة العالمية لهولندا في مجال التكنولوجيا الزراعية وأنظمة الأغذية المستدامة، ما يفتح آفاقًا جديدة للتصدير ويعزز الأمن الغذائي.
وحول مجال تعزيز التعاون في الطاقة الخضراء والاقتصاد الدائري، أوضح أن التزام الأردن المتزايد بالطاقة المتجددة، وخاصةً الطاقة الشمسية، يتماشى مع نقاط القوة الهولندية في حلول الصناعة المستدامة، لافتا إلى توافر فرص استثمارية في التصنيع الأخضر، وتقنيات إعادة التدوير، وتطوير المناطق الصناعية الموفرة للطاقة.
أما في محور تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والتصنيع الذكي، فأكد السفير إمكانية القدرات الهولندية في مجال الأتمتة والتقنيات الذكية بأن تلعب دورًا حاسمًا في تحديث القطاع الصناعي الأردني، وخاصةً للشركات الصغيرة والمتوسطة، خاصة مع تزايد أهمية التحول الرقمي في التنمية الصناعية، مشيرا إلى قيام السفارة الهولندية حاليا، بتنظيم بعثة تجارية في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات إلى هولندا.
وفي مجال المنسوجات والملابس، بين أن وصول الأردن التفضيلي إلى الأسواق الأميركية والإقليمية، إلى جانب الخبرة الهولندية في مجال الأزياء المستدامة وابتكار المنسوجات، يوفر إمكانات كبيرة، تشمل مجالات التعاون في التوريد، والمواد الصديقة للبيئة، ومبادرات التصميم المشتركة.
ولتحديد هذه الفرص وتفعيلها، أكد فيرفاي أن سفارة بلاده ستواصل تعزيز البعثات التجارية، الواردة والصادرة، والمشاركة في المعارض الصناعية أو التجارية، وحلقات النقاش الخاصة بالقطاعات.
الاتفاقيات الثنائية المشتركة بين البلدين
وحول الأولويات والأهداف الإستراتيجية والمشاريع التي سيتم التركيز عليها من خلال خطة أعمال السفارة الهولندية في الأردن، أكد السفير أن هولندا تتمتع بفهم عميق للتحديات المتعددة التي تواجه الاقتصاد الأردني، لا سيما تلك الناجمة عن عدم الاستقرار الإقليمي وأزمة اللاجئين التي طالت، منوها بارتكاز نهجها على التعاون الشامل طويل الأمد الذي يتماشى مع الأولويات الوطنية للأردن.
وقال إن من أبرز الأمثلة على التزام بلاده بما سبق؛ التوقيع مؤخرا على منحة بقيمة 31 مليون يورو لمشروع الناقل الوطني لتحلية ونقل المياه بين العقبة وعمان، مع وزارتي التخطيط والتعاون الدولي والمياه والري، مشيرا إلى دور هذا الاستثمار الكبير في عكس الدعم الهولندي لأمن المياه في الأردن، وهو أولوية وطنية، كما أنه "يعكس التزامنا المشترك بالحلول المستدامة من خلال الابتكار والشراكة".
وقال: "ندرك أهمية المشاريع الملحة، وسنواصل العمل بشكل وثيق مع الأردن لضمان تنفيذ هذه البنية التحتية الحيوية بفعالية".
ولفت فيرفاي إلى دور تلك الاتفاقية في تعزيز ودعم الاحتياجات المائية والزراعية ودعم استدامتها، إذ تندرج الاتفاقية أيضا ضمن إطار الصداقة بين الجانبين، في الوقت الذي تبدي فيه الحكومة الهولندية اهتمامها من خلال التنسيق مع مؤسسات دولية أخرى بغرض بحث مزيد من الدعم والتمويل لصالح مشروع الناقل الوطني، إلا أن ذلك سيكون بالتعاون والتنسيق مع كامل الأطراف المعنية.
وتابع أن "أولوياتنا في الأردن تتفق بشكل وثيق مع رؤية التحديث الاقتصادي"، مبينا أنه "منذ العام 2019، لعبت هولندا دورا محوريا في تعزيز القطاع الخاص الأردني ودعم خلق فرص العمل، لا سيما للنساء والشباب والمجتمعات الأكثر ضعفا".
وأوضح أنه على مدار السنوات الأربع المقبلة، "نهدف لتعميق تعاوننا من خلال التركيز على إصلاحات الاقتصاد الكلي، ونقل تكنولوجيا المعلومات والاتصالات إلى المناطق المجاورة، وتوفير التمويل للشركات الصغيرة والمتوسطة، والنمو الأخضر".
واستعرض السفير مثالا على المبادرات الرائدة في هذا المجال، كبرنامج "أورانج كورنرز"، الذي مكّن منذ العام 2022 أكثر من 70 رائد أعمال شابا من خلال التدريب والتمويل وفرص التواصل.
قضايا اللاجئين
وأعرب عن فخره بشكل خاص باستفادة أكثر من 100 رائدة أعمال من البرنامج، حيث ساهم في بناء علاقات وشراكات تسهم في ازدهار أعمالهن، فيما أكد في الوقت نفسه، الثبات على دعم الدور السخي للأردن في استضافة اللاجئين.
وتابع: "تقف هولندا جنبًا إلى جنب مع الأردن في معالجة الآثار طويلة المدى للنزوح، ففي العام الماضي، خصصنا 98 مليون دولار إضافية لإطلاق المرحلة الثانية من شراكة الآفاق، وهو ما مدد عملنا حتى نهاية العام 2028".
وبين أنه من خلال هذه الشراكة، تدعم هولندا اللاجئين والمجتمعات المضيفة في مجالات حيوية، وهي التعليم وفرص التوظيف والحماية والحصول على المياه، إذ يتم العمل مع شركاء موثوقين مثل منظمة العمل الدولية، ومؤسسة التمويل الدولية، ومفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، واليونيسف، والبنك الدولي؛ بهدف ضمان أن تكون تلك الشراكات مؤثرة وشاملة ومستدامة.
وأكد أهمية هذه الجهود مجتمعة، في انعكاس النهج الشامل الذي تتبعه هولندا، والذي يربط الدعم الإنساني بأهداف التنمية، ويركز على المرونة الاقتصادية طويلة الأجل، والنمو الشامل، والتماسك الاجتماعي.
وزاد "إن هذا الدعم يأتي على شكل تمويل للمشاريع المستهدفة ومن خلال المؤسسات الشريكة، فيما سيتركز للأعوام الأربعة المقبلة في قطاع المياه".
أما بخصوص تعزيز التعاون الثنائي في مجال السياحة، فأشار السفير إلى أهمية زيادة حجم السياحة الهولندية إلى الأردن، نظرا لما تتمتع به من مزايا تاريخية وطبيعة ساحرة، منوها بوجود خمس رحلات أسبوعيا من الأردن إلى هولندا، بالإضافة لرحلات من هولندا إلى الأردن.
وبخصوص التعاون الأكاديمي، أشار السفير إلى جهود مميزة على المستوى الحكومي بين الجانبين، لافتا إلى وجود عدد كبير جدا من الأردنيين على مقاعد الجامعات الهولندية، وسط توفر برامج يمكن الانتفاع والاستفادة منها على مستوى هولندا، مثل الكليات الدبلوماسية، أو الصحافية والمؤسسات التعليمية الأخرى.
التطورات السياسية ومستجدات القضية الفلسطينية
وحول الموقف الهولندي إزاء الوضع الإنساني في قطاع غزة، أبدى فيرفاي قلق حكومته البالغ إزاء تدهور الوضع الإنساني في غزة، مشيرا إلى دعوات بلاده إلى وصول إنساني آمن ودون عوائق إلى القطاع.
وقال: "ونواصل التأكيد، مع كل من نتحاور معه، على ضرورة وصول المدنيين الفلسطينيين إلى مرافق المساعدة الإنسانية بشكل كامل".
وأبدى تقديره للدور القيادي الذي قام به الأردن في تنسيق عمليات الإنزال الجوي للمساعدات الإنسانية إلى غزة، لإيصال المساعدات الضرورية للمدنيين، مشيرا إلى مساهمة هولندا في العام الماضي 2024، في هذه الجهود بالتنسيق الوثيق مع الأردن، ما ساعد على تلبية الاحتياجات الإنسانية العاجلة على أرض الواقع.
وشدد على ضرورة السماح بدخول الغذاء والماء والوقود، بما في ذلك مولدات المستشفيات، والأدوية المنقذة للحياة على الفور، إلى جانب مساعدة ملايين المتضررين من هذه الأزمة، سواء في قطاع غزة أو في مواقع أخرى في المنطقة.
وأكد فيرفاي مساهمة هولندا أيضا في تمويل الاستجابة الإنسانية التي تقدمها منظمات مثل الأمم المتحدة، والصليب الأحمر، والهلال الأحمر، والمنظمات غير الحكومية المحلية والدولية.
وأضاف: "في مشاوراتنا الدبلوماسية ومتعددة الأطراف، تُشدد هولندا على أهمية توفير وصول إنساني كافٍ والامتثال للقانون الإنساني الدولي".
الإدارة الأميركية والرسوم الجمركية
وعن رفع الإدارة الأميركية للرسوم الجمركية على الدول الأوروبية، قال السفير إن الولايات المتحدة فرضت هذه الرسوم على كامل دول العالم ونحن من ضمنها، مشيرا إلى قيام هولندا بالعمل مع دول الاتحاد الأوروبي لمناقشة هذا الأمر مع الولايات المتحدة بغرض محاولة الحد من تبعاته.
وشدد فيرفاي، في مقابلة خاصة مع "الغد"، بمناسبة العيد الوطني الهولندي، يوم الملك، والذي صادف موعده أمس وتحتفل به السفارة الهولندية في عمّان اليوم، على الرؤية المشتركة بين الأردن وهولندا، نحو السلام والتعاون متعدد الأطراف.
وقال السفير إن هذه الرؤية هي ما يجعل هولندا والأردن شريكين قويين، مضيفا أن تعاوننا يمتد إلى مجالات عديدة، اقتصادية وإنسانية وبيئية، ويرتكز على الثقة المتبادلة والالتزام المشترك بالقانون الدولي والحوار.
وأشار إلى التزام هولندا بدعم جهود الأردن، الذي وصفه بأنه ليس شريكا رئيسا لهولندا فقط، بل لأوروبا ككل باعتباره ركيزة أساسية للاستقرار في منطقةٍ مليئةٍ بالتحديات، وخاصة في مجالات المياه، والاستثمارات، والتصنيع الزراعي، والأدوية، والطاقة الخضراء والاقتصاد الدائري.
وبهذا الخصوص، أعلن فيرفاي عن التزام هولندا بالتوقيع مؤخرا على منحة بقيمة 31 مليون يورو لمشروع "الناقل الوطني لتحلية ونقل المياه بين العقبة وعمان"، لافتا إلى أن هذا الاستثمار الكبير يبرز الدعم الهولندي لأمن المياه في الأردن، وهو أولوية وطنية، "ويعكس التزامنا المشترك بالحلول المستدامة من خلال الابتكار والشراكة".
السياسة الخارجية
وفي التفاصيل، أكد السفير الهولندي تقدير بلاده الكبير إزاء الدور الحيوي والبنّاء للسياسة الأردنية الخارجية في "منطقة مضطربة"، وخاصة في تعزيز السلام والاستقرار، مشيرا إلى أنها سياسة "متوازنة ووفق نهج معتدل ومُتّسق".
وقال: "نرى ذلك مُنعكساً في قيادة جلالة الملك عبد الله الثاني، وجهوده في دعم قضايا المنطقة، وفي جهوده للحفاظ على الاستقرار الإقليمي"، مضيفا " أن دعم الأردن المستمر للسلام العادل والدائم أمر أساسي للحفاظ على الهدوء والثقة في المنطقة".
وعن الشراكة الوثيقة بين الأردن وهولندا في تحقيق أهداف السياسة الخارجية الشاملة في المنطقة، قال السفير إن الأردن يلعب دورا حيويا في تعزيز الاستقرار الإقليمي والحفاظ عليه.
وتابع: " تعد هولندا الأردن شريكا رئيسا في تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة، وتُقدّر دور الأردن الإنساني في استضافة اللاجئين"، مشيرا إلى مشاركة هولندا للأردن قلقه إزاء الوضع الإنساني في غزة، حيث تواصل هولندا دعوتها إلى حماية المدنيين والاحترام الكامل للقانون الإنساني والدولي.
وحول موقف هولندا نحو إمكانية التوصل للاستقرار في المنطقة، أكد فيرفاي أن هولندا "تواصل دعم حل الدولتين، وتقدّر عاليا مشاركة الأردن في هذه القضية، علنا وخلف الكواليس، بصفته محاورا رئيسا في الدبلوماسية الدولية".
وزاد: "هذه الرؤية المشتركة للسلام والتعاون متعدد الأطراف هي ما يجعل هولندا والأردن شريكين قويين، إذ يمتد تعاوننا إلى مجالات عديدة، اقتصادية وإنسانية وبيئية، ويرتكز على الثقة المتبادلة، والالتزام المشترك بالقانون الدولي والحوار".
العلاقات الثنائية
وبخصوص اتفاقية الشراكة الإستراتيجية الشاملة الموقعة أخيرا بين الأردن والاتحاد الأوروبي، قال السفير إن الأردن ليس شريكا رئيسا لهولندا فقط، إنما لأوروبا ككل، مجددا التأكيد أن الأردن يمثّل ركيزة أساسية للاستقرار في منطقة مليئة بالتحديات.
وأبدى تقديره لدور الأردن من خلال التزامه الراسخ بالسلام والأمن، إقليميا وعالميا، إلى جانب كرمه اللافت في استضافة ملايين اللاجئين، لافتا إلى ترحيب هولندا ترحيبا حارا باتفاقية الشراكة الإستراتيجية الشاملة بين الاتحاد الأوروبي والأردن، باعتبارها "خطوة قيّمة في تعزيز أهدافنا المشتركة وتعاوننا".
وبخصوص أولويات التعاون الثنائي بين البلدين، أكد السفير أن هولندا تفخر بكونها أحد أهم شركاء الأردن التجاريين الأوروبيين، مشيرا إلى أن العلاقات التجارية الثنائية، تشهد نموا مستمرا، لا سيما في قطاعات مثل الزراعة والآلات والأدوية.
وقال إنه اعتبارا من تشرين الثاني (نوفمبر) العام الماضي 2024، أصبحت هولندا الوجهة الأوروبية الأولى للصادرات الأردنية، حيث بلغت قيمة الصادرات الأردنية 80 مليون دينار، مسجلةً نموا سنويا بنسبة 9.6 %، "ما يعكس بوضوح قوة ومتانة العلاقات الاقتصادية بين بلدينا".
كما رحّب فيرفاي بإستراتيجية الأردن لتشجيع الاستثمار، إذ تعد هولندا شريكا ذا أولوية في أوروبا لجذب الاستثمار الأجنبي المباشر، معتبرا أن ذلك "يمثّل فرصة عظيمة لتعميق تعاوننا الاقتصادي بشكل أكبر، وسط تطلعاتنا لمواصلة تعزيز شراكتنا التجارية والاستثمارية في السنوات المقبلة".
وحول أهم فرص الاستثمار الصناعي التي يمكن الاستفادة منها وتعزيز حضورها في كلّ من الأردن وهولندا، بين السفير أن القطاع الصناعي الأردني أظهر مرونة وقدرة ملحوظتين على التكيف في التعامل مع الأسواق العالمية، بالإضافة لما توفره شبكة الأردن الواسعة، من اتفاقيات التجارة الحرة من أساس متين لمزيد من النمو والتعاون الدولي.
وتابع: "في رأيي، تشمل بعض فرص الاستثمار الصناعي الواعدة التي يمكن تطويرها وتعزيزها بين الأردن وهولندا، كلا مما يلي؛ الأدوية والأجهزة الطبية، والتصنيع الزراعي وتكنولوجيا الأغذية، والطاقة الخضراء، والاقتصاد الدائري، وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات والتصنيع الذكي، والمنسوجات والملابس".
وبخصوص الأدوية والأجهزة الطبية، أوضح فيرفاي، أن الأردن يتميز بواحدة من أكثر الصناعات الدوائية تقدمًا في المنطقة، ما يوفر إمكانات كبيرة للتعاون في البحث والتطوير وضمان الجودة والتصدير إلى الأسواق الأوروبية.
وبين أن الخبرة الهولندية تتكامل في تكنولوجيا الرعاية الصحية والأنظمة التنظيمية بشكل جيد مع هذا القطاع، ويتلقى القطاع بالفعل دعمًا من هولندا، من خلال مؤسسة التمويل الدولية.
تكنولوجيا الأغذية
أما في قطاع التصنيع الزراعي وتكنولوجيا الأغذية، فشدد السفير على المجال الواسع للمشاريع المشتركة في مجال تصنيع الأغذية، والتغليف، والخدمات اللوجستية لسلسلة التبريد، وخاصة مع الإمكانات الزراعية الهائلة للأردن، والريادة العالمية لهولندا في مجال التكنولوجيا الزراعية وأنظمة الأغذية المستدامة، ما يفتح آفاقًا جديدة للتصدير ويعزز الأمن الغذائي.
وحول مجال تعزيز التعاون في الطاقة الخضراء والاقتصاد الدائري، أوضح أن التزام الأردن المتزايد بالطاقة المتجددة، وخاصةً الطاقة الشمسية، يتماشى مع نقاط القوة الهولندية في حلول الصناعة المستدامة، لافتا إلى توافر فرص استثمارية في التصنيع الأخضر، وتقنيات إعادة التدوير، وتطوير المناطق الصناعية الموفرة للطاقة.
أما في محور تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والتصنيع الذكي، فأكد السفير إمكانية القدرات الهولندية في مجال الأتمتة والتقنيات الذكية بأن تلعب دورًا حاسمًا في تحديث القطاع الصناعي الأردني، وخاصةً للشركات الصغيرة والمتوسطة، خاصة مع تزايد أهمية التحول الرقمي في التنمية الصناعية، مشيرا إلى قيام السفارة الهولندية حاليا، بتنظيم بعثة تجارية في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات إلى هولندا.
وفي مجال المنسوجات والملابس، بين أن وصول الأردن التفضيلي إلى الأسواق الأميركية والإقليمية، إلى جانب الخبرة الهولندية في مجال الأزياء المستدامة وابتكار المنسوجات، يوفر إمكانات كبيرة، تشمل مجالات التعاون في التوريد، والمواد الصديقة للبيئة، ومبادرات التصميم المشتركة.
ولتحديد هذه الفرص وتفعيلها، أكد فيرفاي أن سفارة بلاده ستواصل تعزيز البعثات التجارية، الواردة والصادرة، والمشاركة في المعارض الصناعية أو التجارية، وحلقات النقاش الخاصة بالقطاعات.
الاتفاقيات الثنائية المشتركة بين البلدين
وحول الأولويات والأهداف الإستراتيجية والمشاريع التي سيتم التركيز عليها من خلال خطة أعمال السفارة الهولندية في الأردن، أكد السفير أن هولندا تتمتع بفهم عميق للتحديات المتعددة التي تواجه الاقتصاد الأردني، لا سيما تلك الناجمة عن عدم الاستقرار الإقليمي وأزمة اللاجئين التي طالت، منوها بارتكاز نهجها على التعاون الشامل طويل الأمد الذي يتماشى مع الأولويات الوطنية للأردن.
وقال إن من أبرز الأمثلة على التزام بلاده بما سبق؛ التوقيع مؤخرا على منحة بقيمة 31 مليون يورو لمشروع الناقل الوطني لتحلية ونقل المياه بين العقبة وعمان، مع وزارتي التخطيط والتعاون الدولي والمياه والري، مشيرا إلى دور هذا الاستثمار الكبير في عكس الدعم الهولندي لأمن المياه في الأردن، وهو أولوية وطنية، كما أنه "يعكس التزامنا المشترك بالحلول المستدامة من خلال الابتكار والشراكة".
وقال: "ندرك أهمية المشاريع الملحة، وسنواصل العمل بشكل وثيق مع الأردن لضمان تنفيذ هذه البنية التحتية الحيوية بفعالية".
ولفت فيرفاي إلى دور تلك الاتفاقية في تعزيز ودعم الاحتياجات المائية والزراعية ودعم استدامتها، إذ تندرج الاتفاقية أيضا ضمن إطار الصداقة بين الجانبين، في الوقت الذي تبدي فيه الحكومة الهولندية اهتمامها من خلال التنسيق مع مؤسسات دولية أخرى بغرض بحث مزيد من الدعم والتمويل لصالح مشروع الناقل الوطني، إلا أن ذلك سيكون بالتعاون والتنسيق مع كامل الأطراف المعنية.
وتابع أن "أولوياتنا في الأردن تتفق بشكل وثيق مع رؤية التحديث الاقتصادي"، مبينا أنه "منذ العام 2019، لعبت هولندا دورا محوريا في تعزيز القطاع الخاص الأردني ودعم خلق فرص العمل، لا سيما للنساء والشباب والمجتمعات الأكثر ضعفا".
وأوضح أنه على مدار السنوات الأربع المقبلة، "نهدف لتعميق تعاوننا من خلال التركيز على إصلاحات الاقتصاد الكلي، ونقل تكنولوجيا المعلومات والاتصالات إلى المناطق المجاورة، وتوفير التمويل للشركات الصغيرة والمتوسطة، والنمو الأخضر".
واستعرض السفير مثالا على المبادرات الرائدة في هذا المجال، كبرنامج "أورانج كورنرز"، الذي مكّن منذ العام 2022 أكثر من 70 رائد أعمال شابا من خلال التدريب والتمويل وفرص التواصل.
قضايا اللاجئين
وأعرب عن فخره بشكل خاص باستفادة أكثر من 100 رائدة أعمال من البرنامج، حيث ساهم في بناء علاقات وشراكات تسهم في ازدهار أعمالهن، فيما أكد في الوقت نفسه، الثبات على دعم الدور السخي للأردن في استضافة اللاجئين.
وتابع: "تقف هولندا جنبًا إلى جنب مع الأردن في معالجة الآثار طويلة المدى للنزوح، ففي العام الماضي، خصصنا 98 مليون دولار إضافية لإطلاق المرحلة الثانية من شراكة الآفاق، وهو ما مدد عملنا حتى نهاية العام 2028".
وبين أنه من خلال هذه الشراكة، تدعم هولندا اللاجئين والمجتمعات المضيفة في مجالات حيوية، وهي التعليم وفرص التوظيف والحماية والحصول على المياه، إذ يتم العمل مع شركاء موثوقين مثل منظمة العمل الدولية، ومؤسسة التمويل الدولية، ومفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، واليونيسف، والبنك الدولي؛ بهدف ضمان أن تكون تلك الشراكات مؤثرة وشاملة ومستدامة.
وأكد أهمية هذه الجهود مجتمعة، في انعكاس النهج الشامل الذي تتبعه هولندا، والذي يربط الدعم الإنساني بأهداف التنمية، ويركز على المرونة الاقتصادية طويلة الأجل، والنمو الشامل، والتماسك الاجتماعي.
وزاد "إن هذا الدعم يأتي على شكل تمويل للمشاريع المستهدفة ومن خلال المؤسسات الشريكة، فيما سيتركز للأعوام الأربعة المقبلة في قطاع المياه".
أما بخصوص تعزيز التعاون الثنائي في مجال السياحة، فأشار السفير إلى أهمية زيادة حجم السياحة الهولندية إلى الأردن، نظرا لما تتمتع به من مزايا تاريخية وطبيعة ساحرة، منوها بوجود خمس رحلات أسبوعيا من الأردن إلى هولندا، بالإضافة لرحلات من هولندا إلى الأردن.
وبخصوص التعاون الأكاديمي، أشار السفير إلى جهود مميزة على المستوى الحكومي بين الجانبين، لافتا إلى وجود عدد كبير جدا من الأردنيين على مقاعد الجامعات الهولندية، وسط توفر برامج يمكن الانتفاع والاستفادة منها على مستوى هولندا، مثل الكليات الدبلوماسية، أو الصحافية والمؤسسات التعليمية الأخرى.
التطورات السياسية ومستجدات القضية الفلسطينية
وحول الموقف الهولندي إزاء الوضع الإنساني في قطاع غزة، أبدى فيرفاي قلق حكومته البالغ إزاء تدهور الوضع الإنساني في غزة، مشيرا إلى دعوات بلاده إلى وصول إنساني آمن ودون عوائق إلى القطاع.
وقال: "ونواصل التأكيد، مع كل من نتحاور معه، على ضرورة وصول المدنيين الفلسطينيين إلى مرافق المساعدة الإنسانية بشكل كامل".
وأبدى تقديره للدور القيادي الذي قام به الأردن في تنسيق عمليات الإنزال الجوي للمساعدات الإنسانية إلى غزة، لإيصال المساعدات الضرورية للمدنيين، مشيرا إلى مساهمة هولندا في العام الماضي 2024، في هذه الجهود بالتنسيق الوثيق مع الأردن، ما ساعد على تلبية الاحتياجات الإنسانية العاجلة على أرض الواقع.
وشدد على ضرورة السماح بدخول الغذاء والماء والوقود، بما في ذلك مولدات المستشفيات، والأدوية المنقذة للحياة على الفور، إلى جانب مساعدة ملايين المتضررين من هذه الأزمة، سواء في قطاع غزة أو في مواقع أخرى في المنطقة.
وأكد فيرفاي مساهمة هولندا أيضا في تمويل الاستجابة الإنسانية التي تقدمها منظمات مثل الأمم المتحدة، والصليب الأحمر، والهلال الأحمر، والمنظمات غير الحكومية المحلية والدولية.
وأضاف: "في مشاوراتنا الدبلوماسية ومتعددة الأطراف، تُشدد هولندا على أهمية توفير وصول إنساني كافٍ والامتثال للقانون الإنساني الدولي".
الإدارة الأميركية والرسوم الجمركية
وعن رفع الإدارة الأميركية للرسوم الجمركية على الدول الأوروبية، قال السفير إن الولايات المتحدة فرضت هذه الرسوم على كامل دول العالم ونحن من ضمنها، مشيرا إلى قيام هولندا بالعمل مع دول الاتحاد الأوروبي لمناقشة هذا الأمر مع الولايات المتحدة بغرض محاولة الحد من تبعاته.
0 تعليق