هل العالم بحاجة إلى حرب جديدة؟

الوطن البحرينية 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

في عالم يضج بالحروب والأزمات، لم يعد لدينا ترف أن نتجاهل شرارات النزاعات قبل أن تتحول إلى حرائق كبرى. هذا ما يخطر في البال، ونحن نتابع بقلق بالغ الأزمة الجديدة بين الهند وباكستان، بعد الهجوم الإرهابي الذي وقع في منطقة «بَهَلْغام» وأزهق أرواح 26 سائحاً. حدث مأساوي، لا يختلف عن مشاهد الحروب العبثية التي استنزفت العالم منذ سنوات، لكنه يحمل هذه المرة خطورة مضاعفة، طرفاه دولتان نوويتان!

من المؤلم أن نرى اتهامات تتطاير كالسهام، فقد اقتنعت الهند بأن جماعات إرهابية انطلقت من باكستان كانت خلف هذا العمل الدموي، وبدأ التصعيد السياسي والعسكري يأخذ منحنى خطيراً.. وهنا لا بد أن نتوقف لنسأل، هل من مصلحة للهند أو باكستان أن تندلع حرب بينهما الآن؟! ومن المستفيد الحقيقي من اشتعال المنطقة؟!

حين نتأمل المشهد بعمق، سنجد أن الأمر يتجاوز حدود الهند وكشمير وباكستان. فالعالم الذي بدأ يتهيأ لالتقاط أنفاسه مع إشارات قرب انتهاء الحرب الروسية الأوكرانية، يبدو أن هناك من لا يريد له أن يرتاح، طرف ثالث؟ أطراف متعددة؟ المؤكد أن هناك من يقتات على استمرار الفوضى والصراعات.

ولكي لا نبدو مثاليين وسط هذا الواقع المعقد، يجب أن نذكّر أنفسنا بحقائق لا يمكن تجاهلها، الهند، بثقلها الزراعي والاقتصادي، مصدر رئيسي لكثير من السلع الغذائية للوطن العربي، والخليج تحديداً. باكستان، بدورها، تمثل ركيزة أمن غذائي أساسية لكثير من دولنا الخليجية. أي حرب – ولو كانت تقليدية – ستجلب دماراً هائلاً، ليس فقط على الهند وباكستان، بل ستلهب الأسعار عالمياً، وتفاقم أزمات الغذاء والطاقة في منطقتنا والعالم. فما بالنا لو انزلقت الأمور إلى استخدام السلاح النووي، لا قدّر الله؟!

إنسانيتنا، قبل مصالحنا، ترفض أن تُزهق أرواح مئات الآلاف من البشر في حرب لا رابح فيها إلا الدمار. ولهذا، كان لابد من دور عقلاني حقيقي.. وقد جاءت المملكة العربية السعودية كعادتها، لتتحرك بثقلها ومكانتها، حيث أجرى وزير الخارجية السعودي صاحب السمو الأمير فيصل بن فرحان آل سعود اتصالات مباشرة مع وزيري خارجية الهند وباكستان، داعياً إلى التهدئة وضبط النفس، ومؤكداً أن البلدين حليفان مقربان على المملكة.موقف مشرّف يليق بدولة تؤمن بأن السلام هو السبيل الأعظم للنهضة الإنسانية، وبأن النار إن لم تحرقك مباشرة، فستصلك حرارتها الخانقة أينما كنت!

ليس هناك إنسان عاقل أو صاحب ضمير يمكن أن يقف متفرجاً على أزمات العالم وهي تتسع. وإن كانت قلوبنا تدعو للسلام، فإن أفعالنا ودعمنا للمبادرات الخيّرة يجب أن تكون انعكاساً حقيقياً لهذه القناعة. العالم بحاجة اليوم إلى أن يتغلب صوت الحكمة على قعقعة السلاح.. وأن يتكاتف الجميع، دولاً وشعوباً، لإطفاء نيران الأزمات قبل أن تستعر أكثر.

والسؤال الأهم، هل العالم بحاجة إلى حروب؟ دعونا نؤمن أن الجهود التي تبذلها السعودية، أو أي دولة تسعى للسلام، ليست مجرد دبلوماسية باردة، بل هي رسالة أمل لإنقاذ ما تبقى من إنسانية هذا العالم.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق