لو كانت حقيقية لكانت البنوك أول المستثمرين

الوطن البحرينية 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

قضية الاحتيال التي عرفت بمسمى «البروفيسور» كانت الشغل الشاغل للناس في البحرين خلال الفترة القصيرة الماضية، ومازالت تتردد حتى كتابة هذا المقال، وأعتقد أنها لم تكن أمراً جديداً، ولكنها قصة قديمة جداً قدم البشرية كلها، لأنها تعتمد في الأساس على استغلال الطمع لدى الإنسان.ولا يمكننا رصد بدايات قصص الاحتيال في التاريخ، لكن بعضها وصل إلينا والكثير منها لم يتم ذكره، والذي وصلنا كان المفترض أن نتعلم منه الدروس التي تحمي المجتمع من الوقوع في براثن الاحتيال، لكن للأسف تتعاقب الأجيال، وتستمر نفس الجريمة بصور مختلفة، لكنها جميعاً لا تخرج عن مبدأ الطمع الذي يعتبر مفتاح الخزينة بالنسبة للمجرم.ولقد كانت قصة «البروفيسور» هي أحدث سيناريو في البحرين ودول الخليج، وللأسف مازال مستمراً في الجريمة رغم انكشافه، لأن هناك ضحايا طامحين للمكسب السريع وغير الطبيعي والذي لا ينسجم أو يتوافق مع نسب الربح المعروفة في أي بقعة من الأرض.لا أعلم لماذا يقع أناس كثيرون في هذا الفخ بسهولة، ولا كيف فكروا أن يسلموا أموالهم إلى شخص مجهول الهوية، ووضعها في خزائن افتراضية لا يستطيعون العودة إليها في أي وقت لاستعادتها.. من أين جاءت تلك الثقة في الفضاء الإلكتروني بأنه سوف يدر عوائد كبيرة عليكم؟لكن المحتال يعلم تماماً أن الاحتيال لن ينجح إلا ببعض التضحيات البسيطة، فيمنح بعض الأوائل من المستثمرين أرباحاً أكثر من أضعاف أصول أموالهم، وهو على يقين أنهم سيتحولون إلى أداة جذب المزيد من الأموال، وفي تلك الحالة، هو يقوم بترحيل الثقة إلى أشخاص آخرين ويجلس ليتفرج على وكلائه الذين يساعدونه في جمع الأموال.وقبل سنوات كانت هناك قصة احتيال كبيرة في البحرين، تحدثت عنها الصحافة، وضج بها الناس لأن الضحايا كانوا بالمئات، ودفعوا للمحتال أكثر من 25 مليون دينار، بل إن بعض الضحايا كانوا يذهبون للمحتال ويرجونه أن يقبل بأخذ أموالهم، فيقبلها منهم على مضض وكراهة، وآخرون جاؤوا بـ «واسطة» لكي يقبل المحتال استثمار أموالهم.ولا أخفي سراً عندما أقول إن نسبة كبيرة جداً من هؤلاء الضحايا، من الشخصيات التي تتحلى بالعلم والعقل والرصانة، إلا أنهم وقعوا بسهولة مثل العامة والجهلاء.يبقى أمر وحيد لابد وأن أؤكد عليه، وهو أن المصارف مازالت هي محفظة الأموال الوحيدة التي تتمتع بالأمان التام، ولم يكن ذلك إلا وفقاً لمعايير وقواعد راسخة، وخبرات متراكمة منذ عقود، وأيضاً بكلفة عالية في تأمين تلك الأموال، من مخاطر الاستثمار، وهي إدارة لا يستهان بها في أي بنك، ولو كانت أرباح المصارف ضعيفة، إلا أنها تبقى دوماً آمنة، فنصيحة لكل إنسان، لا تبحث عن الفرص والأرباح غير الطبيعية، فلو كانت حقيقية لوجدت البنوك أول الداخلين فيها.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق