نحن والفصول الأربعة

السبيل 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

مايو 5, 2025 12:35 م

عبد الله المشوخي

يمر الإنسان منا بما يشبه بعض الفصول المناخية الأربعة فهناك ربيع العمر يقابله خريف العمر .
من سمات ربيع العمر الحيوية والنشاط وعلو الهمة والطموح والعمل الدؤوب بلا كلل ولا ملل .
حياة تحتمل الضجيج والصخب والزحام وتحمل الصعاب.
حياه تشبه أشجار الربيع وارفة الأغصان تأنس بزقزقة العصافير وشدو البلابل .
أغصان تحمل في ثناياها كافه العشاش رغم كثرتها وقد تختفي في ثناياها تربص الأفاعي أو العقارب أو تنسج العناكب بيوت الشر بين أغصانها.
ورغم ذلك تبدو أغصانها في غاية الجمال لا سيما عندما تزهر زهورا مختلفة الألوان ليخرج منها روائح عطرية فواحة .

وما إن يهل فصل الخريف فإذا بأوراق الأشجار يعتريها الذبول وتبدأ بالإصفرار وتنحني نحو الأرض معلنة قرب نهاية عمرها لتبدأ بالتساقط كلما هبت نسمة ريح.
وإذا اشتدت الرياح انهمر سقوطها كإنهمار حبات البرد.
لتتكشف بعد ذلك كافة الأغصان وتتعرى ليظهر منها ما كان مخفيا من أغصان معوجة أو منحنية أو مستقيمة….الخ

هكذا الإنسان في فصل الخريف إذا تعاملت معه بالدرهم أو الدينار أو سافرت معه فسوف تتكشف حقيقة أمره وجوهر نفسيته.
وأكثر ما يعريه موقفه من الأحداث الجسام فيظهر معدنه الحقيقي الذي طالما أخفاه طوال فترة الربيع.
الأحداث الجسام بمثابة فصل الخريف ليكشف المستور وبواطن الأمور.

فهي كالنار التي تصهر المعادن ليظهر بعد ذلك النفيس من الزهيد.

هكذا كان “طوفان الأقصى” مثل فصل الخريف كشف حقائق البشر على كافة المستويات .
فظهر المناصر والمتخاذل وظهر المراوغ والمخادع.
ظهر أبناء وأحفاد سايكس بيكو…وأبناء دايتون.
ظهر البراء والولاء.
ظهر أثر الأخضر على كافة المستويات.
ظهر تجار الدين على حقيقتهم.
ظهر صاحب المبادئ الصادقة ممن يتاجر بها.
ظهرت معادن الناس على حقيقتها.

ورحم الله الإمام الشافعي عندما قال :
جَزَى اللهُ الشَّدَائِدَ كُلَّ خَيْر
‏وإن كانت تُغصّصُنِي بِرِيقِي
‏وما شُكْرِي لهَا حمْداً وَلَكِن
‏عرفتُ بها عدوّي من صديقي

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق