دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- هل تتخيل إخراج أطفالك من المدرسة لمدة عام، وتأجير منزلك، وإيقاف حياتك المهنية مؤقتًا، لتنطلق مع عائلتك في مغامرة حول العالم تشمل القارات السبع؟
بالنسبة للزوجين الأمريكيين، أندي وراندي ألموند، من ولاية كولورادو، هذا يصف إلى حدٍ كبير كيف قضيا العام الدراسي 2022 - 2023 عندما خاضا مع طفليهما، فين وآريا (اللذان كانا يبلغان من العمر 13 و10 سنوات آنذاك)، مغامرة عائلية لا تُنسى.
في كتابها الجديد، بعنوان "الفصل الدراسي في كل مكان: كيف حوّلت عائلة شغف الترحال إلى تعليم عالمي وكيف يمكنك تحقيق ذلك أيضًا"، تشارك أندي ألموند، البالغة من العمر 45 عامًا، التحديات والمصاعب، والمشاريع العلمية الميدانية، والرحلات البحرية الخطيرة، والعقبات التي واجهتها هي وزوجها راندي خلال رحلتهم العائلية حول العالم.
شكّلت الرحلة عاصفة من الأحداث امتدت لأكثر من 164 ألف كيلومتر، وغطّت سبع قارات، واستغرقت 400 يوم.
في عام 2017، بدأت فكرة مغادرة المنزل والانطلاق في عطلة تعليمية طويلة الأمد مع الأطفال، تراود أندي وراندي، وهما مسافران متمرسان كانا قد خاضا رحلة حول العالم في العشرينيات من عمرهما، قضيا خلالها 6 أشهر في أمريكا الجنوبية، و6 أشهر أخرى في جنوب شرق آسيا.

وبعد فترة قصيرة من عيد ميلادها الأربعين، وجدت أندي نفسها تبحث عن إلهام للسفر في رفوف مكتبة محلية، فعثرت على كتاب بعنوان "عام من الإجازة: ترك كل شيء خلفنا من أجل رحلة حول العالم مع أطفالنا" من تأليف ديفيد إليوت كوهين.
وقد التقى الزوجان، اللذان كانا يعملان في وظائف بدوام كامل في شركات، بمخطِط مالي لمناقشة كيفية الاستعداد لرحلتهما المنتظرة، بما في ذلك طرق لتوفير المال مسبقًا وأثناء الرحلة، إضافة إلى كيفية التعامل مع الآثار المالية لأخذ إجازة لمدة عام من العمل.
وقررت العائلة تأجير منزلها لتوفير دخل أثناء غيابها، وبدأت بتخفيض نفقاتها اليومية لتوفير المال للرحلة.

تباطأ التخطيط للرحلة خلال جائحة كورونا، ولكن العائلة كانت تخطط للرحيل عندما يكون فين في الصف الثامن وآريا في الصف السادس.
وأضافت: "في تصورنا، سيكونان في عمر يسمح لهما بخوض العديد من المغامرات.. وتذكّر الكثير من التجارب"
وبما أنهم قد حضّروا الأطفال للرحلة قبل سنوات من خلال الحديث عنها والبحث عن بعض الأماكن التي أرادوا زيارتها، لم يكن الأمر مفاجئًا في يونيو/ حزيران 2022 عندما ودّعت العائلة الأصدقاء والأقرباء للتوجه إلى المغرب.
المرحلة التمهيدية

قبل المغادرة، شكّل التعليم أكبر هاجس لديهم بشأن الرحلة، وكيف يمكن للأطفال متابعة دروسهم أثناء التنقل.
وأصر كل من فين وآريا على أنهما لا يريدان إعادة الصف الدراسي بسبب قضاء عام من السفر.
وبحث الثنائي عن برامج يُطلق عليها اسم "التعليم العالمي"، وهي حركة تعليمية لها مراكز في دول مختلفة، وتوفر للعائلات موارد تعليمية مشتركة لتعليم أطفالها أثناء التفاعل مع ثقافات مختلفة عبر السفر.
ولكنهما قررا عدم اختيار هذا المسار لعدة أسباب، منها التكاليف، والالتزام الزمني الذي غالبًا ما يتطلب من الطلبة البقاء في مكان واحد لفترة أطول مما كانت العائلة تخطط له.

وتواصلت عائلة ألموند مع معلمي طفليهما في المدرسة التي كانا يدرسان فيها بكولورادو لوضع منهج دراسي مشترك للعام. وكان المعلمون متحمسين للتعاون مع العائلة والتفكير في الأمر.
وقالت أندي: "قررنا اعتناق التعليم المنزلي ولكن من دون البقاء في المنزل، وهكذا عرّفنا مفهوم التعليم العالمي".
وخلال الأشهر التي سبقت المغادرة، تعاون الزوجان مع المعلمين للنظر في مواد مثل التاريخ والجغرافيا، وهي مواد ستتقاطع بشكل طبيعي مع التجارب التي ستخوضها العائلة خلال الرحلة.
العالم كفصل دراسي
تعاملت العائلة مع رحلتها كما لو كانت عامًا دراسيًا، حيث ركزت في نصفها الأول على إفريقيا، والشرق الأوسط، وأمريكا الجنوبية، قبل اختتام العام في آسيا والمحيط الهادئ.
في البرازيل، البلد الذي مكثت فيه العائلة لأطول فترة، التحق جميع أفرادها بدورة لتعلم اللغة البرتغالية تضمنت دروسًا تفاعلية في الأسواق المحلية، والصيدليات، والمتاجر، مما أتاح لهم فرصة التعلم من تجارب واقعية في مواقف عملية.
استمتعت العائلة أيضًا بدروس في علم الأحياء البحرية في مياه منتزه "كومودو" الوطني في إندونيسيا، وتعلموا عن مخلوقات مثل فرس البحر القزم، والأخطبوط المرقط.
المرونة مفتاح النجاح
أكّدت أندي أن فوائد الدراسة حول العالم تشمل إمكانية التكيف مع إيقاعات مختلفة بحسب المكان الذي تزوره، ولكن من المهم المحافظة على المرونة أيضًا.
في اليونان مثلاً، انطلقت العائلة في رحلة برية عبر منطقة البيلوبونيز، واستمعت إلى قصيدة "إلياذة" للشاعر هوميروس في السيارة طوال الطريق.
وأوضحت أندي: "كثيرًا ما كنا نزور الآثار صباحًا ونخوض مغامرات خلال فترة الظهر. كان كل يوم مختلفًا تمامًا بحسب اختلاف الأماكن".
دروس مستفادة
كما هو الحال في أي رحلة، كانت هناك لحظات صعبة في الطريق، من بينها لدغة عقرب تعرض لها راندي في مخيم صحراوي في الأردن أدت إلى دخوله المستشفى لبضعة أيام مؤلمة.
ولكن الجوانب الإيجابية فاقت كل التوقعات، بما في ذلك فرصة العائلة للقيام برحلة بحرية إلى القارة القطبية الجنوبية، عندما سمح لهم إلغاء الرحلة في اللحظة الأخيرة بحجز مقصورة بخصم كبير.
دوّن الأطفال مذكرات ميدانية حول ما شاهدوه من الحياة البرية، وتعلموا من العلماء على متن السفينة عن تغير المناخ خلال المحادثات المسائية.
في النهاية، أكّدت أندي أن تكلفة غياب العائلة لمدة 13 شهرًا كانت أقل مما ينفقونه خلال عام عادي في أمريكا.
قضت العائلة معظم الوقت في مناطق أقل تكلفة (مقارنةً بالولايات المتحدة)، بما في ذلك جنوب شرق آسيا وأمريكا الجنوبية.
وما اكتسبوه جميعًا، لا يُقدر بثمن بالتأكيد.
أفاد فين أنّه افتقد أصدقائه ولعبه في فريق كرة قدم، ولكنه يدرك الآن أنّه يتمتع بفهم أعمق لكيفية عمل العالم، ومدى حظهم للعيش في المكان الذي يعيشون فيه.
أمّا آريا، فهي ترغب في مواصلة السفر، وقالت: "(أشعر) بالراحة في العديد من الأماكن بشكلٍ أكبر، ومعرفتي الجغرافية أصبحت أفضل".
0 تعليق