تمثل الأزياء العُمانية التقليدية في سلطنة عُمان لوحة فنية غنية بالألوان والرموز، تعكس تنوعا ثقافيا وجغرافيا فريدا بين مختلف المحافظات. فكل منطقة طورت نمطها الخاص الذي يجسد بيئتها وتقاليدها، ما جعل من الأزياء العُمانية مرآة حقيقية للهُوية الوطنية، وأحد أبرز ملامح الهُوية الثقافية التي لا تزال تنبض بالحياة، رغم موجات الحداثة المتسارعة.
وبين طيّات القماش وتفاصيل التطريز، تنسج كل محافظة روايتها الخاصة التي تعكس بيئتها وتقاليدها. فالأزياء في محافظة ظفار تتميز بالألوان الجريئة والتطريزات المتأثرة بثقافة الأجداد، بينما في محافظة الداخلية تظهر تصاميمها طابعا محافظا هادئا، أما في محافظة مسندم، فتبرز الأزياء بطابع عملي يناسب الطبيعة الوعرة، دون التخلي عن التفاصيل الجمالية. مما يؤكد أن البيئة الجغرافية تلعب دورا حاسما في تشكيل هذه الأزياء، حيث تحدد نوع الأقمشة والألوان دلالات اجتماعية ورمزية، لتحضر بقوة في المناسبات، برفقة الإكسسوارات التقليدية كالخناجر والفضيات، التي تضيف للزي بعدا ثقافيا وهُوية متفردة.
"عمان" تسلط الضوء على عمق التنوع في الأزياء العمانية، وكيف تسعى الأجيال الجديدة من المصممين لحماية هذا الإرث، وتقديمه بروح معاصرة تحاكي العصر دون المساس بالأصالة.
توضح مصممة الأزياء زينة السيفية أن الأزياء العمانية تتسم بتنوع لافت من محافظة لأخرى، حيث يعكس كل زي طابع المنطقة البيئي والثقافي، وتبرز الألوان الزاهية والزخارف المستوحاة من الطبيعة في تصاميم النساء، في حين تظهر البساطة والتطريزات الدقيقة في بعض المحافظات، لتكون في مجملها لوحة فسيفسائية تجسد ثراء الموروث العماني.
وأشارت السيفية إلى أن لكل محافظة طابعها المتفرد، ليس فقط في القصات أو الألوان، بل حتى في تفاصيل مثل «اللحاف» الذي يتناغم تطريزه مع زي المرأة ليعطي انطباعا متكاملا عن هُوية المنطقة. وتابعت بأن الأزياء المطرزة تميز بعض المحافظات، في حين تطغى الزخارف الثقيلة على تصاميم محافظات أخرى. وعن الخامات والتطريزات، لفتت السيفية إلى أن لكل محافظة طابعا خاصا بها، فعلى سبيل المثال، تشتهر محافظة الداخلية بالأقمشة المطرزة يدويا، والتي تدل على الحرفية العالية، في حين تتميز محافظة ظفار باستخدام الأقمشة الملونة التي تعكس طبيعتها الخضراء وأجواءها الخريفية.
الجغرافيا ترسم الخيوط
وأشارت المصممة العُمانية زينة السيفية إلى أن الأزياء التقليدية في سلطنة عُمان ليست مجرد ملابس، بل هي مرآة تعكس التنوع الثقافي والبيئي الذي تتميز به كل محافظة. وأوضحت أن لكل منطقة خصوصيتها في اختيار الألوان والزخارف، والتي تأتي في الغالب مستوحاة من طبيعتها الجغرافية، مما يجعل لكل زي قصة متفردة تعبر عن هُوية المكان وساكنيه. وبينت السيفية أن الطبيعة الجغرافية تعد عاملا أساسيا في تحديد نوعية القماش والتصميم، فالسواحل تحتاج لأقمشة خفيفة، بينما المناطق الجبلية والصحراوية تتطلب خامات أكثر سماكة، مما يظهر تناغم الأزياء مع المناخ والبيئة بشكل مذهل. وتابعت أن اختيار الخامات وأنماط الأزياء يتميز، فالمناطق الساحلية، كمدينة صور، تعتمد على الأقمشة الخفيفة لمواجهة المناخ الحار والرطب، في حين تفرض المناطق الجبلية، مثل الجبل الأخضر، أقمشة أكثر سماكة ودفئا. كما أن المناطق الصحراوية طورت أنماطا تناسب تقلبات الطقس بين الصيف والشتاء، لتوفر الحماية والراحة في آن واحد.
تقليد في قلب الحداثة

ورغم التغيرات الزمنية، نوهت السيفية إلى أن الأزياء التقليدية لا تزال تحتل مكانتها في الحياة اليومية، خاصة بين كبار السن، إلى جانب حضورها القوي في المناسبات الوطنية والرسمية التي تشهد عودة فخرية إلى الجذور العمانية. موضحة أن الأزياء التقليدية لا تزال حاضرة، وإن كان ذلك بدرجات متفاوتة، في الحياة اليومية، خصوصا بين كبار السن الذين يرون فيها امتدادا لهُويتهم الثقافية، بينما تبقى هذه الأزياء عنصرا ثابتا في المناسبات الرسمية والوطنية، حيث يحرص العمانيون على ارتدائها تعبيرا عن انتمائهم واعتزازهم بموروثهم.
وأفادت بأن الطابع الخاص للأزياء النسائية لا يقتصر على «الدشداشة» فحسب، بل يشمل أيضا «اللحاف» الذي يطرز غالبا بتصاميم فريدة تتكامل مع الزخارف الرئيسية للزي، ليكونا معا لوحة تراثية متكاملة، مبينة أن بعض المحافظات تفضل التصاميم المطرزة بدقة، بينما تعرف أخرى بزخارفها الغنية التي تكاد تحاكي الطبيعة.
من التراث إلى المستقبل
وأشادت زينة السيفية بدور المصممين والمصممات العمانيين الذين يسعون بقوة للحفاظ على التراث، حيث يدمجون بين عناصر الزمان الماضي وخطوط الموضة الحديثة، فهم يضيفون لمسات عصرية دون أن تفقد التصاميم هُويتها العمانية، ونوهت إلى أن الكثير من المصممين والمصممات العمانيين يؤدون دورا فاعلا في إحياء التراث بأسلوب معاصر، حيث يعملون على دمج عناصر التطريز التقليدي مع تصاميم حديثة، ويدخلون خامات مبتكرة دون المساس بهُوية الزي العُماني.
خامات ترمز للمكان
وأوضحت أن الحفاظ على روح الزي مع إدخاله إلى السوق العصري ليس مهمة سهلة، بل يتطلب توازنا بين التطوير والبساطة دون تشويه الملامح الأساسية للزي التراثي. مشيرة إلى أن الخامات والتطريزات تختلف من محافظة لأخرى، فمثلا تشتهر محافظة الداخلية بالأقمشة المطرزة يدويا، بينما تبرز في ظفار الأقمشة الزاهية التي تحاكي أجواءها الخضراء، ما يجعل كل خامة بمثابة رمز للمكان. كما أشارت إلى أن الحفاظ على روح الأصالة مع تلبية متطلبات السوق المعاصر يتطلب توازنا دقيقا، كما أن بعض التفاصيل التراثية بحاجة إلى تبسيط مدروس لتتناسب مع الأذواق المتغيرة.
تصاميم بوعي ثقافي
مبينة أن الخطوة الأولى تكمن في دراسة موروث كل منطقة، وفهم العادات والتقاليد، ليتم بعد ذلك دمجها بتقنيات تصميم حديثة تراعي الذوق الشبابي دون فقدان الخصوصية الثقافية. ولفتت إلى أن الإكسسوارات، خاصة الفضة والعناصر المطرزة، تعد جزءا لا يتجزأ من هُوية الزي العُماني، إذ تستخدم في المناسبات لإضفاء طابع تقليدي يعكس عمق التاريخ وأصالة التراث. وأضافت أن التصاميم التقليدية لا تختفي، بل تتجدد بأساليب تواكب العصر. وأن إعادة تقديمها بأسلوب حديث، وعرضها في المعارض والفعاليات الثقافية، يضمنان بقاءها في الذاكرة، ويجذبان الجيل الجديد والسياح على حد سواء.
كما أكدت السيفية على أهمية دراسة كل منطقة بشكل منفصل عند العمل على خط أزياء جديد، لفهم مكوناتها الثقافية والتقاليد المرتبطة بها، مشيرة إلى أن نجاح التصميم يعتمد على الدمج الذكي بين العناصر التقليدية واللمسات العصرية التي ترضي الأجيال الجديدة. أما الإكسسوارات، فقد وصفتها السيفية بأنها «البصمة الختامية» للزي، موضحة أن الفضة والتطريزات الدقيقة تسهم في تعزيز الطابع التقليدي وتستخدم بكثرة في المناسبات الرسمية لإبراز الهُوية العُمانية الأصيلة.

0 تعليق